بسم الله الرحمن الرحيم
والعاقبة للمتقين .
زوجي ظلمني كثيراً . ولك أن ترى صور ظلمه لي . ابنة عمه . يسبني ويقسو
علي ويضربني مع أني عندما رأيته عن بعد
وفي عمرة لي دعوت الله في بيته الحرام أن يكون زوجاً لي .
واستجاب الله دعائي . كان وسيماً جداً . فيه مخافة الله وحرصه على أن يكون تقياً . ورزقني الله منه بأكثر من ستة أولاد . كان رجلاً كريماً جاداً حاداً ذكياً جداً .
وما عرفت كيف ألاعبه وألاطفه فقد كنت كحجر في صحراء لا قلب أنثي في صدري أحمله .. وكأني ما كنت له ابنة عم .
كان غضوباً لا يصبر عليّ وجهلي العظيم بمعاشرة الزوج يزعجه كثيراً .
كان خطيباً ومدرساً للناس في المسجد وأولادنا في حسن عظيم جمالاً ونظافة وأدباً وعلماً وعقلاً وذكاء .
والناس يموتون فيهم حباً وتقديراً . من آل البيت هو .
وحدث له مصيبة عظيمة لم نقدر بقدر الله على الخروج منها .
وأخذوا الأولاد منا . ثم أرجعوهم لي . وعاش وحيداً فقيراً مريضاً كما كنتُ لا يقدر على شيء يقدمه لنا .
وانكفأ على نفسه . سجين نفسه .
يتضرع إلى الله أن يجعل لنا فرجاً ومخرجاً ...
وسارت السنين بقدر ربها وتجاوزت أربعة عشر عاماً أحاول أن أرعى أولادي وهو لا يخرج من داره كئيباً حزيناً عزيزاً .
ينتظر رحمة ربه .
حاربوه وأذلوه . في دائرة أهل السنة هو .
ولم أره طيلة هذه الأربعة عشر عاماً . الأولاد يذهبون لزيارته بين وقت وآخر .
وأصبحت أحب فراقه ولا أريد أن أراه .
وبقدر الله العزيز الحكيم أحدث الله أمراً أشبه بالكرامة وعاد إلينا مريضاً جداً حزيناً جداً .
فأصبحت أقسو عليه وأهينه .
أخبرته أني اتصلت بشيخ أستشيره بطلب الطلاق منه . فأعطاني الضوء الأخضر بعد ما سمع شيئاً من شكاتي .
وحدثته بهذا وطلبت منه الطلاق قال والأولاد هل فقدت عقلك .
وطلبت منه ألا يقربني ولا حتى يمسني حتى لو كانت مس رقية .
كان نبيلاً وقال أنا لا أريد شيئاً وإني متنازل لك عن حقي خوف ألا يصلك شيء من عقوبة ولعنة الله .
كان لطيفاً ودوداً يحاول جاهداً أن يرضيني كأنه أصبح رجلاً آخر
ولكني لا آبه له ولا أحب رؤيته وسماع صوته حتى في تلاوته للقرءان .
دائماً أهينه وقد تجاوزنا الستين من العمر . وغضب علي مرة وقال لي لولا كبر سنك والله لضربتك بهذا الحذاء .
ولكني لم أتوقف عن إهانته .
مع أنه ذو هيبة ووقار مع درجته العلمية وهي غير عالية .
يقول لي في أحايين لأنني أصبحت فقيراً تفعلي بي ما تفعلين وما تريّ ما يفعله أولادك بي .
أصبحنا غرباء وقد تغيرتم كثيراً وأصبحتم كالناس . ماذا جرى في غيابي . فالحمد لله عل كل حال .
قال لي مرة أنت زوجتي وابنة عمي وأم أولادي ولي ثلاثة حقوق . ولكني كما قلت لك أني تنازلت عن حقي ولكن احفظي صلة الرحم وأولادنا وقد أصبحوا كلهم رجالاً . اتق الله .
أصبحت أحن إليه قليلاً ولكنه يقول لي منذ كنا شباباً وأنت عنيدة ورأسك والسيف . غيري من نفسك .
كلميني حدثيني ولكن هل يفقه الحجر .
قال يوماً قبل شهور لا أريدك أن تكوني زوجتي في الجنة إن جعلني الله من أهل الجنة
فقد اشتد عليه قلة أدبي معه وكثرة إهانتي له .
يقول أنت تغيرت كثيراً وأصبحت كبقية النساء وانتقل إليك عدوى الغباء منهن . أحس أنه صدقني .
ولكنه مع هذا يلاطفني ويحاول أن يخدمني ويعينني ويدعو لي دائما وإهانتي له لا تتوقف . يعلو صوتي عليه أحياناً
واذكره بالماضي و يقول أتريدين أن تجعلي الماضي سيفاً تضربي به كلما عنَّ لك جنونك ...
أراه قد قرب من قلبي ولكني لا أستطيع إظهار ما أشعر نحوه .
ثلاث سنوات منذ عودته وهو صابر يذكرني بالله ويصبرني ولكني أريد الطلاق .
طلبت منه الطلاق ثلاث مرات وهو في أشد الاستياء مني وهو يقول أنت مسحورة يا بنت الحلال أنا الآن رجل آخر وسأعيش لك خادماً ما بقي لي من عمر.
ويكفيك أني لا أريد غيرك مع أن طابوراً منهن كل واحدة تنتظرني .
غضب مرة وقال لي من الشيخ الذي اتصلت به وأعطاك الإذن بطلب الطلاق . رفضت أن أخبره .
ورفضت أن أخبره بالحوار الذي دار بيني وبين الشيخ . . قال لي وإن .
أثبتُ لك أنه ليس بشيخ وليس بثقة ولا يخاف الله . لأنه لم يقل لك كذا وكذا فهذا يدل على قله فقهه ولا يصلح أن يقعد للفتيا . مع أني لم أخبره بشئ عما دار بيني وبين الشيخ .
فراسته كانت صحيحة . بربك ماذا أفعل ... انتهى .

