إدمـان New
ريم صلاح الصالح


ربمـا ترون كم هو عدد قضايا مروجي المخدرات والهيروين الذين يقبض عليهم رجال الأمن – الله يحفظهم – فلا تكاد صحيفة يومية تخلو من عصابة تحمل الهيروين أو الخمور، والآن أعشاب (الماريجوانا) والعياذ بالله، مسببـــات إدمـان عتيقة من السنين القديمـة، لكـــن ظهرت صرعة إدمـان جديدة بين الشباب والبنات، بل ربمـا بين الشيبان ومراهقي الـ 50 للأسف، ألا وهي الـنت.




في إحدى المرات سئل أحد أصحاب مقاهي الإنترنت عن أطول مدة جلس فيها شخص على النت جلوساً متواصلاً في المقهى الخاص به، فأجاب بأن أحد الشباب جلس لمدة تقارب الـ 48 ساعة متواصلة لا يقوم إلا لقضاء حاجته، أكرمكم الله!!

يومـان على الــنت.. والله لا أعلم إن كان أدى فروضه الخمس أم إنها ذهبت في مهب النسيان أو التناسي؟! فحقاً لقد تفاقمت مشكلة إدمان النت تفاقماً كبيراً جداً حتى باتت تهدد الجيل القادم.. بِتُ أستغرب من شباب يهدر جل وقته على توافه الأمور في النت، إن سألته: ماذا تفعل؟ تجده في غرفة الدردشة الفلانية أو في المنتدى الفلاني «لا شغلة ولا مشغلة» كما نقول، إدمان على تقليعة جديدة، فبالله عليكم من يمكنه أن يجلس على الكرسي ليومين متواصلين؟؟ ألا يتعب؟ ألا يمل؟ ألا يكل؟ ما المشوق في هذا النت ليقضي أمامه تلك الساعات الطوال التي سيحاسب أمام ربه على تفريطه فيها؟! بصراحة ما يتعب النفس والخاطر أن تراه وتتراءى لك صورته في المستقبل، أما يمكن لشاب مثله أن يحصل على براءة اختراع، أو أن يفوز بجائزة نوبل، أو أن يصبح رمزاً عالمياً ومرجعاً يستند إليه، أو أن يصبح (بروفيسوراً) في أحد العلوم، أو أن ينال ميدالية ذهبية في إحدى الرياضات العالمية... ولكنك للأسف ترى عقلاً ذبلت فيه الحكمة وقلباً أعيته توافه الأمور وجسداً أضناه السهر والإجهاد.. وللأسف الخبر الذي يخزي أن دور الدردشة والمحادثة أصبحت مرتعاً ليس للشباب فقط بل للشيبان والعجائز، هؤلاء الذين أصبح أبناؤهم يطاولونهم يدردشون وكأنهم مراهقون مع البنات اللواتي لا شغل لهن ولا عمل، ولكن حقاً سؤال يختلج في صدري لهؤلاء: أما استحييت من شيبتك؟ والله لهو أمر مخجل أن تجد الشيب قد خط في الرأس ما خط وتراه يكلم تلك ويرقم الأخرى وكل ذلك عبر النت، أما الآخر فتجد الأفلام قد اكتسحت الجهاز فلا تجد للملف الجديد من محل.

في النت كنوز ومحطات تزويد بالمعلومات والثقافة المهمة التي يمكن في أي وقت أن يطلع عليها الفرد وينهل منها العلم الوافر الكثير، وهذا شيء لا يمكنني أو لأي أحد غيري نفيه، ولن تحتاج لقضاء الساعات الطوال أمام شاشة الحاســـوب، فالشخص المنظم ينظم وقته بين أشغاله وعلمه وثقافته، يراجع جدول أعماله ويحد من إهماله ليتفاداه ولينجح في الحياة..

وللأسف أيضاً عندما أجريت بحثاً بواسطة الموقع المشهور: (Google) عن أكثر الأقطار استخداماً لمجموعة معينة من كلمات البحث عبر الموقع كانت المفاجآت واحدة تلو الأخرى، حيث عندما بحثت بكلمة (ثقافة) وجدت السودان قد تصدرت قائمة الدول العشر وبعدها كانت سورية، بينما الكويت لم تكن موجودة أصلاً، في حين آخر عندما بحثنا عن كلمة (بنات) وجدنا الكويت دخلت القائمة بالمرتبة العاشرة والسعودية للأسف بالمرتبة الأولى، وعندما اخترنا كلمة (شات) صعدت الكويت إلى المرتبة التاسعة، وبكلمة (غزل) وصلت الكويت إلى المرتبة السادسة من بين 22 دولة عربية، وعن كلمة (عشق) وصلنا إلى الرابعة والعدد في تصاعد، وإذا أراد أي شخص أن يتأكد من هذه الإحصائيات فرابط إحصائيات الموقع هو: www.google.com/trends



قد يظن بعضنا أنها مبالغة أن نقول إنهم أصبحـوا مدمنـين، ولكـن ربما هذا هو المصطلح الوحيد الذي يقـال على من ترك فروضه وأهمل دراسته وعمله وأضنى جسده بالسهر والتعب، ورمى بكل مشكلاته على الظروف وعاش عادياً ليموت عادياً، وهدم حيـاته بكاملها من أجل.. النت!!