كيف تبعد ابنك عن التليفزيون في رمضان؟



نجاح شوشة





لرمضان في الطفولة مذاق خاص، مشاعر قوية ممتلئة بالبهجة والدفء العائلي، ففي رمضان تنجذب الحواس كلها في اتجاه الاحتفال والاهتمام بالشهر الكريم، فتختزن الصور البصرية للشوارع المضاءة، والزينة المميزة في البيوت، ومشاهد تجمع المصلين لأداء التراويح، والذكريات السمعية من أصوات الأدعية وقنوت الوتر، وأناشيد رمضان، وعلى مستوى جميع الحواس، ففي الثقافات المختلفة هناك أطعمة ومشروبات مميزة، وطابع يميز الحياة الاجتماعية.

لكن الأمر المؤسف حقا أن يتحول رمضان لشهر التليفزيون، فتختزل هذه الذكريات الإيمانية، والعائلية، والمشاعر الوجدانية، وتصبح أهم علامات رمضان لدى الصغار والكبار هي الإغراق في المسلسلات والبرامج، فحتى لو افترضنا أنها كانت هادفة ومنضبطة لكان الإغراق فيها في الشهر الكريم من عدم الفطنة وتضييع الأيام الثمينة، فما بالنا وهي تبعد القلب عن أجواء الإيمان، وتحببه إلى الفسوق والعصيان بجرأة على انتهاك حرمات الله وتهوينها، ومناقشة قضايا سافلة، تملأ القلوب غلّا وفرقة وتباغض وصراع على الدنيا، وتسود النفس بالشهوات المختلفة.

التربية الفعالة لا تعتمد على الكلمات والمواعظ بقدر ما تضع القدوة الصالحة في المقدمة، إذا رآك أطفالك متكالبا على التلفاز، سيفعلون مثلك، وإذا رأوك حريصا على الذكر والتلاوة وشهود الجماعة فستقل فتنتهم بسيل الدراما وإن كانت لن تنتهي، لأنهم يتأثرون بأطراف أخرى من حولهم.

هذه بعض النصائح التي تساعد – بإذن الله- على حفظ أبصار وأسماع أطفالنا، في الشهر الكريم وفي كل شهر:

1ـ أن يكون الأب والأم قدوة لأطفالهم في استغلال الوقت، والتوازن، فمن الجيد أن يرى الأطفال آباءهم يحسنون الترفيه والمرح الطيب كما يحسنون العبادة والاجتهاد في الخيرات، حتى لا يترسخ في عقولهم أن الجدية والاستقامة ترتبط بالتجهم وضيق الصدر، على العكس.. الانشراح والتبسم وتعدد أوجه الترفيه الحلال يُحصن الصغار والمراهقين من مزاعم باطلة تربط الاستقامة بالتعاسة، وهي سر السعادة.

2ـ الاشتراك في القنوات الهادفة، ومتابعة البرامج الجيدة بقدر معقول، مع الاستعانة بشبكة الإنترنت، في تنزيل المواد الجيدة الهادفة، ومشاركة الأطفال في مشاهدتها والتفاعل معها، حتى وإن كانت متعلقة بالصغار يحمسهم على متابعتها.

3ـ تعويد الطفل من الصغر على الخروج واللعب الحر، وممارسة الرياضة ولقاء الأصحاب، حتى لا تصبح الشاشات هي البديل الوحيد للترفيه، كلما تحرك الجسم، وزادت حصة النشاط الاجتماعي قل إقبال الأطفال على التليفزيون.

4ـ سيطر على الموقف.

والسيطرة هنا لا تعني الأمر والنهي والمراقبة الشديدة، وإنما تعني أن يكون لدي الوالدين خطة، وأن يتعاونا على توفير البدائل، وألا يتركا الوقت للظروف، وأن يخططا للخروج والتنزه مع الأطفال، وعمل مسابقات مفيدة فيما بينهم، وجمعهم في لقاءات عائلية مع أطفال آخرين، وغير ذلك من الأفكار التي توفر بديلا أفضل لديهم من التسمر أمام الشاشات.

5ـ امنح وقتا..

في رمضان نشعر بأهمية الوقت، ونريد اغتنام كل دقيقة، ويقع على عبء الأمهات مهام عديدة، لكن هذا لا يعني إهمال الأطفال، أو تركهم أمام التلفاز للتخلص من مطالبهم، يمكن شغلهم بما ينفع، أو الاشتراك لهم في معسكرات جيدة يلتقون خلالها صحبة صالحة، وينشغلون بما يفيد، كما أن الوقت معهم عبادة إذا ما احتسبها الأب/ الأم إحسانا في تربيتهم.

6ـ جزء من المسؤولية

اشغل وقت طفلك بالخير، وعلمه تحمل المسؤولية والإحساس بالآخرين في الوقت ذاته، بأن توكل إليه مهمة مناسبة طوال الشهر، يؤديها كل يوم، على أن تكون مناسبة لقدراته، وأن يكون مسؤولا عنها تماما، فيشعر بأهميته، مثل مساعدة أمه في أمر ما، أو متابعة إخوته الأصغر في الصلاة مثلا، أو شراء شيء... أيّا كان نوع المهمة من المهم أن تعطه قواعد أدائها، وتتفقا سويا على الخيارات المتاحة ثم تعهد بها إليه دون مراقبة كثيفة، وسواء كان ولدا أم بنتا فإن تعويده المشاركة في البيت أمر هام، فقد كان صلى الله عليه وسلم "في مهنة أهله".