حتى لا تسحق الفتاة المسلمة اجتماعياً في الدول الغربية


أحمد عباس





لماذا تخضع بعض الفتيات في مرحلة المراهقة وبداية الشباب تحت سطوة الضّغط الاجتماعي خاصة في المجتمعات الغربية التي تعاني فيها الأقليات والجاليات المسلمة بسبب العديد من الضغوط والممارسات التي تفاقم من حالة الإحساس بالغربة؟

ولماذا تغيّر الفتاة في بعض الأحيان آراءها ومعتقداتها الشّخصيّة لتتوافق الرأي السّائد أو الشّائع، حتّى ولو كان الرأي الشّائع خاطئًا؟

إذا كنت قد غيّرت رأيك أو سلوكك في يومٍ من الأيّام ليوافق رأي الأغلبيّة في إحدى الدّوائر الاجتماعيّة، فتصرّفك هذا يُعرَف في علم النّفس بالامتثال أو الإمّعيّة.

الامتثال يحدث عندما نغيّر تصرّفاتنا، سلوكيّاتنا، مواقفنا، أو حتّى معتقداتنا كردّة فعل لضغطٍ إجتماعيّ حقيقيّ أو مُتخيّل، وليس هنالك أيّ شكّ في أنّ جميعنا يخضع لعادات، تقاليد، أو مفاهيم اجتماعيّة معيّنة وبدرجاتٍ مختلفة.

لكنّ الأسئلة المركزيّة التي يجب أن تُطرَح في إطار دراستنا لظاهرة الامتثال هي: إلى أيّ مدى سنذهب في محاولة تغيير مفاهيمنا وآراؤنا الشّخصيّة لتوافق رأي الأغلبيّة؟

لماذا نمتثل لآراء، أذواق، مواقف، سلوكيّات، ومعتقدات الأغلبيّة، حتّى بدون ضغوط إجتماعيّة مباشرة؟

هنالك العشرات من الدّراسات في علم النّفس التي تحاول سبر أغوار العوامل الدّيناميكيّة التي تلعب دورًا هامًّا في خضوع الأفراد وامتثالهم لرأي المجموعة، ابتداءً من دراسات عالم النّفس الأمريكيّ سولومون أش في الخمسينات من القرن الماضي وحتّى دراسات عالم النّفس البريطاني رودي بوندي وغيرِهِ في الأعوام القليلة الفائتة.

معظم هذه الدّراسات تشير إلى سببين مركزيين لامتثال الفتيات لرأي الأغلبيّة: السّبب الأوّل هو رغبتهن في القبول من قبل المجموعة، ظاهرةٌ تُعرَف علميًّا بالتأثير الاجتماعي المعياري.

إذا تعرّضت كفتاة للسّخرية، التهكّم، أو حتّى الرّفض في يومٍ من الأيّام لمجرّد خروجك عن المألوف أو المتّفق عليه، فلقد جرّبت الضّغط النّاتج عن التأثير الاجتماعي المعياريّ.

السّبب الثّاني هو رغبة الفتيات في أن يكن محقّات، عندما نكون غير واثقين أو متشكّكين في صحّة حكمنا على الأشياء، عادة ما ننظر إلى المجموعة كمصدر للمعلومات الدّقيقة أو الموثوقة، ظاهرةٌ تُعرَف علميًّا بالتأثير الاجتماعي المعلومات.

بالإضافة إلى هذين السّببين المركزيّين، أبحاث أش وغيره من علماء النّفس أشارت إلى أنّ الإنسان معرّض أكثر للخضوع لرأي الأغلبيّة إذا توفّرت الشّروط الآتية: عندما تواجهين وتختلفين في الرأي مع مجموعة (مؤلفة على الأقلّ من 4 أو 5 أشخاص) متوافقة تمامًا على مسألة ما، أو عندما تضطّرين للتّصريح بآرائك ومعتقداتك علانية وأمام المجموعة.

-عندما لا تكونين قد صرّحت مُسبقًا بالتزامك لفكرة أخرى أو رأي آخر.

-عندما تجدين أنّ المهمّة صعبة أو غامضة.

-عندما تشكّين في معرفتك أو قدراتك في حالة أو مرحلة ما.

-عندما تكونين منجذبو جدًّا للمجموعة وتودّين أن تكوني عضوًا أو جزءً منها.

لكنّ دراسات أس وغيرِهِ أظهرت أيضًا أنّ هنالك عوامل تساعد في كسر حاجز الخوف وتعدّي الامتثال أو الإمّعيّة، وبالإمكان تلخيصها كالآتي:

-عندما يكون لديك حليف ضدّ رأي الأغلبيّة، غالبًا ما يضعف التأثير الاجتماعي للأغلبيّة، وتكونين أكثر جرأة على الخروج عن المألوف، ولهذا تنصح الفتاة المسلمة في المجتمعات والدول الغربية بمحاولة إحاطة نفسها دوماً بالصحبة الطيبة من الفتيات المسلمات الملتزمات صاحبات الأخلاق الحميدة والتربوية القويمة.

- احتماليّة مخالفة الأفراد لرأي المجموعة تزداد حتّى مع وجود مجرّد شخص آخر مخالف.

وتشير الأبحاث أيضًا إلى أنّ المعارضة والانشقاق عن رأي الأغلبيّة، حتّى لو كان الرّأي المنشقّ خاطئًا، من شأنها أن تشجّع على مقاومة سلطة الأغلبيّة وسلطة آرائها.

الأمر المثير للاهتمام أيضًا، أنّ الامتثال لرأي الأغلبيّة يقلّ حتّى لو كان هناك شكوك حقيقيّة حول كفاءة، أهليّة، أو مقدرة الشّخص، المجموعة، أو الجهات المنشقّة.