لمن أراد الهداية











(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)

كتبه/ أحمد فريد.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

القرآن يهدي إلى أقوم العقائد، والأخلاق، والأقوال، والأعمال.

فالقرآن كلام الله عز وجل، وكما يقولون: كلام الملوك، ملوك الكلام.

القرآن شفاء لما يصيب القلب من أمراض الشبهات والشهوات ، قال الله -عز وجل-: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا)<الإسراء:82>

فمهما اقترب العبد من القرآن، بكثرة التلاوة، والقيام به، ومدارسته، ارتقت أحوله، وزكت أعماله، وصحت عقائده، وحسنت أخلاقه، وذلك لاشتمال القرآن على العقائد الصحيحة، والأخلاق النبيلة، والقصص القرآني الذي يرتفع بمستوى الأمة الإيماني، والأخلاقي، ويغرس فيهم الفضائل وكذا اشتماله على الترغيب في الخير والترهيب من الشر، والمؤمن إذا رغب في الخير رغب، وإذا خوف من الشر هرب، ولا خير فيمن إذا زجر لا ينزجر، وإذا أمر لا يأتمر، وكذا يشتمل على صفات المؤمنين والمتقين، وأن العاقبة لهم في الدنيا، ويوم يقوم الناس لرب العالمين، وما أعد الله -عز وجل- لأوليائه في الجنة من الخير العميم، والرزق الكريم، وما أعد لأعدائه من الجحيم، والعذاب الأليم.

قال عثمان -رضي الله عنه-: لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم.

وقال عبد الله -رضي الله عنه-: من أراد أن يعرف أنه يحب الله، فليعرض نفسه على القرآن فإن أحب القرآن فإنه يحب الله فإن القرآن كلام الله. وكان يقبل المصحف ويقول، كلام ربي كلام ربي.

وقال خباب بن الأرت -رضي الله عنه- لرجل : تقرب إلى الله ما استطعت ، واعلم أنك لم تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه .

فينبغي على من نصح نفسه، وأحب نجاتها، وآثر سعادتها، أن لا يغفل عن القرآن، وأن يداوم على تلاوته آناء الليل، وأطراف النهار، لعل الله -عز وجل- أن يهديه للتي هي أقوم.

قال ابن القيم -رحمه الله-: من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان، منهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز، ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام، منهم من يعرفه بالعلم والحكمة، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر واللطف، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك، ومنهم يعرفه بإجابة دعوته، وإغاثة لهفته، وقضاء حاجته.

وأتم هؤلاء معرفة من عرفه من كلامه، فإنه يعرفه ربا قد اجتمعت له صفات الكمال، ونعوت الجلال، منزه عن المثال، بريء من النقائص والعيوب، له كل اسم حسن، وكل وصف كمال، فعال لما يريد، فوق كل شيء، ومع كل شيء، وقادر على كل شيء، ومقيم لكل شيء، آمر ناه، متكلم بكلماته الدينية والكونية، أكبر من كل شيء، وأجمل من كل شيء أرحم الراحمين، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين، فالقرآن أنزل لتعريف عباده به، وبصراطه الموصل إليه، وبحال السالكين بعد الوصول إليه.