ذنوب لا كفارة لها


د. أمير الحداد


صاحبي يدخل في تفاصيل الأمور ويستمر في السؤال حتى عن أدق التفاصيل:
- ما كفارة الذي يفطر في رمضان؟
- لماذا أفطر؟
- هكذا.. دون سبب.
- هل هو مقر بفرضية الصيام أم أفطر منكرا أن الصيام واجب؟!
- لنذكر الحالتين.
هكذا كان حواري مع صاحبي ونحن في طريقنا لتسجيل برنامج إذاعي في إذاعة القرآن الكريم:
- إذا كان منكرا لفرضية الصيام، مستحلا للإفطار فإنه يكفر.. بمعنى أنه لا تنفعه الشهادة اللفظية التي ينطق بها لسانه ولا صلاته التي يصليها أحيانا ولا حتى اسمه (محمد).. أما إذا أفطر متساهلا في قضية الصيام، متقاعسا عن أداء هذه الفريضة، مقرا بوجوبها وبتقصيره، فهذا مذنب ذنبا عظيما.
قاطعني:
- وما كفارته إذا أفطر تكاسلا متعمدا؟
- لا كفارة له. بل عليه أن يتوب.
- كيف تكون هناك كفارة لمن يأتي أهله وهو صائم.. ولا كفارة لمن يفطر متعمدا؟
- الأمر بسيط.. هذا الذنب أعظم من ذاك، هناك ذنوب عظيمة لا كفارة لها، وذلك لبيان شدتها: «الذنب الذي له كفارة أهون من الذنب الذي لا كفارة له».
- وماذا يفعل هذا الذي قضى سنوات من عمره لا يصوم، ولا يصلي عمدا، دون علة عدا الكسل والتهاون بهذه العبادات؟
هذا عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، وعليه أن يكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، والتوبة من الذنب تزيله، و: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (حسنه الألباني).
- وأيضا في الحديث: «التوبة تجبُّ ما قبلها».
- هذا الحديث أورده الألباني في (السلسلة الضعيفة)، وقال: «لا أعلم له أصلا».
- كنت أظنه صحيحا من كثرة ما أسمعه.. وما الذنوب التي لا كفارة لها؟
- اليمين الغموس.
- أليست كفارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام؟!
- هذه كفارة الحنث باليمين.. كأن يقسم إنسان متعمدا ألا يدخل بيت أخيه، أو ألا يكلم صاحبه، فهذا يكفّر عن يمينه وينتهي الأمر، أما اليمين الغموس فهي أن يحلف بالله كاذبا وهو يعلم، وقد بينها ابن مسعود ]، فقال: «كنا نعد اليمين الغموس من الذنب الذي ليس له كفارة، قيل: وما اليمين الغموس؟ قال: الرجل يقتطع بيمينه مال الرجل» صحيح رواه الحاكم.
- هل تصدق.. لأول مرة يخطر على بالي أن هناك ذنوباً لا كفارة لها، وأنها من أعظم الذنوب؛ ولذلك لا علاج لها إلا التوبة الصادقة إلى الله، والندم، والاستغفار والإكثار من الصالحات؛ لأنني كنت أظن أن تارك الصلاة يصلي مع كل فرض فرضا بعدد السنين التي تركها، وكذلك الصيام.. حقا إن العلم نور.