فضح الموت الدنيا وضيع هيبتها!









كتبه/ إبراهيم جاد


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

عندما تأخذنا الدنيا فنبحث عن كل طريق لجمع المال وزيادة الثروة؛ لتشييد البيوت والعمارات، وربما بعضنا لا يلتفت إلى حله وحرامه، عندها يتذكر المتقون الحقيقة المدوية: أن الموت فضح الدنيا، وضيَّع هيبتها، وأحرق شهواتها، وقطع آمالها، فيعدوا العدة بالحلال الخالص وإن طال أمده، واشتد أمره، وصعب مناله، للنعيم المقيم، والسعادة الدائمة في الآخرة.

عندما تأخذنا الزخارف وتأسرنا المناظر والمفاتن، وتغرقنا الملاهي لأهل الترف وهم يحصدون الأرصدة ويتناولون بسهولة ويسر جميع الملذات والشهوات، فتعشش في القلوب حب الدنيا فيتذكر المتقون أن الموت فضح الدنيا وضيع هبيتها، فيعدوا العدة بالحلال الخالص، وإن صعُب الوصول إليه وأحكم الباب عليه وشق عليهم الوصول إليه للنعيم المقيم والسعادة الدائمة في الآخرة.

عندما يصاب أهل الديانة بالمحن والمصائب، وفقد الآباء أو الأولاد أو الأحباب أو تشتد عليهم الأمراض والأوجاع والبلاء، والألم في حين أهل المعاصي في راحة ودعة، وبراح وسعة، وشهرة واسعة؛ عندها يتذكر المتقون الحقيقة: أن الموت فضح الدنيا وضيع هبيتها، فيعدوا العدة للنعيم المقيم، والسعادة الدائمة في الآخرة.

عندما تسمع وترى حجم النفقات في الحفلات والسهرات التي يغلب عليها الغناء المحرم والاختلاط المحرم في حين أنك تبحث عما يسترك ويستر بيتك وأهلك ويقضي أمرك؛ عندها يتذكر المتقون الحقيقة: أن الموت فضح الدنيا وضيع هبيتها، فيعدوا العدة للنعيم المقيم والسعادة الدائمة في الآخرة.

عندما ترى الأخواتُ الفاتناتِ وهن يتباهين بلباسهن الباهظ الثمن وحليهن وزينتهن العالية الكلفة وسياراتهن الفاخرة، وغير ذلك، عندها تتذكر المتقيات الحقيقة: أن الموت فضح الدنيا، وضيَّع هبيتها، فيعدوا العدة للنعيم المقيم والسعادة الدائمة في الآخرة.

نعم والله ضاعت هيبة الدنيا، وأي هيبة لدنيا يعلوها ويغلبها وينهيها ويقطعها ويقضي عليها الموت؟!

أيها المتقون الصالحون ... الموت فضح الدنيا.

أيها العصاة المجرمون ... الموت فضح الدنيا.

أيها المقصرون المذنبون ... الموت فضح الدنيا.

أيها الغافلون اللاهون النائمون ... الموت فضح الدنيا وضيع هيبتها.

أيها الغارقون المنعمون في الدنيا ... الموت فضح الدنيا.

أيها العقلاء والحكماء ... الموت فضح الدنيا.

إذًا ما الحيلة؟!

يا عباد الله ... النتيجة معروفة محفوظة منذ بدء الخليقة: أن الموت نهاية كل حي، والكل إلى زوال وفناء "كل من عليها فان".

هل مِن العقل أن ننشغل بالفاني ونترك الباقي؟!

هل من العقل أن نعمّر الدنيا بخراب الآخرة؟!

فيا أيها الناس ... الحيلة تكمن في:

أولًا: في الاستعانة بالله -عز وجل-، والانسلاخ من الحول والطول والقوة، إلى حوله وقوته وطوله -جل وعلا-، فالخالق قادر، والمحيي قادر، والمميت قادر؛ فهو مِن خلق وأحيا، وأمات وأحيا، فمرغوا أنوفكم له ليعيننا ويكفينا شر الدنيا والآخرة.

ثانيًا: التقوى مفتاح المفاتيح، وسر الأسرار، فالتقوى مدارها في الصدر، وأثرها في القلب وثمرتها إيمان يمشي على الأرض، فكم من متقٍ لا يعلمه إلا الله -تعالى- ثم بان فضله وعظم أمره في حياته أو عند موته؟

والتقوى نابعة من حسن المراقبة واستحضار عظمة ربنا -جل وعلا- في السر والعلن، في الليل والنهار.

ثالثًا: البُعد عن الحرام بأشكاله وأنواعه وصوره، فالحرام هلكة في الدنيا والآخرة، والحلال بركة في الدنيا والآخرة، وأي بركة أعظم مِن أن يبارك لك الله -تعالى- في وقتك وعلمك وصحتك وأهلك ومالك؟! نسأل الله من فضله.

رابعًا: عدم الاغترار بالدنيا؛ فكل منصب زائل، وكل مال فانٍ.

خامسًا: أن الموت فضح الدنيا وضيع هيبتها؛ فلا مفر ولا مهرب إلا إلى إلا الله -عز وجل-.

سادسًا: حسن استغلال لحظات العمر، فقضاء العمر في الطاعة كنز يدخر عند الله -تعالى-.


سابعًا: تطهير الظواهر والبواطن من أمراض القلوب، فهي داء الأدواء في عصرنا وفي كل عصر.

فاللهم إنك تملك قلوبنا فطهرها من كل ما دونك.

اللهم آمين.