هل الحج فيه شعائر وثنية ؟ وهل الإسلام نقل من الوثنيين مناسكهم ؟


موقع المحاورون





السؤال :


إذا كان الإسلام حارب الأوثان والأصنام فلماذا ينقل عن الوثنيين مناسكهم ويأمر المسلمين بعبادة الكعبة والتوجه لها في صلاتهم وتقبيل الحجر الأسود والتعبد برمي الجمرات؟ وكيف نرد على من يقول أن الإسلام أخذ من العرب الوثنيين شعائرهم وقلدها ؟
وما الحكمة من الطواف ورمي الجمرات وغير ذلك؟
من فضلكم ردوا لي على هذه الشبهة .


الجواب :


سيكون الجواب في أربعة محاور إن شاء الله :
أولًا : الفرق الشاسع بين الوثنية وبين شعائر الحج والعمرة في الإسلام.
ثانيًا : مظاهر التوحيد في الحج .
ثالثًا: بطلان قول من يدعي أن الإسلام نقل من الوثنيين بعض شعائرهم.
رابعًا: الحِكَم التفصيلية لبعض أفعال الحج والعمرة.


المحور الأول: الفرق الشاسع بين الوثنية وبين شعائر الحج والعمرة في الإسلام .

الإسلام لم يأمر الناس بعبادة الكعبة مطلقًا كما هو مذكور في السؤال، والفرق كبير جدًا بين شعائر الحج وبين أفعال الوثنيين، فالوثنية هي: صرف العبادة للوثن أو اعتقاد صفات الألوهية فيه، ويجب أن يُضبط هذا التعريف لنميز بين ما هو وثني من غيره، وبضبطه يتضح أن الوثنية ليست موجودة في أي شعيرة من شعائر الإسلام ولله الحمد والمنة.
كما أن المشرك في حجه وعبادته يتوجه مباشرة إلى الأصنام والأحجار، تكون هي المقصودة بعبادته، ويعتقد فيها الألوهية والربوبية ويعتقد فيها النفع والضر، ويعتقد بعضهم أنها واسطة بينه وبين الله عز وجل، فالعبادة والدعاء تكون لهذه الأصنام والأحجار من دون الله جل علاه أو إشراكًا معه .
ولكن في الإسلام أنت لا تعبد إلا الله جل علاه، ولا تقصد بعبادتك إلا وجهه سبحانه وتعالى، لا تطوف للكعبة ولا لحجر وإنما تطوف لله سبحانه، ولا تعتقد في أي شيء مطلقًا أنه ينفع أو يضر، ولا تتوجه له بعبادة أو دعاء قط، بل تعبد الله وتدعو الله وترجو الله وتخاف الله وحده لا شريك وتجهر بهذا مرارًا وتكرارا في التلبية (لبيك لا شريك لك لبيك)،
ومن يفعل غير هذا في الإسلام، أو يعتقد النفع والضر في الكعبة، أو يتوجه لها لذاتها أو يصرف عبادة لها فهو مشركٌ ضال مُضل .


وهذا المعنى (تحريم الشرك وتحريم صرف أي عبادة لغير الله) جاء تأكيده في القرآن مرات ومرات، وتم تأصيله من زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى فيما يخص شعائر الحج، لذا يقول المسلم عند بداية الطواف من الحجر : “اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد “، ليكون الأمر واضحًا أن مناسك الحج والعمرة لله وحده وليس لغيره، وجاء عن عمر بن الخطاب أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: “إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك”. وأكد الإسلام على هذا الأمر وأنها لا تنفع ولا تضر .

ولذا لا يجوز شرعًا في الإسلام مجرد التمسح بالكعبة أو التبرك بها فضلًا عن دعائها وعبادتها، ويُعتبر هذا من الشرك، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالكعبة، وروى النسائي” .. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة … “.
ومما يؤكد هذا أيضا أن المسلمين صلوا باتجاه المسجد الأقصى فترة طويلة، فالكعبة ليست مقصودة بذاتها وإنما التوجه لله والصلاة له سبحانه وتعالى باتجاه القبلة التى يرضاها لعباده، ونحن ما علينا إلا التسليم سواء أمرنا المولى بالصلاة نحو المسجد الأقصى أو إلى الكعبة، فكيف يتساوى المسلم بمن يعبد الأصنام ويدعوها ويرجوها ! شتان بين الأمرين، وليس في شعائر الإسلام أي مظاهر للوثنية.

المحور الثاني: مظاهر التوحيد في الحج .


وكيف يُصدّق القول بأن شعائر الإسلام تشابه الوثنية، والحج من أعلى مقاصده إعلاء التوحيد وهدم الشرك!؟، وهذا يتضح في العديد من المظاهر، منها على سبيل المثال:
التأكيد على أن البيت الحرام بُني لله وحده لا شريك له، ولعباده الموحدين.


قال عز وجل في كتابه الكريم {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود}، وقال ابن كثير في تفسيرها :
(أن لا تشرك بي) أي : ابنه على اسمي وحدي،(وطهر بيتي) قال مجاهد وقتادة : من الشرك،(للطائفين والقائمين والركع السجود) أي: اجعله خالصا لهؤلاء الذين يعبدون الله وحده لا شريك له “.

إزالة النبي صلى الله عليه وسلم لكل مظاهر الشرك. حيث طهر النبي عليه الصلاة والسلام البيت الحرام من من كل الأصنام ومن الشرك ومظاهره، حتى أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – أبا بكر الصديق” أن يؤذن في الناس ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان”.
كذلك لا يفتأ الحاج من ترديد أذكار التوحيد والدعاء في كل المناسك، بل وجُعلت المناسك لهذا أصلا.
فالتوحيد مقترنٌ بمناسك الحج ملازمٌ لها، ابتداءً من التلبية بقول الحاج والمعتمر “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”، كذلك في الطواف والسعي ورمي الجمار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله”.
والتلبية: هي الإجابة، وهي دليل على الاستسلام والانقياد لله تعالى محبة ورجاء له وحده وخوفا منه وحده، ففي هذه الجملة القصيرة نفي الشريك عنه سبحانه، والاعتراف له بالحمد، والإقرار بنعمته، والاعتراف بملكه؛ ولذا كان إله الحق، وما سواه من الآلهة فآلهة باطلة. وكذلك في الطواف والسعي ورمي الجمار . وجاء عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها- أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ”، وفي السعي عند الوقوف على الصفا والمروة يُسن ذكر الله والدعاء طويلًا، ونفس الشئ عند رمي الجمرات، لأن غاية الحج ترسيخ التوحيد في القلوب.

كذلك من مظاهر توحيده سبحانه وتعالى في الحج والعمرة: إفراد الله عز وجل بالحُكم والتشريع، والتسليم المطلق له عزوجل، واتباع هدى نبيه صلى الله عليه وسلم دون غيره.
فالمؤمن ما طاف بالبيت ولا سعى بين الصفا والمروة ولا رمى الجمرات إلا استسلامًا لأمر الله تعالى وقبولا لشرعه، وفي التسليم توحيد وهو حقيقة الإسلام، وكذلك كل شئ يفعله بدقة متناهية فلا يجوز أن يطوف ست مرات بدلًا من سبع وهذا دليل على تمام الانقياد لشرع الله والتسليم له، ولا يتبع إلا هدى النبي كما قال عليه الصلاة والسلام: “خذوا عني مناسككم “، فلا يُؤخذ الدين إلا من طريقه، ولا يُفعل إلا ما أمر الله به دون تعدٍّ أو تفريط ولو بمقدار بسيط وهذا تمام التوحيد والعبودية لله وحده.

