نمطية العمل الدعوي.. وواجب التغيير


سالم الناشي




- الشخصية النمطية في العمل الدعوي هي في تضاد مع التغيير والتطور، وهي راضية بأن تبقى على نمطيتها حتى وإن أتيحت لها فرصة التطور.

- في المقابل هناك الشخصية المبدعة التي تحاول دائما خلق آلية جديدة للعمل، تعتمد على كسر الجمود والبطء في التنفيذ، لتتجاوز نطاق الشخصية النمطية بتسويق ما هو جديد ومؤثر، وتجاوز آلية الممارسة التقليدية بغية التطوير والفعل، ولكن دائما التعويق من الشخصية النمطية التي تركن إلى الساكن والثابت والآمن، وتخاف من المتحرك والتقدم والمخاطرة المقننة.

- إن توسيع قاعدة الشورى عملية في تضاد مع الشخصية النمطية، فالشورى دائما تجلب إلى السطح الجديد من الأفكار، والأساليب الجديدة في مواجهة الفكر النمطي الراكد على الموروثات القديمة في التعامل، والشورى عامل محفز على حرية التعبير، وإعطاء مساحة من المشاركة الفكرية، وسبيل إلى الانطلاقة والتحول من التراجع إلى التقدم، ومن الانحدار إلى الصعود، أما الشخصية النمطية فهي حجر عثرة أمام النبوغ والإبداع.

- فالشخصية النمطية تعيش لوحدها في نطاق ضيق، أما الشخصية المبدعة تتعايش مع الآخر لبناء بيئة خلاقة وطموحة، ولا يمكن في ظل التطور والإبداع أن نعول على الشخصية النمطية في القيادة، بل ينبغي إيجاد أرضية غير نمطية ومحفزة للتنافس والابداع.

- إبداعية الوسائل في الدعوة إلى الله كانت حاضرة في نهج دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد صدح بالدعوة مبكرا في مكان مميز وجاذب؛ ليقدم لقومه الدعوة الجديدة بأسلوب فيه إبداع خطابي، من المناداة والإقرار بصدقه ثم إيصال المعلومة المهمة.

- فقد صَعِدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّفَا ذَاتَ يَومٍ، فَقالَ: «يا صَبَاحَاهْ!»، فَاجْتَمعتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ، قالوا: ما لَكَ؟ هنا نجد التجديد في الخطاب والتجديد في اختيار المكان والزمان، ثم قالَ: «أرَأَيْتُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أوْ يُمَسِّيكُمْ، أما كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟» قالوا: بَلَى، وهنا أخذ إقرارا منهم بصدقه في دعوته وإخلاصه، وأنه يعلن مدى خوفه عليهم،.. وهنا قال: «فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ»، طرح جديد عليهم في الدعوة بنقلة من الظلام إلى النور ومن الثابت إلى المتحرك.

- ولم يكن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - نمطيا في التفكير عندما اقترح بناء الخندق لحماية المدينة؛ فقد استخدم مهارات الخبرات المتراكمة وأدواتها؛ ليطور نمطا وأسلوبا جديدا لم يعهده العرب في الحروب.

- نحن الآن بحاجة إلى وسطية الدعوة التي ترفض السكون في المنتصف، وتدعو إلى التحرر من الفكر المتطرف الرافض للتغيير والفكر الداعي للتغيير دون ضوابط.