علماء وأساتذة الشريعة يؤكدون: المذاهب الأربعة كلها تجمع على أن الإمامة والأذان للرجال فقط


مجلة الفرقان


أثيرت تساؤولات بين الناس حول جواز أن تعمل المرأة مؤذنة في المساجد؟ ويبدو أن مسألة تهافت المرأة على بعض المناصب الدينية التي لا يجيز لها الشرع الحكيم وإثارة مثل هذه الأمور تستخدم نوعا من بالونات اختبار لقوة مناعة المجتمعات الإسلامية، وهل يمكن إقحام المرأة في المسائل الدينية لجعلها نوعا من الحقوق التي يجب أن تستردها من الرجل كما حدث قبل ذلك في مسألة إمامة المرأة للرجال عندما قامت أستاذة في الدراسات الإسلامية في إحدى الجامعات الأمريكية بإمامة الصلاة للرجال والنساء، وألقت عليهم خطبة الجمعة، ورغم أن مثل هذه المسائل ما تزال في نطاق ضيق في العالم الإسلامي لكن إثارتها في بعض الأحيان تدل على عدم احترام الأحكام الشرعية من قبل بعض الشرائح الإسلامية، وفي هذا الصدد تحدث العديد من الدعاة وأساتذة الشريعة لبيان حكم الشرع في أذان المرأة.

وحول حكم أذان المرأة استنكر الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فضيلة الشيخ حاي الحاي تصدي المرأة لمنصب رجالي ذكوري كوظيفة الأذان, واصفا إياه بالبدعة والمنكر القبيح الذي لم يحدث طوال التاريخ الإسلامي, وقال: إنها لمصيبة كبرى وطامة عظمى ومخالفة صريحة ومباينة شنيعة لشريعة الله؛ حيث يقول سبحانه: {وقرن في بيوتكن}, خاصة أنها ستحتاج للخروج من بيتها للمسجد 5 مرات, وتساءل الحاي: كيف سيكون الحال مع المرأة المؤذنة في صلاتي العشاء والفجر حيث الظلام الدامس والحالك, والنبي[ يقول: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان؟!

وتابع أن المرأة أشد ما تكون أمنا وهي في قعر دارها وبيتها, مشيرا إلى أن صوتها فتنة وذلك لرقته ونعومته ونداوته, وأضاف فضيلته أنه لم يثبت عن أحد من العلماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم جواز أذان المرأة أو أنه مستساغ, لافتا إلى أن القول بجوازه باطل شرعا.

وتابع قوله: كيف ستصنع المرأة المؤذنة في حال أن تأخر الإمام في الحضور, وهل ستتقدم للإمامة حيث من المتعارف عليه عند الفقهاء أن من أذن فهو يقيم.

ومن جهته أوضح رئيس اللجنة العلمية التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي فرع صباح الناصر د.محمد حمود النجدي أن الأذان فرض كفاية على الرجال في الحضر, بينما يسن في المنفرد, لافتا إلى أنه لا أذان على النساء بغير خلاف بين الصحابة ومن بعدهم، وأنه لا يجوز أبدا.

وتابع أن المرأة ممنوعة من رفع الصوت بالمسجد بقولها: سبحان الله، بل لها أن تصفق إذا سها الإمام, متسائلا: كيف يسمح لها بعد هذا برفع الأذان في الحي وفي المدينة؟!

ومن جانبه قال خبير الموسوعة الفقهية وعضو هيئة الفتوى في دولة الكويت د. أحمد الحجي الكردي بحسب ما جاء في الموسوعة الفقهية في موضوعي أذان المرأة وإمامتها، حيث قال: أولا بالنسبة لأذان المرأة: من الشروط الواجبة في المؤذن أن يكون رجلا، فلا يصح أذان المرأة؛ لأن رفع صوتها قد يوقع في الفتنة، وهذا عند الجمهور في الجملة، ولا يعتد بأذانها لو أذنت، واعتبر الحنفية الذكورة من السنن، وكرهوا أذان المرأة، واستحب الإمام أبو حنيفة إعادة الأذان لو أذنت، وفي «البدائع»: لو أذنت للقوم أجزأ، ولا يعاد؛ لحصول المقصود، وأجاز بعض الشافعية أذانها لجماعة النساء دون رفع صوتها.

