لا حرج في طلب الفتوى الشرعية


سالم الناشي


- الفتوى الشرعية مهمة للمسلمين، وتبرز أهميتها من ناحيتين الأولى: حاجة الناس إليها. والثانية: أنها سبيل لنشر العلم.

- فالله -سبحانه- يبن ما أشكل علينا من الأحكام، بل ويفتينا -جل وعلا-؛ فتأمل قوله -تعالى-:{يَسْتَفْتُونَك َ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} (النساء:176) وقال -سبحانه-: {وَيَسْتَفتونك فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} (المائدة:127).

- وقد تولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفتيا؛ فكان المسلمون يسألونه فيفتيهم بما يوحي إليه ربه، ويقوم بهذه المهمة الجليلة - بعد الرسول صلى الله عليه وسلم - العلماء؛ فإن العلماء ورثة الأنبياء.

- والذي لا يعلم يجب أن يطلب الفتوى، قال -تعالى-:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (النحل:43)، والذي يعلم عليه أن يفتي السائل، لئلا يكون كاتمًا للعلم، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة).

- ولأن الإنسان بشر ليس محيطًا بكل شيء؛ فلا يستعجل ويفتي عن كل سؤال، بل عليه أن يطلب الفتوى. ولا يعاب على من يطلب الفتوى للمصلحة العامة بل هذا أوجب ويبعث على الطمأنينة.

- ويجوز للعالم إذا رأى من السائل حاجة إلى المزيد على ما سأل عنه فإنه يزيد، أما إذا لم يكن هناك حاجة فإنه يقتصر على موضع السؤال، هذا من آداب المفتي.

- ثم على المفتي أن يفتي بما يراه موافقاً للدليل من الكتاب والسنة، ولا يختلف جوابه بهذا عن ذاك، وإنما يكون جوابه على موجب الكتاب والسنة، ولا يتلمس للناس الرخص، بل يأخذ ما يوافق الدليل من الكتاب والسنة؛ فهذا هو الواجب عليه.

- ولا يجوز اتهام من طلب الفتوى، بأنه لا يريد الخير بذلك، ولا يصح الزعم بأن طلب الفتوى يؤدي إلى كوارث وفتنة في المجتمع، بل الأصل هو الرجوع للشرع حال الخلاف، يقول الله -سبحانه-: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (النساء:59)، ويقول -سبحانه-: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (الشورى:10).


- والمفتي -عادة- لديه القدرة على إعمال الدليل وفق المصلحة الشرعية للأمة. والفتوى الشرعية تسع الرد على القضايا المعاصرة والسابقة.

- ويجب التفريق بين الفتوى والحكم الشرعي؛ فالفتوى اجتهاد من الفقيه المجتهد في المسألة التي لا نص فيها، أما الحكم الشرعي فهو ثابت لا يتغير بثبات الدليل الشرعي؛ فأداء الصلوات المفروضة واجب، وصيام شهر رمضان واجب، وهكذا.. وكذلك إقامة الحدود الشرعية، وتحريم الربا، وغيرها، كل هذا ثابت بالدليل، أما خروج المرأة من بيتها للحاجة فإنه يجوز للتعليم أو عيادة المريض أو زيارة الأقارب وغير ذلك وتكون متسترة، والزعم أن الفتوى تبقي النساء في البيوت زعم ليس له دليل!

- وفي المصالح العامة يكون تقديرها عند من بيدهم الأمر، بأن يقوموا بهذا أو يمنعوا هذا، واضعين نصب أعينهم الشرع الحنيف.