ثقافة الاستهلاك الأسري والادخار


د.بسام خضر الشطي


أعجبني كتيب صغير أعده وأصدره (بيت الزكاة) تحت عنوان: (ميزانية الأسرة)، فرواتب المواطنين تعد عالية مقارنة مع الدول الأخرى، ولا سيما أنه لا يوجد عبء الضرائب.



- وأوضح المؤلف (مجهول) أن سبل تشجيع الادخار: اتباع نظام تخطيط للصرف المالي، ووضع ميزانية شهرية في جدول لكل أفراد الأسرة، ثم تشجيع الميل للادخار لدى الأبناء، وذلك من خلال تخصيص جزء من المصروف اليومي أو الأسبوعي، ثم اتباع نظام الشراء بالتجزئة، واتباع نظام الأقساط؛ لأن غالبية الأسر تتوجه إلى الاقتراض؛ مما يزيد من عبء المصروفات، والعمل على تثبيت أوجه الإنفاق الشهري.



- مسؤولية إدارة المصروفات الأسرية تكون بيد الزوج أو الزوجة، ولكن بدون اتهامات: (مبذر) أو (بخيل)، ويجب تدوينها مع اتباع أسلوب الصراحة والرضا عن هذه الإدارة المالية، ووضع الأولويات الحياتية من مثل تسديد فاتورة الكهرباء والماء والوقود وبطاقات الهواتف النقالة والاشتراك في خطوط الإنترنت والهواتف الثابتة المنزلية، ثم ملابس الشتاء والصيف والعيدية والمناسبات، ثم شراء المواد الغذائية والاستهلاكية الأخرى ومصروفات التنظيف ورواتب العمالة المنزلية وأقساط المنازل أو إيجاراتها ومصروفات الأولاد وسداد الديون والتبرع الخيري.

وبعد ذلك تلزم نفسك وأسرتك بالادخار، وأهم شيء أن تبتعد عن عالم الديون وإغراق نفسك وأهلك في هذا الوحل الخطير.



- النجاح يأتي من خلال التخطيط ورصد الحساب وتدقيق المتابعة والمراقبة وإصدار القرارات، فلقد سجلت دراسة وزارة التخطيط أن أموال المواطنين تستهلك في الوجبات السريعة والمطاعم والترفيه وتسديد الهواتف النقالة وأقساط السيارة و(الكشخة): نظارات شمسية وشراء ملابس على الموضة والماركات والمقارنة مع الآخرين وإلزام الأسرة بهذا البذخ الكمالي، والسفرات الصيفية والمدارس الخاصة الباهظة الثمن.



- تسع أفكار تساعد على المحافظة على الميزانية وتوفير المال: تكليف شخص بالمتابعة ومراقبة المصروفات وإيرادات الأسرة، كتابة ما يصرفه الزوجان على كل شيء، ووضع دفتر خاص للأسرة لبيان الإيرادات والمصروفات، وجعل الميزانية مرنة تستوعب أي مستجدات طارئة، وإشراك الأبناء في تحمل وضع الميزانية وحسّ الوسطية في الصرف، ووضع خطط مستقبلية للجميع، وهذه مسؤولية يشترك فيها أفراد الأسرة، الاستعداد للصيف وقضاء إجازة ممتعة من جزء من هذا الادخار وليس كله، والإبداع في التوفير اليومي أو الأسبوعي.



- والتوفير أربعة أنواع: عفوي لا يخطط له الزوجان، ولا يضعان له برنامجا مقننا، وسرعان ما يزول بعد أقل من ثلاثة أشهر، ومؤقت: حيث يوفران لشراء جهاز (كمبيوتر)، وينتهي بعد تحقيق الهدف، وتوفير دائم لشراء أرض أو زواج الابن، وهذا لا يحقق كل الأهداف، وإجباري: وهذا الذي يفرض نفسه على الشخص بعد أن يضعه في حساب آخر ولا توجد معه بطاقة سحب.



- 20٪ من حالات الطلاق في أقل من ثلاث سنوات زواج بسبب فقدان الإدارة المنزلية على الصرف وحسن الإنفاق، والوقوع في برامج الديوان والضغوط المالية، وعدم استقرار الميزانية، وهذا يفقد الأسرة سعادتها.



- ما زلت أذكر خادمتنا، وكان راتبها 50 ديناراً، وبه اشترت منزلاً وتزوجت خلال أربع سنوات قضتها، وعامل نظافة في سكن وقد فتح بقالة صغيرة للعمال، واشترى خمس عمارات في صعيد مصر، وكان راتبه 50 ديناراً، وأمضى في الكويت عشر سنوات ودفع رسوم ابنيه المدرسية حتى تخرجا وكان أحدهما طبيباً والآخر مهندساً.




- هذا الكتيب الرائع لم يدع حتى ميزانية الأسرة في السياحة والسفر، فوضع لها أربع قواعد: المكان والمدة والنوعية والكيفية، والتقدير والاختيار، وجدية التفكير، ودفتر مراجعة الحساب، وحسن استخدام الجدول: وتذاكر السفر، وتأشيرة الدخول، والإقامة، والمواصلات، الوجبات، والسيارات السياحية، والترفيه، والهدايا، والهاتف، والأسواق، وغسيل الملابس، وأجور زيادة الوزن، والأدوية، والنثريات، والطوارئ.



أعتقد أنه آن الأوان لتهيئة النفوس والتعاون الكلي والشعور بالمسؤولية لنشر ثقافة ترشيد الاستهلاك والادخار، فمن يبدأ ومتى؟