شبهة الردة مرتدة عليهم


سالم الناشي


الشبهات حول الإسلام مستمرة.. وأكثرها مرارة تلك التي يثيرها بعض المسلمين جهلاً.. ومنها القول: بأن «حكم المرتد في الإسلام القتل»: ليس له مجال الآن، زاعمين أن هذه العقوبة تستلزم مفارقة صاحبها جماعة المسلمين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث:.. (وذكر منها) التارك لدينه المفارق للجماعة»، فقرر هنا أن العقوبة لها شرطان الأول: ترك الدين، والثانية: مفارقة الجماعة؛ وحيث لا جماعة الآن فتسقط بذلك عقوبة المرتد.. هكذا زعموا!

- وقد غاب عن هؤلاء أن الأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين بشكل صريح، كما أكد ذلك النووي، ومن ذلك أيضا لو كذَّب رسولا أو سبَّه أو قصد تحقيره، أو سب الملائكة أو ضلل الأمة أو استخف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو باسمه أو صغَّره.

- والردة قديما تمثلت في أمور عدة أبرزها: ادعاء الألوهية أو النبوة، أو اعتناق دين غير الإسلام، أو جحد فرض أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أو استحلال المحرمات القطعية المتفق عليها.

- أما ما احتج به هؤلاء من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «التارك لدينه المفارق للجماعة»، فيقال لهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل ترك الدين، وهو الردة، سببًا مبيحًا لدم فاعله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فإن مجرد الخروج من الدين يوجب القتل وإن لم يفارق جماعة الناس، فهذا وجه يحتمله الحديث وهو -والله أعلم- مقصود هذا الحديث. (الصارم المسلول على شاتم الرسول) (ص: 320).

- وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في كلام نفيس: «وأمَّا التَّاركُ لِدينه المفارق للجماعة، فالمرادُ به: من ترك الإسلام، وارتدَّ عنه، وفارقَ جماعة المسلمين.

- وإنَّما استثناه مع من يحلُّ دمه من أهل الشهادتين باعتبارِ ما كان عليه قبل الرِّدَّة وحكم الإسلام لازم له بعدها، ولهذا يُستتاب، ويُطلب منه العود إلى الإسلام، وفي إلزامه بقضاء ما فاته في زمن الرِّدَّة من العبادات اختلافٌ مشهورٌ بَيْنَ العلماء.

- وأيضاً فقد يتركُ دينَه، ويُفارِقُ الجماعة، وهو مقرٌّ بالشَّهادتين، ويدَّعي الإسلام، كما إذا جحد شيئاً مِنْ أركان الإسلام، أو سبَّ الله ورسولَه، أو كفرَ ببعضِ الملائكة أو النَّبيِّينَ أو الكتب المذكورة في القرآن مع العلم بذلك، وفي (صحيح البخاري) عن ابن عباس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بدَّل دينَهُ فاقتلوه».


- كما يجب أن يُعلم أن الله -تعالى- حكم على المرتد بالكفر في قوله -تعالى-: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

- وقد يكون الارتداد بالهزل، كما قال البهوتي عن المرتد: «الذي يكفر بعد إسلامه طوعا ولو مميزا، أو هازلا بنطق، أو ا عتقاد، أو شك، أو فعل».