المحور الثالث: بطلان قول من يدعي أن الإسلام نقل من الوثنيين بعض شعائرهم .
• ولا يخفى على أحد تدليس وجهل مَن يقول بأن الإسلام أخذ من العرب بعض شعائرهم الوثنية؛ لأن شعائر الحج كالطواف والسعي وغيرها كانت مستقرة عند العرب منذ زمن نبي الله إسماعيل – عليه السلام – ولكن على الصورة الصحيحة الشرعية والتوحيد الخالص، وبقيت كذلك قرونًا طويلة إلى أن دخل الشرك للعرب فأدخلوا مظاهر الوثنية في الحج كتحريف التلبية وجعلها لشريك مع الله، وكجعل العبادة في الحج للأصنام والأوثان وغيرها من مظاهر الشرك، فما عندهم من شعائر هى من بقايا الحنيفية الصحيحه ومن بقايا دين سيدنا إبراهيم – عليه السلام -، ومن هنا لا يصح مطلقا أن يقول أحد أن الإسلام شابه الوثنية في الطواف أو السعي أو غير ذلك مما هو في الحج، وإنما الصحيح أن هؤلاء الوثنيين هم من أخذوا من الإسلام والحنيفية والتوحيد بعض الشعائر ولكن حرفوها وبدلوا فيها وأضافوا عليها مظاهر الشرك، فنحن الأصل، وهذه الشعائر كانت أولًا على التوحيد والحق، وليس الوثنيون هم من قاموا بها ونحن أخذنا منهم، وهذا المعنى لابد أن يُدرك جيدًا .
• لذا لما تحرج المسلمون من السعي بين الصفا والمروة لأنهم كانوا في الجاهلية يسعون بين صنمين هما إساف ونائلة، أبطل الله الصنمين وأبقى شعيرة السعي، وأنزل سبحانه {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}. وقال عليه الصلاة والسلام “كُتب عليكم السعي فاسعوا”، فالحق يبقى ويُزال فقط ما فيه من باطل وشرك دون أن يُترك بالكلية، ولا تُترك الشعائر الصحيحة لتشابهها مع بعض أفعال المشركين، لذا لا يطلب عاقل بترك شعيرة أو حُكم في الإسلام كالحجاب لوجوده عند بعض طوائف اليهود ! .
المحور الرابع: الحِكَم التفصيلية لبعض أفعال الحج والعمرة.


قبل أن نشرع في ذكر الحِكم التفصيلية، لا بد من التأكيد على أهمية التسليم والامتثال لأمر الله تعالى، سواء علم العبد الحِكمة أم لا، وهذا من أعظم مقاصد التكاليف الشرعية؛ لما يقتضيه من ظهور معاني العبودية الخالصة لله تعالى، مع اليقين بأن الله سبحانه حكيم عليم؛ كما قال عزوجل {إن ربك حكيم عليم} فله الحكمة البالغة في كل شيء وهو العليم بكل شيء وما شرع أمرا إلا لعلة عظيمة وغاية محمودة وإن خفيت على العباد.
ونشير إلى أن بعض أهل العلم يرون أن شعائر الحج من التشريعات غير معقولة المعنى، والتي كُلِّف العبد بها ليتم انقياده.
قال ابن حجر رحمه الله: “وفي قول عمر هذا [يعني قوله: إنك حجر لا تضر ولا تنفع …] التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها. وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله، ولو لم يعلم الحكمة فيه “.

إلا أن بعض أهل العلم يرى أن في شعائر الحج حِكمًا تفصيلية، منها ما دلت عليها النصوص ومنها ما هو أمور اجتهادية، نذكر بعضا منها على سبيل المثال:
الحِكمة من بناء الكعبة.
الكعبة هي بيت الله الحرام الذي جعله مثابةً وأمنًا وملاذًا لأهل طاعته، بُني ليُعظَّم الله عنده ويُعبد، قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.
وقال جل شأنه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }.
قال ابن كثير: “أَيْ: لِعُمُومِ النَّاسِ، لِعِبَادَتِهِمْ ونُسُكهم، يَطُوفون بِهِ ويُصلُّون إِلَيْهِ ويَعتكِفُون عِنْدَهُ”.
وجعله الله قياما للناس كما قال تعالى {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ}.

