جماع بعد الطلاق

أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة
السؤال:
♦ الملخص:
رجل اختلف مع امرأته في أمر، فقدمت فيه شكوى، وطلبت الطلاق، وبعد أن طلقها اجتمعا معًا، وحدث بينهما جماع، ويسأل: هل يكون ذلك إرجاعًا لها؟
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم.
حصل خلاف يسير بيني وبين زوجتي الثانية بسبب أولادي، وتفاقمت المشكلة، وفي اليوم التالي ذهبت ورفعتْ عليَّ دعوى، وقالت: لن أسحب الشكوى إلا إذا طلقتها أمام شاهدين، وقد طلقتها، وبعد عدة أيام اجتمعت بها، وقلت لها: رددتك إليَّ، وجامعتها، فهل تكون هكذا رجعت إليَّ؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، وأسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: إذا أكرهتك زوجتك على الطلاق ظلمًا بتهديدك والافتراء عليك بهذه الشكوى، ولم يكن له مسوغ شرعي لإكراهك، فلا يقع هذا الطلاق، فإذا تحققت أو غلب على ظنِّك حصول السجن ظلمًا إن لم تطلق زوجتك - بحيث لم يوجد سبب شرعي للإكراه على طلاقها - فلا يقع طلاقك إذا أوقعته في هذه الحالة، ففي الفتاوى الكبرى لابن تيمية: "ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد إكراهًا".
ثالثًا: فإذا كنت لست مكرهًا، أو أكرهتك زوجتك بحقٍّ فقد وقع الطلاق، ما دمت طلقتها طلاقًا وأنت مختار قاصد، فإذا راجعتها في العدة، وكانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية، فقد عادت زوجة لك، فلا حرج عليك فيما فعلت؛ لأن الرجعة لا يشترط لها الإشهاد على الراجح من أقوال العلماء، ولا يلزم فيها إعلام أو رضا الزوجة باتفاق العلماء؛ قال ابن قدامة في المغني: "وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى وليٍّ ولا صداق، ولا رضا المرأة ولا علمها، بإجماع أهل العلم؛ لِما ذكرنا من أن الرجعية في أحكام الزوجات، والرجعة إمساك لها واستبقاء لنكاحها؛ ولهذا سمى الله سبحانه وتعالى الرجعة إمساكًا، وتركها فراقًا وسراحًا؛ فقال: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ َ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [الطلاق: 2].
وفي آية أخرى: ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229].
وإنما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد بها سبب زواله، فالرجعة تزيل شعثه وتقطع مضيه إلى البينونة، فلم يحتَجْ لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح".
أما إذا كانت هذه هي الطلقة الثالثة، ووقعت صحيحة، فلا يحل لك إرجاعها، إلا إذا تزوجت زوجًا غيرك، زوجًا صحيحًا متكامل الشروط والأركان.
رابعًا: ينبغي عليك سؤال أحد من أهل العلم الثقات في بلدك، فأمر الطلاق خطير، ويحتاج إلى تفاصيل وبينات، فلا نكتفي فيه بمجرد الكتابة.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz7M0LFRJYX