وفيما يتعلق بإمامة المرأة قال الكردي: يشترط لإمامة الرجال أن يكون الإمام ذكرا؛ فلا تصح إمامة المرأة للرجال، وهذا متفق عليه بين الفقهاء؛ لما ورد في الحديث أن النبي[ قال: «أخروهن من حيث أخرهن الله»، والأمر بتأخيرهن نهي عن الصلاة خلفهن، ولما روى جابر مرفوعا: «لا تؤمّن امرأة رجلا» ولأن في إمامتها للرجال افتتانا بها.

وأضاف: أما إمامة المرأة للنساء فجائزة عند جمهور الفقهاء، وهم الحنفية والشافعية والحنابلة، واستدل الجمهور لجواز إمامة المرأة للنساء بحديث أم ورقة: «أن النبي[ أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها».

لكن كره الحنفية إمامتها لهن؛ لأنها لا تخلو عن نقص واجب أو مندوب، فإنه يكره لهن الأذان والإقامة، ويكره تقدم المرأة الإمام عليهن؛ فإذا صلت النساء صلاة الجماعة بإمامة امرأة وقفت المرأة الإمام وسطهن.

أما المالكية فلا تجوز إمامة المرأة عندهم مطلقا ولو لمثلها في فرض أو نفل.

ومن جهة اخرى قال الداعية الشيخ داود العسعوسي الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: إن الأدلة تواترت من الكتاب والسنة على ألا يقوم بالأذان والإمامة سوى الرجال، مشيراً إلى أن الفقهاء اشترطوا في المؤذن أن يكون صيتا أميناً ذكرا، وهذا ما لم يتوافر في المرأة.

وأضاف العسعوسي أن هذا الأمر يعد بدعة لم نسمع بها على مر العصور أن تتولى المرأة الأذان وتباشره بنفسها، مبيناً أن هذا الأمر مشروع للمرأة بين النساء وفي حضرتهن، لا في حضرة الرجال وعلى الملأ.

وأكد أن العبادات أصلها التوقيف ولم يرد عن رسول الله[ ولا الصحابة من بعده أن تولت إحدى النساء الأذان أو مباشرته لها بنفسها.

ومن جانبه أكد الداعية الشيخ أحمد الكوس أن الأذان والإمامة وغيرهما هي من أمور العبادات وهي أمور توقيفية على الكتاب والسنة، مشيراً إلى أن مثل هذه الأمور لا يقيمها إلا الرجال.

وأضاف الكوس أن مثل تلك الأمور لم تثبت على مر العصور أن تولاها غير الرجال، لافتاً إلى أن المذاهب الأربعة كلها تؤكد أن الإمامة والأذان هي للرجال فقط.

وتابع قائلاً: إن مذهب الشافعي في أذان المرأة أنه لا يصح منها، وهو كذلك نقلاً عن مالك حيث قال: لا يصح من المرأة، كما نقل ابن عابدين من المذهب الحنفي كذلك أنه لا يجوز لها، مشيراً إلى أن ابن باز -رحمه الله- عندما سئل عن ذلك قال: إنه لا يجوز إلا من الرجال فقط، كما نقل هذا الأمر أيضاً عن اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية.

وبين الكوس أن مثل هذا الأمر لم يرد على مر العصور، ولم ينقل عن أحد لا نصاً ولا نقلاً، ولا يوجد ما يثبت هذا الأمر جملة وتفصيلاً.


وفي السياق نفسه استنكر الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ راشد العليمي مثل هذا الأمر قائلاً: إن هذه بدعة لم تعرف في التاريخ الإسلامي من قبل أن تتولى امرأة الأذان أو الإمامة، مستغرباً من أن القضايا التي أصبحت لنا معلومة لدينا بالضرورة ومن ركائز الدين نجادل فيها ونختلف عليها كإمامة المرأة الرجال والأذان وغيرهما.

وأشار العليمي إلى أنه يشترط في المؤذن تليين صوته وأن يكون ذا صوت شجي، مستنكراً أن تقوم الحرة العفيفة بمثل هذا الأمر من ترقيق وتنعيم لصوتها، بالإضافة إلى خروجها للأذان لمدة 5 مرات في اليوم والليلة.

وقال: إن مثل هذا الأمر يعد من القضايا المحسومة في الشريعة بالإجماع، كالإمامة والصلاة وقضية ولاية الرجل والقوامة منه على المرأة، مؤكداً أن من المؤذنين على عهد الرسول[ من كان أعمى، ومع ذلك لم يسمح لمرأة أخرى مبصرة أن تقوم بهذا الأمر عنه.

وبين العليمي أن من شروط المؤذن أن يكون جهورياً وذا صوت شجي، وهذا يخالف قوله تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.