ومعنى {قِيَامًا لِلنَّاسِ} كما ذكر السعدي في تفسيره:
“يقوم بالقيام بتعظيمه دينُهم ودنياهم، فبذلك يتم إسلامهم، وبه تحط أوزارهم، وتحصل لهم بقصده العطايا الجزيلة، والإحسان الكثير، وبسببه تنفق الأموال، وتتقحم من أجله الأهوال ويجتمع فيه من كل فج عميق جميع أجناس المسلمين، فيتعارفون ويستعين بعضهم ببعض، ويتشاورون على المصالح العامة، وتنعقد بينهم الروابط في مصالحهم الدينية والدنيوية”.
وهذه من المقاصد العظيمة والأسرار البليغة التي وضعها الله في بيته الحرام.

الحِكمة من الطواف بالكعبة واستقبالها في الصلاة.

أما الحِكمة من الطواف فقد بينها النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: “إنما جُعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله”.
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – :
“فالطائف الذي يدور على بيت الله تعالى يقوم بقلبه من تعظيم الله تعالى، ما يجعله ذاكرًا الله تعالى، وتكون حركاته بالمشي والتقبيل، واستلام الحجر، والركن اليماني، والإشارة إلى الحجر ذكرًا لله تعالى؛ لأنها من عبادته، وكل العبادات ذكر لله تعالى بالمعنى العام؛ وأما ما ينطق به بلسانه من التكبير، والذكر، والدعاء فظاهر أنه من ذكر الله تعالى”.

وكذلك توجه المسلمين إلى الكعبة في صلاتهم فهو توجه إلى البيت الذي شرفه الله وجعله قبلة للطائعين، وهو أيضًا من قبيل التسليم للنصوص مع ما استقر في نفوسهم أنها لا تضر ولا تنفع.
وقد ذكر بعض العلماء أن العرب كانوا يعتزون بالبيت فتعبدهم الله باستقبال المسجد الأقصى، فلما أطاعوا الله في ذلك حولهم للمسجد الحرام ليربيهم على الطاعة له والاتباع لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فالله هو مالك جميع الجهات والأماكن فهو يوجه من شاء لما شاء، كما قال الله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.

الحِكمة من السعي بين الصفا والمروة:
ورد في حديث قصة ترك إبراهيم هاجر وإسماعيل في مكة: “فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات”. قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فذلك سعي الناس بينهما” الحديث.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي:
“وقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: “فذلك سعي الناس بينهما”، فيه الإشارة الكافية إلى حكمة السعي بين الصفا والمروة؛ لأن هاجر سعت بينهما السعي المذكور، وهي في أشد حاجة، وأعظم فاقة إلى ربها، لأن ثمرة كبدها، وهو ولدها إسماعيل تنظره يتلوى من العطش في بلد لا ماء فيه، ولا أنيس، وهي أيضا في جوع، وعطش في غاية الاضطرار إلى خالقها جل وعلا، وهي من شدة الكرب تصعد على هذا الجبل، فإذا لم تر شيئا جرت إلى الثاني فصعدت عليه لترى أحدا، فأمر الناس بالسعي بين الصفا والمروة ليشعروا بأن حاجتهم وفقرهم إلى خالقهم ورازقهم، كحاجة وفقر تلك المرأة في ذلك الوقت الضيق، والكرب العظيم إلى خالقها ورازقها، وليتذكروا أن من كان يطيع الله كإبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: لا يضيعه، ولا يخيب دعاءه. وهذه حكمة بالغة ظاهرة دل عليها حديث صحيح “.

الحِكمة من رمي الجمار:
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
“فذكر الله الذي يشرع الرمي لإقامته، هو الاقتداء بإبراهيم في عداوة الشيطان، ورميه، وعدم الانقياد إليه، والله يقول: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ}، فكأن الرمي رمز وإشارة إلى عداوة الشيطان التي أمرنا الله بها في قوله: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} وقوله منكرًا على من والاه: {أَفَتَتَّخذونه وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ}، ومعلوم أن الرجم بالحجارة من أكبر مظاهر العداوة”.