الحمد لله أمات وأحيا وهو رب الشعرى رب الورى
وبعد
هذا سائل يقول
كرهت مسلماً ومات ولم أزل أكرهه مع أني سامحته لإحتقار لي في حياته لكبر فيه أو عجب بنفسه وهو من طلبة العلم .
ألا يكفي أنه لقى الله . فما حقيقة هذه الكره الذي ما فتأ يقلّب مواجعي كلما تذكرته . انتهى .

أشير عليك أُخي فأقول
أعلم أن رسول الله يقول في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة
بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ . انتهى
وفي المفاتيح في شرح المصابيح
للحسين بن محمود بن الحسن مظهر الدين الزَّيْدَانيُّ الكوفي الضَّريرُ الشِّيرازيُّ الحَنَفيُّ المشهورُ بالمُظْهِري المتوفى 727 هـ
يقول حسْبُ امرئ أي كفى للمؤمن من الشرِّ تحقيرُ المسلمين . يعني إن لم يكن له مِن الشرَّ سوى تحقيرِ المسلمين
يكفيه في دخوله النارَ. انتهى
فهذا يدل على إن احتقار المسلم كبيرة من الكبائر لأنه كل ما ذكرت اللعنة أو نار لذنب فهو من الكبائر.

وفي الإفصاح عن معاني الصحاح
ليحيى بن هُبَيْرَة بن محمد بن هبيرة الذهلي الشيبانيّ أبو المظفر عون الدين المتوفى 560هـ
يقول
قوله صلى الله عليه وسلم بحسب المؤمن من الشر أن يحقر أخاه المسلم .
ففيه تحذير وأي تحذير من ذلك لأن الله تعالى لم يحقره إذ خلقه ورزقه ثم أحسن تقويم
خلقه وسخر ما في الأرض جميعًا كله لأجله وأسجد له الملائكة جميعهم ثم إنه سبحانه سماه مسلمًا ومؤمنًا وعبدًا
..... وأن يعلم أنه بلغ من قدره إلى أن الله عز وجل جعل الرسول إليه منه محمد صلى الله عليه وسلم
فمن حقر مسلمًا من المسلمين فقد حقر ما عظمه الله وكافيه ذلك حزنًا .
وإن من احتقار المسلم المسلم ألا يسلم عليه إذا مر به ولا يرد السلام عليه إذا بدأه هو به . انتهى
أقول واتهامه بما هو برئ منه لفقره أو تحقيره لقلة علمه . وغير هذا من صور الإحتقار .

وهو مؤلم للإنسان مسلمهم وكافرهم لما فطر الله الناس عليه بما كرمهم من كره الاحتقار وغير هذا من صور التكريم .
نجد هذا في قوله تعالى
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا
الإسراء . (70)

ثم ما حقيقة قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في صحيحه وغيره من حديث ابن عمرو
قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف شاء .انتهى .
أي إن الله تعالى هو المتمكن من قلوب العباد والمتسلط عليها والمتصرف فيها يصرفها
كيف يشاء . انتهى .
وأصابعه حق تليق بجلاله جل شأنه بلا كيف .
فترى من هذا أن الله يريد أن يبتليك بهذا الكره . أتصبر فيه وترحم وتصفح وتعدل فيكون لك الأجر من هذا
بالعفو عنه والدعاء له ولا تغتابه ولا تذكره بسوء فعله وقد لحق بعلام الغيوب أو أن هذا الكره سيكون منه ظلم
منك له بالدعاء عليه بغير حق بأن تزيد من مقدار ما آلمك به فتذكره بالسوء وتسبه وتشتمه
أو تسئ إلى أهله وولده أو الى من يحبه أو تكره ما يحب من الخير الذي هو خير في عيني ربه ونبيه بهذا كله تْحرم الأجر .
فإذا تذكرت إساءته فناج الله تعالى بأنك قد عفوت ثم استغفر له بعدد ما تقدر عليه .
وبهذا وبرحمة الله يكتب لك الله أجر يعلم قدره رب العالمين . ثم ستجد نفسك بعد ذلك بعون الله مطمئناً رحيماً .
فالله أسأل أن يجبرك ويعافيك ويجزيك خير الجزاء على حرصك إنه جواد كريم ،،،،،