ما الفائدة المرجوة من تدريس المعازف في المدارس؟!


د.بسام خضر الشطي


الحضارات الإنسانية السابقة تسير في دورة تنشأ فيها ثم تزدهر ثم تتلاشى، وقد يكون لها أثر وتأثير يغلب عليه الجانب السلبي، فلا توجد فيها شخصية تعتز بها أو رسالة تتعلق بالإيمان الصحيح تسير عليها.
أما حضارة الإسلام فهي حضارة صاعدة وثابتة لا تعرف التقهقر ولا الهبوط، بل تملك جوانب القوة؛ لأنها حضارة الدين الكامل والتام والملة المرضية الصالحة لكل زمان ومكان، وتنطلق من عقيدة واحدة يرتبط بها المسلم كارتباط الروح بالجسد واللفظ بالمعنى.
فالمحب لدينه وأمته ووطنه عليه أن ينظر في مسيرة التربية والتعليم نظرة تقويمية لحساب الربح والخسارة ومقدار ما تحقق من التقدم المنشود، مقابل ما صرف من أموال وجهود في المنشآت والمناهج والوظائف والمخرجات، وماذا كانت الحصيلة لفلذات الأكباد والشباب والفتيات سوى أن بعضهم عاش في فوضى فكرية هائلة وتناقض في الأفكار وأصابه الشك والارتياب في الدين، والتهاون في الفرائض والواجبات، والتمرد على الآداب والأخلاق؛ لأنه رأى ولمس وتربى على نظريات فرضت عليه تخالف الدين وتقوم على تجارب بشرية يخطئ أصحابها، وقد يصيبون في بعضها ويمشون ويتعثرون، وقد يقترن بعضها بالإلحاد والإفساد والاستخفاف بالدين والقيم، ثم تصبغ بصبغة الإيمان كما هو حاصل في مقررات الموسيقى والمعازف، فماذا استفاد منها شبابنا؟! فهل هم حقل تجارب حتى نلزمهم بما يخالف دينهم وخطط الدولة وأهدافها؟ بله الأهداف التعليمية؟! فكلما جاء مسؤول ينتمي إلى تيار معين رصد ميزانية لتحقيق مآربه وطموحاته التي تخالف أبجديات الإسلام؛ فهي خيانة عظمى للدين وغدر بالذمة، فكيف استهوته الشياطين ليقبل بالمبادئ المستوردة، كيف يصبح أسيرا للأفكار الوافدة ويعتقد أنها تقدمية فإذا بها رجعية؟، كل هذا ضعف ونزول مبني على الأوهام والخرافة وقلة الاكتراث، فما يتوهمون أنه يصلح لهم لا يصلح لنا أبدا، بل هو مرض ومقرر خصب لاستهواء الشياطين.
نحن نريد صناعة الرجال وصياغة العقول وصيانة السلوك، والعمل على الصلاح والإصلاح، واستعادة العزة وتثبيت الكرامة، وصلاح القلوب وتطييب النفوس، وتزكية العقول في تقدير للمواهب والإبداعات التي تنسج الحضارة والمثل الأعلى.
نحن نريد مناهج مشبعة بروح الدين وما لا يعارض الدين، بل تبعث الإيمان واليقين وتجمع بين النظري والعملي لتنشئ لنا أجيالا تفكر بعقل مسلم، وتكتب بقلم مسلم، وتدير دفة أمورها بسيرة رجل مسلم، وتجسد الدين والأخلاق والأهداف والمصالح الحقيقية التي ترسم النهج الإسلامي الذي به نور البصيرة وصفاء السريرة وسداد الرأي وصدق القول وحسن العمل وسلامة التخطيط.
أدلة تحريم الموسيقى والمعازف كثيرة منها:
< قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} (لقمان: 6) قال حبر الأمة ابن عباس: «هو الغناء»، وقال الحسن البصري: «نزلت في الغناء والمزامير»، وقال ابن مسعود: «والله الذي لا إله إلا غيره، هو الغناء».
< وقال تعالى أيضا: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورَجِلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} (الإسراء: 64) وفي تفسير الجلالين: «الغناء والمزامير واللهو».
< وقال تعالى أيضا: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما} (الفرقان: 72).
قال الطبري: «إذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما.. وذلك كالغناء». والأدلة من السنة كثيرة منها: «ليكوننّ من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم الفقير لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيّتهم الله، ويضع العَلَم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» رواه البخاري. وحديث: «ليكوننّ في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمر، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف» مصحّح في السلسلة الصحيحة 2203».
< وقال عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله -: «الغناء مبدؤه الشيطان، وعاقبته سخط الرحمن».
قال الإمام أبوحنيفة النعمان: «إن السماع فسق، والتلذذ به كفر».
< وقال الإمام الشافعي عن الغناء: «أول ما أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس عن الصلاة وعن الذكر» (الزواجر عن اقتراف الكبائر).
< وقال ابن القيم: الغناء ينبت النفاق في القلب.
قال ابن تيمية رحمه الله: «المعازف خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حُمَيّا الكؤوس».
وعليه: هل تراجع «التربية» نفسها، وهل يطالب النواب الملتزمون والمحبون للدين «التربية» باستبدال هذا المقرر بمقر آخر يعود بالنفع والخير على العباد والبلاد.