ترتيب ما سيحصل يوم القيامة من أهوال

قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
" الذي قرَّرَهُ المحققون من أهل العلم أنَّ ترتيب ما يحصل يوم القيامة كالتالي :
1 - إذا بُعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر ،
ثم يقومون في أرض المحشر قياماً طويلا ،
تشتد معه حالهم وظمؤُهُم ،
ويخافون في ذلك خوفاً شديداً ؛
لأجل طول المقام ، ويقينهم بالحساب ، وما سيُجري الله - عز وجل – عليهم.

2 - فإذا طال المُقام رَفَعَ الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم أولاً حوضه المورود ،
فيكون حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة ،
إذا اشتد قيامهم لرب العالمين ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .
فمن مات على سنّته ، غير مًغَيِّرٍ ولا مُحْدِثٍ ولا مُبَدِّلْ : وَرَدَ عليه الحوض ، وسُقِيَ منه ،
فيكونُ أول الأمان له أن يكون مَسْقِيَاً من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم ،
ثم بعدها يُرْفَعُ لكل نبي حوضه ،
فيُسْقَى منه صالح أمته.

3 - ثم يقوم الناس مُقاماً طويلاً ،
ثم تكون الشفاعة العظمى - شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم- بأن يُعَجِّلَ الله - عز وجل - حساب الخلائق ،
في الحديث الطويل المعروف : أنهم يسألونها آدم ثم نوحاً ثم إبراهيم ، إلى آخره ،
فيأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له :
يا محمد ، ويصِفُونَ له الحال ، وأن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب ،
فيقول صلى الله عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك ، يقول ( أنا لها ، أنا لها ) ،
فيأتي عند العرش ، فيخر فيحمد الله - عز وجل - بمحامد يفتحها الله - عز وجل - عليه،
ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك ،
وسل تُعْطَ واشْفَعْ تُشَفَّعْ ،
فتكون شفاعته العظمى في تعجيل الحساب.

4 - بعد ذلك يكون العرض - عرض الأعمال.

5 - ثم بعد العرض يكون الحساب.

6 - وبعد الحساب الأول تتطاير الصحف،
والحساب الأول من ضمن العرض ؛
لأنه فيه جدال ومعاذير ،
ثُمَّ بعد ذلك تتطاير الصحف ،
ويُؤْتَى أهل اليمين كتابهم باليمين ،
وأهل الشمال كتابهم بشمالهم ،
فيكون قراءة الكتاب.

7 - ثم بعد قراءة الكتاب :
يكون هناك حساب أيضاً لقطع المعذرة ،
وقيام الحجة بقراءة ما في الكتب.

8 - ثم بعدها يكون الميزان ،
فتوزن الأشياء التي ذكرنا.

9 - ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج ؛
أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله ،
وتُقَامْ الألوية -ألوية الأنبياء- لواء محمد صلى الله عليه وسلم ،
ولواء إبراهيم ،
ولواء موسى إلى آخره ،
ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم ، كل شَكْلٍ إلى شكله .
والظالمون والكفرة أيضاً : يُحْشَرُونَ أزواجاً ،
يعني متشابهين كما قال : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ )
الصافات/22-23 ؛
يعني بأزواجهم : أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين ،
ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة ،
ويُحْشَرْ منكرو البعث مع منكري البعث ، وهكذا.

10 - ثُمَّ بعد هذا يَضْرِبُ الله - عز وجل - الظُّلمة قبل جهنم والعياذ بالله ،
فيسير الناس بما يُعْطَونَ من الأنوار ،
فتسير هذه الأمة وفيهم المنافقون ،
ثُمَّ إذا ساروا على أنوارهم ضُرِبَ السُّور المعروف ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى ) الحديد/13-14. الآيات ؛
فيُعْطِيْ الله - عز وجل - المؤمنين النور ، فيُبْصِرُون طريق الصراط ،
وأما المنافقون فلا يُعْطَون النور ،
بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في النار ،
يمشون وأمامهم جهنم والعياذ بالله.

11 - ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم أولاً ويكون على الصراط ، ويسأل الله - عز وجل - له ولأمته فيقول : ( اللهم سلّم سلم ، اللهم سلّم سلم ) ؛
فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم ،
وتَمُرُّ أمته على الصراط ، كُلٌ يمر بقدر عمله ،
ومعه نور أيضاً بقدر عمله ،
فيمضي مَنْ غَفَرَ الله - عز وجل - له،
ويسقط في النار ، في طبقة الموحّدين ، من شاء الله - عز وجل - أن يُعَذبه .
ثم إذا انتهوا من النار : اجتمعوا في عَرَصَات الجنة ،
يعني في السّاحات التي أعدها الله - عز وجل - لأن يقْتَصَّ أهل الإيمان بعضهم من بعض ،
ويُنْفَى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل.

12 - فيدخل الجنة أول الأمر ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم :
فقراء المهاجرين ، فقراء الأنصار ،
ثم فقراء الأمة ،
ويُؤَخَّر الأغنياء لأجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق ،
ولأجل محاسبتهم على ذلك " .

"شرح الطحاوية" (ص 542) بترقيم الشاملة
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى