الرحمة الرحمة.. فهن صائمات أيضا



هناء المداح





يثقل الكثير من الأزواج كواهل زوجاتهم، ويزيدهن رهقا بكثرة المطالب، وتحميلهن ما لا يطقن من ضغوط في شهر رمضان الكريم، متناسين أنهن صائمات مثلهم أيضا، ومتعبات بسبب الالتزامات، والأعباء المنزلية، وضغوط العمل الكثيرة خارج البيت – إن كن عاملات؛ الأمر الذي يحزن هؤلاء الزوجات، ويشعرهن بأنهن وحيدات في هذه الحياة – رغم كثرة من حولهن..

فمن الأزواج من يزيد انفعالهم، وعصبيتهم لأتفه الأسباب وهم صائمون، وقد تصل هذه العصبية إلى حد الشتم، والسب، والضرب، بل وهناك من يطلقون زوجاتهم، ويخربون بيوتهم لأسباب واهية في رمضان – خاصة لو كان هؤلاء الأزواج من المدخنين الذين يحرمهم الصوم تعاطي السجائروشرب المكيفات لساعات طوال..

ومن الأزواج من يرهقون زوجاتهم بتجهيز عزومات كثيرة على مدار الشهر ويطلبون منهن إعداد أصناف كثيرة من الأطعمة، والأشربة، والحلوى التي تحتاج إلى وقت طويل، وجهد مضنٍ، غير ملتفتين أن هذا الشهر هو شهر عبادة وطاعة، وتغذية للأرواح والنفوس والقلوب؛ لتمتلئ وتعمر بالإيمان، والتقوى، وليس شهرا لتغذية البطون،!..

فالزوجة ليست آلة فولاذية صلبة دائمة العمل، وغير قابلة للعطل أو التوقف، وإنما هي إنسانة من لحم ودم، لها طاقة محدودة، وعرضة إلى الوهن والضعف والانفعال نتيجة ما تعاني من ضغوط على المستويات كافة..

وإن لم يدرك زوجها الذي يشاركها الحياة هذه الحقيقة المؤكدة؛ وإن لم يشعر بها، ولم يكن لها معينا وداعما، ورفيقا بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ سيتسبب في إصابتها بالإحباط واليأس والغربة، وسيحرمها الحق في الاستمتاع والسعادة في هذه الحياة التي يصعب على الفرد أن يعيش فيها بمفرده – خاصة لو كان متزوجا بالفعل، وفي حياته شخصٌ آخر من المفترض أن يشاركه كل تفاصيل الحياة - خيرها، وشرها، وحلوها، ومرها..

فما الذي يضير الزوج إذا شارك زوجته في إعداد الطعام في رمضان، ولم يرهقها بتجهيز أنواع مختلفة من المأكولات؟!..

ماذا سيصيبه – إن صبر عليها لو تأخرت دقائق معدودات عند تجهيز الإفطار، ولماذا يتركها وحدها تفعل كل شيء ويكتفي هو بمشاهدة التلفاز، أو الجلوس أمام جهازه النقال لتصفح الإنترنت بدعوى أنه صائم وليست عنده طاقة لفعل أي شيء؟!..

ليكن شهر رمضان المبارك فرصة طيبة للتعاون، والإيثار، والصبر، والرحمة بين الزوجين، لتحقيق الأهداف المرجوة من الصوم الذي يربي، ويهذب الأنفس، ويضبط السلوك، والانفعالات، ويزكي الأرواح، ويطهر القلوب، ويدرب العباد على الصبر، وتقوى الله.