أبكي خوفًا مِن أسقُط يوم القيامة مِن على الصراط ولا أدخُل الجنَّة

[احمد ابو انس]

يا أبا هُريرة.. أتبكي على الدُّنيا !- لا والله، دُنياكم هذهِ لا تُبكيني ..إنَّما أبكي مِنْ ثِقَلِ الحِمْلِ ، وسوء الرفيق ، وَمِنْ قلَّةِ الزَّاد ، وُبعدِ الطَّريق..أبكي خوفًا مِن أسقُط يوم القيامة مِن على الصراط ولا أدخُل الجنَّة..وَدِدتُ أنِّي لَم أُخلق.

ما صحة هذا الأثر؟

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

خرجه عبد الله بن المبارك في الزهد (38) رواية نعيم، فقال:
أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَلْمُ بْنُ بُشَيْرِ بْنِ جَحْلٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، بَكَى فِي مَرَضِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟
فَقَالَ: «أَمَا إِنِّي لَا أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى بُعْدِ سَفَرِي، وَقِلَّةِ زَادِي، وَإِنِّي أَمْسَيْتُ فِي صَعُودِ مَهْبَطَةٍ عَلَى جَنَّةٍ وَنَارٍ، لَا أَدْرِي إِلَى أَيَّتِهِمَا يُؤْخَذُ بِي». اهـ.
وتوبع فيما خرجه أبو نعيم في الحلية [1 : 383]، فقال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُنْدَارٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْوَرْدِ، به.
وهذا منقطع، فيه سلم بن بشير ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "القيسي من أهل البصرة، وهو الذي يروي عن أبي هريرة ولم يره". اهـ
وله طريق ءاخر خرجه أبو العباس الأصم في مجموع حديثي له [92]، فقال:
أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، ثنا ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ الْمَوْتُ، جَعَلَ يَبْكِي، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فذكره.
وخرجه ابن زبر الربعي في وصابا العلماء عند حضور الموت [44]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ فَلاسٍ، وَأَبُو الْحَارِثِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالا:
ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي، أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ هَمَّامٍ، به. وهذا منقطع أيضا.
وهمام هذا ليس هو همام بن منبه كما هو موهم؛ فإن عبد الله بن شوذب بصري يروي عن البصريين، وابن منبه يمني.
وهمام هذا إنما هو همام بن يحيى العوذي البصري كما دلل أبو العباس الأصم فيما روى قبله، فقال:
أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، حَدَّثَنِي هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ.
وله طريق ءاخر خرجه ابن عساكر في تاريخه (7/363)، من طريق: محمد بن جعفر الوركاني، قال:
نا معمر، عن عبد الله بن بشر، أن أبا هريرة حين حضرته الوفاة جعل يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: فذكره.
ومعمر هو ابن سليمان الرقي، وقال ابن عساكر: "هذا منقطع". اهـ، وعبد الله بن بشر الكوفي متكلم فيه.
وخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين [278]، فقال: حَدَّثَنِي أَبُو يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، بَكَى فِي مَرَضِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: فذكره.
وهذا على انقطاعه منكر غير محفوظ، فيه أبو يزيد الأنصاري وهو محمود بن محمد بن محمود بن عدى الظفري "ليس بالقوي , فيه نظر"، كذا قال الدارقطني.
ومن دلائل نكارته أيضا كما نبه الحافظ ابن حجر أن للحديث علة أخرى؛
لأن ابن مَعِين قال عن أيوب بن النجار: لم يسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا "احتج آدم وموسى". اهـ.
والله أعلم.

[احمد ابو انس]

جزاكم الله خيرا.

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

جزاكم الله خيرا.

وجزاك الله خيرا.