_______________

الحمد لله القائل في محكم كتابه
... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا
وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة .
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحابته الشرفاء الميامين وسلم تسليماً كثيراً .
وبعد
أختاه ماذا تردينني أن أقول .
لكني أخبرك أولاً الفرق بين الفتيا والقضاء .
الفتيا حكم والقضاء فصل . ولستِ وزوجك الكريم بين يدي حتى أفصل بينكما .
وهو غير جائز لي أن أفتيك بشئ غير كلمات ألقيها بين يديك عل الله أن يبارك لك ويجمع بينكما عل خير .
إن وجهت عتبي عليك فقد أخطأتُ وإن وجهت عتبي عليه فقد أخطأتُ . بيد أني ألمح علاقة عجيبة بينكما .
تقولين أنه من آل البيت فهذا يدل على تواضعك وطيبة نفسك لأنك من آل البيت أيضاً لأنك إبنة عمه .
وهذا يزيد الأمر تعقيداً وثقلاً علي ولا يخففه ولا ييسره . لأن أهل البيت فيهم صفات ولهم حقوق على الدولة الإسلامية ليست لأحد بين سائر المسلمين .
لكني أراه من وجه آخر يسيراً علي أن أشير عليك بشئ قد لا تدركيه مع أني على ثقة بذكائك وحسن فراستك .
وأهل البيت كلهم هكذا أذكياء وأصحاب فراسة بمعدنهم فكيف إن كانوا من التقاة .
زوجك راض بك زوجة من قبل أن يتزوجك وأنت راضية به زوجاً من قبل أن يتزوجك .
وعندكما علم ودراية بالحياة وأهلها لحسن تربيتكما لأبنائكما
وهو دليل قاطع على صدقما ومخافتكما من الله وعلم عندكما الله وحده يعلم مقداره .
واستجاب لك ربك دعاءك ورزقك زوجاً كريماً نبيلاً وسيماً ذكياً وابن عم . وألحظ هذا من عباراتك التي تنقليه عنه
وقَدرّته بأن مصائب الدنيا قد جردته من كثير من القسوة وقلة الصبر رحمة من الله .
وزاد علمه ودرايته وفقهه في معنى الوقوف بين يدي الله يوم القيامة . فطوبى لك .
ولا أشك ساعة أن فيك سحر وأن الشيخ الذي اتصلت به كان تحصيل حاصل في أن يقعد على كرسى فتوى إن صح الذي خرج منه بفراسته . لأنه أثبت لي من خلال حديثه أن ذاك الشيخ لم يكن أميناً لقلة علمه أو عظيم حسده .
وربنا يسمع ويرى وهو القادر أن يريك حقيقته وتتيقني من خطأ مقصده أو جهله .
أخاف عليك من سخط الله .
وما فعله بك في الماضي كان من حرمان عظيم من بسمة منك ورقة أنثى ودعابة ومودة زوجة وابنة عم .
كان في غاية الحرمان . وأراه مرهف الحسن حنوناً مع ابتلاء الغضب الذي كان فيه وقلة علم في مناحي من علاقتكما . فأغفري له أختاه .
شدي على نفسك باسم الله وعلى بركة الله وخذي بيده .
قولي له إني أحبك وأنا لك ما أحياني الله بعونه ومنه ورحمته سبحانه .
أخرجي دموعك ولا تحبسيها . دعيها تراه ودعيه يراها .
ظلمك كثيراً وهو قد اعترف وتاب وأناب من قوله لك سأكون لك خادماً ما أحياني الله .
ألا تري فيها الصدق والتقوى والرحمة والعدل والنبل . بلا أراه وأحس به .
جمع الله بينكما على خير وجعل بينكما مودة ورحمة .
تمسكي بهذا وأقبلي على ربك بالرقى التي تعلميها والدعاء وقراءة القرءان والصلاة في جوف الليل الآخر .
ورددي قوله تعالى
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)
رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) آل عمران .

عسى الله أن يريني بكلمة منك أو بكلمة من الله على أن نهر خيركما قد عاد إلى مجراه
يبارك الله لكما في عيش كريم وحياة طيبة ورب غفور .
الحمد لله رب العالمين ،،،،،