4452 - ( ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثاً ؛ إلا أتاهم الله برزق ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف

رواه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1370) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 322/ 1) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" كما في "اللآلىء" (2/ 73) من طرق عن عبد ة بن سليمان ، عن أبي رجاء الجزري ، عن فرات بن سليمان ، عن ميمون ابن مهران ، عن ابن عمر مرفوعاً . وقال البيهقي :
"إسناده ضعيف" .
قلت : وعلته أبو رجاء الجزري - واسمه محرز بن عبد الله - ؛ فإنه وإن كان ثقة عند أبي داود وابن حبان أيضاً ؛ إلا أن هذا قد وصفه بالتدليس فقال :
"يعتبر بحديثه ما بين فيه السماع عن مكحول وغيره" .
قلت : ولم يبين السماع - كما ترى - ، فهو العلة .
وهذا لا ينافي قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 256) :
"رواه أبو يعلى ، ورجاله وثقوا" .
وذلك ؛ لأن ثقة رجال السند لا تستلزم صحته كما نبهنا على ذلك مراراً ؛ خلافاً لغفلة بعضهم عن ذلك ؛ كالمناوي وغيره كما يأتي .
(تنبيه هام) : لقد تناقض ابن حبان في الجزري هذا ، فأورده في "الضعفاء" أيضاً (3/ 158) بكنيته هذه : أبي رجاء الجزري ، وقال :
"شيخ يروي عن فرات بن السائب وأهل الجزيرة المناكير الكثيرة التي لا يتابع عليها ، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد ، وهو الذي روى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر ..." !
قلت : فذكر الحديث ، وساق إسناده فقال : أخبرناه محمد بن المسيب قال :حدثنا أبو سعيد الأشج قال : حدثنا عبد ة بن سليمان ، عن أبي رجاء ، عن فرات ابن السائب به .
ومع هذا التناقض ففيه أمران :
الأول : قوله في الإسناد : "فرات بن السائب" ؛ شاذ مخالف للطرق المشار إليها عن عبد ة ؛ فإن فيها : "فرات بن سليمان" كما رأيت ، ومن تلك الطرق رواية ابن شاهين : حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي : حدثنا أبو سعيد الأشج به .
وإبراهيم هذا ؛ قال في "الميزان" وأقره في "اللسان" :
"لا بأس به" .
وتابعه محمد بن عبد الله بن نمير ، وهو ثقة من رجال الشيخين ، فقال أبو يعلى : حدثنا ابن نمير : أخبرنا عبد ة به .
وتابعهما أبو الخطاب زياد بن يحيى ، وهو ثقة من رجالهما أيضاً ، وهو في رواية البيهقي .
فاجتماع هؤلاء الثقات الثلاثة على أنه فرات بن سليمان يدل على شذوذ وخطأ من قال في رواية ابن حبان "فرات بن السائب" ، ولعل ذلك من شيخه محمد بن المسيب ؛ فإنه وإن كان مذكوراً في "تذكرة الحفاظ" ، فإنه لم يحك فيه توثيقاً صريحاً . والله أعلم .
والأمر الآخر : أنه إن كان راوي هذا الحديث فرات بن السائب فلا يجوز تعصيب الجناية في هذا الحديث بمن دونه ؛ لأن الفرات هذا شديد الضعف عند ابن حبان ؛ فقد قال في ترجمته من "الضعفاء" (2/ 207) :
"كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، ويأتي بالمعضلات عن الثقات ، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه ، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار" .
ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه :
"ليس حديثه بشيء" .
والخلاصة : أن ابن حبان أخطأ مرتين :
الأولى : تفريقه بين الجزري المسمى ، والجزري المكني ، وهما واحد !
والأخرى : إعلاله الحديث بالجزري المكني ، وحقه أن يعله بشيخه فرات بن السائب كما وقع عنده .
ومن الغريب أن لا يتنبه لهذا الخطأ رجلان :
الأول : الذهبي ؛ فإنه أورد الجزري المكني في "ميزانه" ، وساق تحته كلام ابن حبان في تخريحه مع الحديث ونسبته الفرات إلى السائب ! فكأنه نسي أنه أورد في "الكاشف" : محرز بن عبد الله أبو رجاء الجزري ؛ وقال فيه : "ثقة" . وقد تنبه لذلك الحافظ ابن حجر في "التجريد" الذي وضعه في آخر "اللسان" :
"أبو رجاء الجزري ، اسمه محرز بن عبد الله الأموي مولاهم ، عن مكحول ، وعنه أبو معاوية والمحاربي ؛ وثقه أبو حاتم" .
والرجل الآخر : المناوي ؛ فإنه تعقب السيوطي وقد عزاه للحكيم الترمذي فقط بأن فيه أبا رجاء الجزري ، ونقل خلاصة كلام الذهبي في "الميزان" ، وزاد عليه أن فيه فرات بن السائب ونقل تضعيفه عن جمع ، ثم قال :
"وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأشهر من الحكيم ممن وضع لهم الرموز ، مع أن أبا يعلى والبيهقي خرجاه باللفظ المذكور عن ابن عمر ، قال الهيثمي : "ورجاله وثقوا" ، فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه مع وجوده لذينك وصحة سندهما من ضيق العطن" ! أقول : من الواضح أن المناوي لم يقف على إسناد أبي يعلى والبيهقي ، وإلا لما فرق بين إسنادهما وإسناد الحكيم ؛ فإنه عندهما من طريق أبي رجاء الجزري أيضاً ، وهو علة الحديث عنده ! ثم زاد ضغثاً على إبالة ، فصحح إسنادهما اعتماداً على قول الهيثمي المذكور ! وقد نبهنا قريباً على أنه لا يعني الصحة .
ثم رجع المناوي إلى الصواب في "التيسير" فقال :
"إسناده ضعيف" ، ولم يزد .
وجملة القول ؛ أن علة الحديث إنما هي عنعنة الجزري هذا ، ولولاها لكان الحديث عندي جيداً ، والله سبحانه وتعالى أعلم .