زوجة داعية


إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وسلَّم.

أما بعد:
فزوجة داعية: هذه هي بطاقة الهُويَّة، فلستِ زوجةَ طيَّار أو تاجر أو مهندس، بل زوجة داعية.
زوجة داعية: جندي مجهول في عالَم الناس، فكم مِن تائبٍ وعائدٍ إلى الله! وكم مِن أُسْرة تَرْفُلُ اليوم بالسعادة والسلام، والأمْن والتقوى والصلاح، لكِ يا زوجةَ الداعية بإذن اللهِ أجرُهم، ولك الحَسَنات العظيمة، والصدقات الجاريات!

الجميع يُكافئ، والكل يُكافئ، وأنتِ أنتِ أختاه أجرُك عند البَرِّ الرحيم؛ {لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} م [الإنسان: 9].

هذه تتحدَّث عن المال، والأخرى عن الفنِّ والجمال، وتلك عن السَّفر إلى بلادٍ لا تخطر بالبال.

وأنتِ زوجةُ داعية: تتحدَّثين عن الإسلام، وتَحملين همَّه، بل وترفعين رايتَه، وتُكافحين مِن أجله، ارْفعي رأسكِ فأنتِ زوجةُ داعية، وللخير داعية.

زوجة داعية: طيَّار، ضابط، طبيب، مهندس، وأنتِ زوجك: ماذا؟
داعية!
قولي: نعم.

وارْفعي صوتَك بذلك: زوجة داعية؛ أُشجِّعه على الخير، وأبثُّ فيه رُوحَ العزيمة، يرجع الناس بالدِّينار والدرهم، وأرجع أنا بما ينفعُني في قبري، وهل يَبقَى معكِ أختاه إلا العمل؟!

محاضرة ودرس، وخُطبة وجلسة علمية، هذه هي أغلبُ برنامج اليوم، احمدي الله تعالى، فكم مِن امرأةٍ تُعاني! وليتَها تتمنَّى اللحظة التي تجد زوجَها في تلك الأماكن، ولكنَّها وللأسف تجده في...
فَظُنَّ سُوءًا وَلَا تَسْأَلْ عَنِ الْخَبَرِ

تُضحِّين وتَصبرين وتتعبين، ولكن أتظُنِّين أنَّ هذا التعبَ سيذهب عندَ الله، ألا تُدوَّن هذه الأعمال عندَ الله؟! فلا تخافي ولا تحزني، واسألي الله أن تسمعي: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 24].

♦ حياتكِ لله.
♦ وعمركِ لله.
♦ وجهدكِ وجهادك لله.
♦ وتعبك لله.
♦ وسهرك لله.
♦ ومعاناتك لله.
والنتيجة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7].

غيرُكِ محروم، وأنتِ تجدين كلَّ يوم جبالًا من الحسنات بإذن الله، فلا تَستَبدلي بالآخرة عَرَضًا من الدنيا قليلًا.

فسِلعة الله الجَنَّة، وهي غالية.

زوجة داعية: كتاب يَحمل أروعَ أنواع الصبر، فوَراءَ كلِّ رجلٍ داعيةٍ فاضلٍ امرأةٌ فاضلةٌ مِن أمثالك.

علميهنَّ أنَّ قُدوتَك خديجة رضي الله عنها.
علميهنَّ أنك نِصْفُ المجتمع، وتُساندين نصفَ المجتمع وأنتِ في بيتِك.
أخبريهنَّ أنَّك تعيشينَ حياةً جميلة، لو علموا بها لجالدوك عليها بالسيوف.
أخبريهنَّ أنَّك لم ولن تَرْضَي بالكسل، وهل الدعوةُ إلى الله، وإلى توحيد الله تحتمل الكسلَ والراحة والدَّعَة؟!

زوجة داعية: غضبَتْ لله عزَّ وجلَّ، فجنَّدَت زوجَها للدعوة إلى توحيد الله.

فهل مَن يرى حالَ بعض المسلمين في بلاد العالَم الإسلامي وهم يسجدون للقبور يسكتُ ولا يغضب لله؟!

فإنْ مرَّتْ هذه الصوَر على قلْب غيرِك مرورَ الكرام، فلا والله لن تمرَّ على قلْبي أبدًا ببرد وسلام؛ لأنَّني: زوجة داعية.

زوجة داعية: تملأ بيتَها بالفرح والسُّرور، فإن أقبلَ الزوج مُتعَبًا مُنهَكًا بعدَ يوم حافل بالمحاضرات والدروس، وجد العِطرَ والعبير، والورد والياسمين.

لا، لستُ أبالغ إنَّه القلب الكبير.

زوجي الغالي:
امضِ في طريق الخير، فقدْ قبضتَ على دِينَك كما يُقبض على الجَمْر في زمنٍ كثُر فيه الذُّكور، وقلَّ فيه الرجال، حملتَ همَّ العقيدة والسُّنَّة، تُردِّد آيةً أو حديثًا، وغيرك يردِّد: السهم ارتفع، والآخر انخفض!

فسِرْ على بركة الله، وسأُعينُكَ على طاعةِ الله، أَتَعْلَمُ لماذا؟
لأنَّني وباختصار زوجة داعية، وللجِنَّة ساعية.
منقول