الهجرة.. والتخطيط الأسري


شعاع الخلف



إن للهجرة معاني ودروساً عظيمة فى نفوسنا، فكم نحن بحاجة للاستفادة من هذه الدروس في مجال التخطيط للقادم، ولننظر نظرة ثاقبة في الدور الذي قدمه الصحابي أبو بكر ] عند قيامه بالهجرة مع الرسول [ حينما جنّد أهله وأسرته لخدمته مع نبي الله عندما هاجرا إلى المدينة وقد اتبعا الخطوات التالية:

أمر النبي [ علي بن أبي طالب أن ينام فى فراشه، وعندما أذن الله عز وجل لنبيه [ بالهجرة سلك هو وأبوبكر طريقا مغايرا لعادة السفر، حيث أنهما خرجا ليلا من الجهة الجنوبية الغربية من مكة، وفي هذا تمويه على الكفار ليتجهوا للبحث عنهما في الجهة الشمالية، ثم ذهبا إلى غار ثور، وحين خمدت نار الطلب وتوقفت أعمال دوريات التفتيش وهدأت ثائرة قريش بعد استمرار المطاردة ثلاثة أيام بدون جدوى، تهيأ رسول الله [ وصاحبه للخروج إلى المدينة، ثم استأجرا دليلا ماهرا بطرق الصحراء ليقودهما إليها، وهو عبد الله بن أريقط، واستكتماه الخبر واتفقا معه على أن يلحق بهما إلى الغار.

وطلب أبوبكر الوالد من أسماء بنت أبي بكر أن تأتيهما بالطعام بالرغم من أنها كانت حاملاً بابنها عبد الله بن الزبير!! وهنا مكمن التخطيط الذي نلفت انتباه القارئ له، لماذا أسماء رضي الله عنها بالذات قد تم تكليفها بهذه المخاطرة القوية ؟! ثم أمر أبو بكر ] ابنه عبد الله أن يسمع ما يقوله الناس عنهما في النهار فيأتيهما بالليل! وهنا التفاتة أخرى تستحق التأمل إذ لماذا عبد الله ] بالذات يقوم بهذا التكليف؟!

ولماذا أبناء أبي بكر وبهذا التنظيم الدقيق والتوزيع الأدق؟ فكل واحد قد تم تكليفه بما يتقنه ويجيده ويقوى عليه، ووالدهم رضي الله عنهم أجمعين أكثر دراية بهم، والقصة تتوالى فهي أشهر من نار على علم في تفاصيلها عند عامة قرائنا الأعزاء ولتراجع في مصادرها.


عزيزي القارئ، إنها مجرد إشارات لومضات من الحكمة في استخدام التخطيط الأسري لإنجاح الهجرة النبوية، فكم نحن بحاجة إلى أن نتطلع إلى مواقف هؤلاء الرجال فتكون نبراسا يضيء لنا حياتنا.