تفسير قوله تعالى: {أو لامستم النساء}


عبدالعزيز بن عبدالله ابن محمد آل الشيخ



يقول الله تعالى، {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً} (المائدة: 6) فما معنى «لامستم النساء» في هذه الآية؟



قوله تعالى: {أو لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} من العلماء من يرى أن المراد منها مجرد اللمس، ورأى أن ملامسة النساء من نواقض الوضوء، ولكن الجمهور على أن الملامسة هنا بمعنى الجماع، ومن تدبر الآية أولها وآخرها تبين له أن المراد بالملامسة هنا الجماع؛ لأن الله بعدما ذكر الوضوء، قال: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ} أي بالماء {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً} (المائدة:6)، فذكر في أول الآية الوضوء والغسل؛ ذكر الوضوء للأعضاء للحدث الأصغر، وذكر الغسل من الجنابة في قوله: { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ} ثم ذكر التيمم لأمرين: للحدث الأصغر وللحدث الأكبر، فقال: { وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ} هذا هو الحدث الأصغر: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} هذا هو الحدث الأكبر { فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }، فالملامسة الصحيح أن المراد بها الجماع هنا، وأما قوله {فتيمموا} فمعناه: اقصدوا التراب بأن تضربوا التراب مرة واحدة، وتمسح اليمين بالشمال، ثم تمسح باليدين جميعاً الوجه مرة واحدة عند عدم الماء أو عند تعذر استعماله لمرض أو نحو ذلك.