عندما شعرت بأنني محطمة!!


ريم صلاح الصالح


في لحظات وعندما يختلي الإنسان بنفسه، وبعد التوجع والألم والحزن الذي يبدأ يلف العينين فما يرى الإنسان سوى السواد الذي نسجته خيوط التعب والإرهاق، يود لو يستطيع سقي روحه بالاطمئنان والارتياح ولكن ما من رجاء، هنا وعندما يشعر الإنسان بأنه قد تهدم وخارت قواه مستسلمةً لوقائع الحياة، يشعـر بأنه يُدفن بدون قبر ويلفظ أنفاساً أخيرة بدون موت، عندمــا لا يصرخ ولكن يهمس من بيـن الدموع «لقــد تحطمــت»..! عنــدما يعلم الإنسـان يقينـاً بأنـه ملــيء بتلك القــوى القـادرة على إحداث اختـلاف ولكـنه يحطـم نفـسه بأننــي تــعبــت من مقـاساة الحيـاة ومجاراتــها دون أن تسيــر معي بوفـاء، فتبتســم مرة ويثق بهـا ثم تنقلـب مجاري دمــوع لا يوقفها سد، عنــدمــا تصرخ الوجـوه من حوله بأنه قد تأخر كثيـراً وبأن العمر المتبقـي أقـل من العمر الذي انصــرم، تلك الهـواجس التي تنهــش القــلوب لتمزقــها وتجرحــها، لكـي تسربلــها بأثواب سوداء من الألــم والحسـرة على الأيام المـاضية، تلك الأيام التي ولّت وانقضـــت.. عنــدما شعــرت بأننــي محطمــة، وكـان ذلك لأســبوع كـامل - الأسبوع الماضي من تاريخ كتابتي لهذا المقال - تلك الأيام التــي عانقتهـا غصــات من الألــم، وتربعـت عليــها دمــوع اللوعة والحــزن، إحســـاس بأننــي تكســرت من أعمــاقي وأن قوتـي خـانتنــي وتخلـت عنــي إلى ما لا رجوع، وبيـن لحظـة وأخــرى ودون أن أعــي بنفـسي شعــرت بقـوتي تعــود وأنا أسترجع هــويتي، أتــذكر من هــي ريـم، إنهــا ليست إنسـانة عـادية نهائيــاً، إنهــا إنسـانة لا تقبـل للهـزيمة أي مسلـك وطــريق... أخــذت المشــاعر تنبـض من بيـن جنبــاتي، عنــدما تذكرت أننــي لست بالشيء الهيـّـن ولا بالرخيــص الذي لا معنى له ولا قيــمة، فمســحت دموعي وأمســكت زمــام روحي لأنهــض من جديد وأخط كلمــاتي، فالحيــاة مدٌ وجــزر ولا يمكــننا الوثوق بهــا، فكما قلــت: إذا ابتسمت اليـوم قد تبكي غداً، فيجــب على الإنســان أن يكون مستعـداً لأي تطور جديد في حياته، سلبــيّا كان أو إيجــابيا، والوقت لا يتــأخر أبـداً فالإنسـان يمكنـه الإنجــاز ولو تقدم في العمر، فالخبــرة الحياتية مكسب لا يأتي بالتعلم ولا بملايين الكتب، أليس كذلك؟


عنــدما شعــرت بأننــي محطمــة، كــان هنـاك من يعيــن على البنـاء.. إنـه ربـي، بفضــله ثم بفــضل نفسـي وأشخـاصٍ آخــرين نهضــت من جديــد وأعدت رسم خطــوط حياتــي البـاهتة، أعدت تصحيحهــا وتعديلهـا ومن ثم تلوينــها.. عــادت القـوة التي كان قـد خبــا أثــرهـا، عــادت الحيــاة التي كـانـت قـد اختفـت لـوهلـة من وجــودي، عــاد كـل شــيء، بل واكتــسبت الكثيـر الكثيــر من الأشيـاء، فكمــا يقـال: الذهــب لا بـد له مــن الاكتـواء بالفــرن حتـى يعــود لامعــاً براقـاً كمـا كـان وأكثـر، أجــل أكثر!