هيا بنا نختار طريقنا سوياً






كتبه/ سعيد السواح


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

أيها المسلم الحبيب:

هيا بنا نختار طريقنا سوياً.

أي طريق؟!

الطريق إلى الجنة.


أيها الحبيب، نقول لك: اتبع، ولا تبتدع.

إن قلنا ماذا تتبع؟ قال الله -تعالى-: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) (لقمان: 15)

فهيا بنا نوازن بين سبيل الاتباع وسبيل الابتداع، ثم لك بعد ذلك أن تختار، ولكن ما أردنا منك إلا أن تختار وأنت على بصيرة من أمرك.

فإن قلنا: لماذا تختار ذلك الطريق دون سواه؟

قال الله -تعالى-: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (لقمان:15)

فهذا هو السبيل الذي نحاسب على أساسه يوم القيامة.

ولقد قال الله -تعالى- لنا مرشداً لنا لكي نتبع هذا السبيل الذي اختاره لنا ربنا:

(وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام: 153)

وقال -سبحانه- متفضلاً علينا مبينا لنا هذا الصراط:

(اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف:3)

فكن أيها الحبيب من:

(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (الزمر:18)

ولا تكن:

(كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ) (الأنفال:21)

ولقد أمر الله -تعالى- رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكذا أمته أن يتبعوا ذلك الوحي المنزل من قبل الخالق -سبحانه- في توجيهه وإرشاده للمخلوقين.

(وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام:155)

(ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا) (الجاثية:18)

(اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام:106)

ولتعلم أيها الحبيب:

أن علامة الإيمان اتباع الحق من ربك:

(وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ) (محمد:3>

(فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف:157)

وعلامة محبة العبد لربه في اتباعه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (آل عمران:53)

(قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف:108)

ولتعلم أيها الحبيب:

أن نتائج اتباع الإنسان لهذا الحق:

(فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:38)

(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه:123)

ثم كانت البشرى للمتبع لهذا الحق في دعوة الملائكة له:

(فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِ مْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ) (غافر:7-9)

وفي المقابل:

فلقد حذر الله -تعالى- من اتباع الشيطان وأهل الضلال والزيغ:

(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (الكهف:28)

مصير اتباع الشيطان:

(قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا) (الإسراء:63)

﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص:85)

(وَأَتْبَعْناهم فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ ) (القصص:42)

وحذر الله -تعالى- من اتباع الهوى وغير سبيل المؤمنين.

- فإياك ثم إياك... واتباع الهوى.

- إياك ثم إياك... والاغترار بأهل الأهواء.

- إياك ثم إياك... وسبيل الغاوين.

- إياك ثم إياك... وسبيل المفسدين.

قال الله -تعالى- محذراً إيانا من الأهواء:

(وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ) (المائدة:48)

(وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) (المائدة:49)

(وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا) (الأنعام:150)

(وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (الأعراف:142)

بل عليك أيها الحبيب أن تعلن ذلك صراحة في وجوه أهل الأهواء.

وإياك أن تخشى في الله لومة لائم.

(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (الأنعام:56)

ولتعلم أيها الحبيب:

أن نتائج اتباع الهوى ألا يكون لك ناصر ولا معين.

(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:145)

(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) (البقرة:120)

(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ) (الرعد:37)

ولتعلم أيها الحبيب:

أن المعصوم من عصمه الله -تعالى-:

(وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء:83)

فإياك.. ثم إياك..

والعادات المانعة من اتباع ما أنزل الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-:

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا) (البقرة:170)

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا) (لقمان:21)

فإياك.. ثم إياك..

أن تكون وقودا لجهنم، فسبيلها هو ترك سبيل المؤمنين والإعراض عنه.

(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (النساء:115)

كيف تعرف أنك تابعاً لهواك:

فقد يظن الإنسان أنه أبعد ما يكون عن ذلك، ولكن انظر إلى هذا الميزان الذي أشار الله به علينا، فلتسمع إلى قول الحكيم الخبير، إلى قول الخلاق العليم:

(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (القصص:50)

أيها المسلم الحبيب:

فما الذي استقر عليه اختيارك؟

الاتباع أم الابتداع؟

لا شك أنك تختار سبيل الاتباع.

(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) (آل عمران:162,163)


فهيا بنا سويا إلى العمل والجد والاجتهاد..

هيا بنا نرسم هذا الطريق فهو طريقنا إلى الجنة بإذن الله.

(أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (يونس:35)