المرأة والمحارم


نورا السعيد



إن الإسلام هو دين العفة والحياء؛ لذلك فرض الحجاب على النساء حتى يحميهن من أعين الرجال ومن هتك الأعراض؛ فقد قال الله - عز وجل -: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}، فالحجاب الإسلامي يتصف بأنه لا يصف ولا يكون ذا زخارف وألوان جذابة.

فهذا الحجاب ترتديه المرأة عند خروجها من المنزل وعند اختلاطها بالرجال الأجانب؛ فقد قال الله - عز وجل-: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، فلباس المسلمة يساعدها ويساعد الرجال على غض البصر، وليس كما نرى من بعض النسوة - هداهن الله - من التبرج ولبس للباس الضيق الذي يدعو إلى الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن.

ولكن ما هي الحدود التي يجوز فيها للمرأة المسلمة أن تضع حجابها أمام محارمها؟ وهل تلك الحدود مطلقة أم مقيدة بقيود؟

أولاً يجب أن نوضح من هم المحارم، فالمحارم هم المذكورون في قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن..} (النور:31).

وإلى جانب هؤلاء يضاف المحارم من النسب؛ لأن النبي [ قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»، ويجب أن نعرف أن الشريعة لم تبح شيئاً يؤدي إلى الحرام؛ لذلك إن وجدت شهوة من هؤلاء المحارم حرم على المرأة أن تترك حجابها درءاً للفتنة، ولكن من طبيعة وفطرة المحارم أنهم يحمون نساءهم ويحافظون على أعراضهن من أن تنتهك؛ لذلك أباح الإسلام للمرأة أن تترك الحجاب وأن تكشف بعض أجزاء جسدها أمامهم، فقد اتفق العلماء جميعاً على أن ما بين السرة والركبة هو عورة، ولا يجوز أن تظهره المرأة وإن كان أمام المحارم، أو النساء الآخريات، إلا لزوجها، ولكن اختلفوا في الأجزاء الأخرى التي تستطيع المرأة أن تكشفها أمام المحارم.

فقد اختلفت آراؤهم ما بين موسع ومضيق، وضيق المالكية فلم يروا إلا أن ينظر المحرم إلى الذراعين والشعر وما فوق النحر وأطراف القدمين، وصرحوا قائلين: «ولا يجوز له أن يرى ثديها ولا صدرها ولا ساقها»، بل قالوا: «لا يجوز ترداد النظر وإدامته إلى شابة من محارمه أو غيرهن إلا لحاجة أو ضرورة؛ كشهادة ونحوها، ويقيد أيضاً بغير شهوة، وإلا حرم حتى لابنته وأمه.

وللشافعية رأيان: الأول: يحل للمحرم أن يرى كل شيء عدا ما بين السرة والركبة، والثاني: لا يحل النظر إلا إلى ما يظهر في العادة؛ كالرأس والعنق والوجه والكف والساعد وطرف الساق؛ لأنه ليس من الضروري أن يرى غير ذلك.


وعند الحنابلة: يجوز له أن ينظر إلى ما يظهر عادة كالوجه والرقبة والرأس واليدين إلى المرفقين والساق، وليس له النظر إلى ما يغطى في الغالب.ولكن تشدد بعضهم، وقال: إنه لا يجوز لها حتى أن تظهر شعرها، كما قال الضحاك والشعبي وغيرهم، ولكن المرجع هو أن تظهر ما يظهر في العادة وعند الخدمة كالشعر وما يظهر من الأطراف والنحر، والعلم عند الله.

وقد نفرق بين محرم وآخر؛ بناء على دينه ودرجة حمايته لهذه المرأة، فيقدم المحارم الأصليون على المحارم من النسب والمصاهرة.