قال الشوكاني رحمه الله تعالى في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار - (ج 1 / ص 984)
" قوله: (ولا في مختلف فيه على من هو مذهبه).
أقول : هذه المقالة قد صارت أعظم ذريعة إلى سد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما بالمثابة التي عرفناك والمنزلة التي بيناها لك وقد وجب بإيجاب الله عزوجل وبإيجاب رسوله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع والنهي عما هو منكر من منكراته ومعيار ذلك الكتاب والسنة فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفا وينهي عما هو فيهما أو في أحدهما منكرا وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولا ثم على العامل به ثانيا .
وهذه الشريعة الشريفة التي أمرنا بالأمر بمعروفها والنهي عن منكرها هي هذه الموجودة في الكتاب والسنة وأما ما حدث من المذاهب فليست بشرائع مستجدة ولا هي شرائع ناسخة لما جاء به خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وإنما هي بدع ابتدعت وحوادث في الإسلام حدثت فما كان فيها موافقا للشرع الثابت في الكتاب والسنة فقد سبق إليه الكتاب والسنة وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة فهو رد على قائله مضروب به في وجهه كما جاءت بذلك الأدلة الصحيحة التي منها: "كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد" .
فالواجب على من علم بهذه الشريعة ولديه حقيقة من معروفها ومنكرها أن يأمر بما علمه معروفا وينهى عما علمه منكرا فالحق لا يتغير حكمه ولا يسقط وجوب العمل به والأمر بفعله والإنكار على من خالفه بمجرد قول قائل أو اجتهاد مجتهد أو ابتداع مبتدع.
فإن قال تارك الواجب أو فاعل المنكر قد قال بهذا فلان أو ذهب إليه فلان أجاب عليه بأن الله لم يأمرنا باتباع فلانك بل قال لنا في كتابه العزيز: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]،
فإن لم يقنع بهذا حاكمه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما أمرنا الله سبحانه في كتابه بالرد إليهما عند التنازع.