الهدهد وهو طير صغير ضعيف رأى شيء مخالف لعقيدته,
رأى أقوام يعبدون الشمس من دون الله, فتحركت الغيرة على العقيدة في قلب الطير وأبى أن يسجد أحد لغير الله
لأنه علم أن الشرك أقبح القبائح وأعظم الظلم، . كيف يسجدون لغير الله؟
ومع ذلك لم مر الهدهد على القوم المشركين مرور اللاهين ولا تأول موقفهم ولا اعتذر عنهم ولا قال: إنهم جاهلون
لكنه انتفض وجاء لنبي الله -سليمان عليه السلام - بالخبر اليقين..
كانت الغضبة والانتفاضة من هذا الهدهد الموحد من اهل الاشراك بالله، كما فى قوله تعالى : وجتدها وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ- فصاروا في الكفر، وانصرفوا عن طريق التوحيد، ، فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ -
ثم قال: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ-لا تأويل ولا إعتذار عن الشرك واهله
وفي قوله تعالى: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ - النَّهيُ عن استِحسانِ القبائحِ،
وقال تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [فاطر: 8]،
وقال سبحانَه: وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ [غافر: 37]،
وقال عزَّ وجلَّ: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد: 14]. واستحسانُ المرءِ للقبائحِ وسيلةٌ إلى العملِ بها
بينما نجد المجادلين عن اهل الشرك، يمرون على المشاهد والقبور لا يغضبون ولا ينكرون، بل قد يبررون موقف هؤلاء الجاهلين الضالين عن التوحيد.

ولم يكتف الهدهد بالإنكار والصمت بل عرض نفسـه للإيذاء ولم يقل أني هدهد صغير...ضعيف ...و مالي بالأقوياء بل جمـع قوته وهمته ووضح الأمر لسليمان - عليه السلام -" وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ"
انظر إلى هذا الطائر الصغير كيف أدرك توحيد الله عزَّ وجلَّ وما يضاده بينما غفل عنه الكثيرون
انظر كيف كان منشغلاً بالدعوة إلى الله عز وجل، والإنكار على المشركين شركهم، وتسفيه أحلامهم، وتحقير آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ [النمل:24]
لقد فاق هذا الهدهد، كثيراً من الدعاة إلى الله في هذا الزمان، حيث إنهم محسوبين على الدعوة، يشاهدون المنكرات في مجتمعهم، ويشاهدون المخالفات الشرعية الواضحة، ومع هذا لا ينكرون على أقوامهم ذلك، ولا يمنعهم ذلك أن يؤاكلوهم، أو يجالسوهم، أو يشاربوهم، فهل لنا في هذا الهدهد أسوة حسنة، حيث إنه أنكر على ملكة دولة في زمانها وهي ملكة سبأ........................ ...