البحث التفسيري للايات 21-22 من سورة البقرة
عبير ماجد
المرحلة الأولى : تصنيف أقوال العلماء
مسائل القراءات
القراءات في قوله تعالى (جعل لكم )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (*
ويجوز في قوله:*{جعل لكم الأرض}*وجهان: الإدغام والإظهار،*تقول: "جعلَ لكم" و"جعلْ لكم الأرض"،*فمن أدغم: فلاجتماع حرفين من جنس واحد وكثرة الحركات، ومن أظهر -وهو الوجه وعليه أكثر القراء-: فلأنهما منفصلان من كلمتين.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@ @@@@@@@@@@@@
نزول الآية
نزول الآية – و الفرق بين المكي والمدني :
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ):*(وأخبرني خالد بن حميد عن عقيل، عن ابن شهاب قال: كل شيء في القرآن*{يا أيها الناس}، ما لم يكن سورة تامة، فإنما أنزل الله ذلك بمكة، وكل شيء في القرآن*{يا أيها الذين آمنوا}، فإنما أنزل كله بالمدينة حين استحكم الأمر).*[الجامع في علوم القرآن: 1/ 56]
قال عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
وقال مجاهد:*«يا أيّها النّاس حيث وقع في القرآن مكي، ويا أيّها الّذين آمنوا مدني».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: قد تقدم في أول السورة أنها كلها مدنية، وقد يجيء في المدني (يا أيّها النّاس)، وأما قوله في (يا أيّها الّذين آمنوا) فصحيح.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :*(قوله تعالى:*{يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}.
-*أخرج البزار والحاكم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال:*«ما كان (يا أيها الذين آمنوا) أنزل بالمدينة وما كان*{يا أيهاالناس}*فبمكة ».
-*وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال:*«قرأنا المفصل ونحن بمكة حجيجا ليس فيها (يا أيها الذين آمنوا)».
-*وأخرج أبو عبيد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن الضريس، وابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن علقمة قال:*«كل شيء فيالقرآن*{يا أيها الناس}*فهو مكي وكل شيء في القرآن (يا أيها الذين آمنوا) فإنه مدني».
-*وأخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الضحاك مثله.
-*وأخرج أبو عبيد عن ميمون بن مهران قال:*«ما كان في القرآن*{يا أيها الناس}*ويا بني آدم فإنه مكي وما كان (يا أيها الذين آمنوا) فإنه مدني».
-*وأخرج ابن أبي شيبه، وابن مردويه عن عروه قال:*«ما كان (يا أيها الناس) بمكة وما كان (يا أيها الذين آمنوا) بالمدينة».
-*وأخرج ابن أبي شيبه، وابن مردويه عن عروة قال:*«ما كان من حج أو فريضة فإنه نزل بالمدينة أو حد أو جهاد فإنه نزل بالمدينة، وما كان من ذكر الأمم والقرون وضرب الأمثال فإنه نزل بمكة».
-*وأخرج ابن أي شيبة عن عكرمة قال:*«كل سورة فيها (يا أيها الذين آمنوا) فهي مدنية».
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@ @@@@@@@@@@@@
المناسبات والمقاصد
مناسبة الآية
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون}.*
فأمر جلّ ثناؤه الفريقين اللّذين أخبر اللّه عن أحدهما أنّه سواءٌ عليهم أنذروا أم لم ينذروا أنّهم لا يؤمنون، لطبعه على قلوبهم، وسمعهم، وعن الآخر أنّه يخادع اللّه والّذين آمنوا بما يبدي بلسانه من قلبه: آمنّا باللّه واليوم الآخر، مع استبطانه خلاف ذلك، ومرض قلبه، وشكّه في حقيقة ما يبدي من ذلك؛ وغيرهم من سائر خلقه المكلّفين، بالاستكانة والخضوع له بالطّاعة، وإفراد الرّبوبيّة له، والعبادة دون الأوثان والأصنام والآلهة؛ لأنّ جلّ ذكره هو خالقهم وخالق من قبلهم من آبائهم وأجدادهم، وخالق أصنامهم وأوثانهم وآلهتهم.
فقال لهم جلّ ذكره: فالّذي خلقكم وخلق آباءكم وأجدادكم وسائر الخلق غيركم وهو يقدر على ضرّكم ونفعكم أولى بالطّاعة ممّن لا يقدر لكم على نفعٍ ولا ضرٍّ.
مقصد الآية ومضمونها :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : يعني بذلك أنّه جعل لكم الأرض مهادًا وموطئًا وقرارًا يستقرّ عليها. يذكر ربّنا جلّ ذكره بذلك من قيله عبادة نعمه عندهم وآلائه لديهم، ليذكروا أياديه عندهم فينيبوا إلى طاعته، تعطّفًا منه بذلك عليهم، ورأفةً منه بهم، ورحمةً لهم، من غير ما حاجةٍ منه إلى عبادتهم، ولكن ليتمّ نعمته عليهم ولعلّهم يهتدون.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانيّة ألوهيّته، بأنّه تعالى هو المنعم على عبيده، بإخراجهم من العدم إلى الوجود وإسباغه عليهم النعم الظّاهرة والباطنة، بأن جعل لهم الأرض فراشًا، أي: مهدًا كالفراش مقرّرة موطّأةً مثبّتةً بالرّواسي الشّامخات،*{والس ّماء بناءً}*وهو السّقف، كما قال في الآية الأخرى:*{وجعلنا السّماء سقفًا محفوظًا وهم عن آياتها معرضون}*[الأنبياء: 32]*وأنزل لهم من السّماء ماءً -والمراد به السّحاب هاهنا-في وقته عند احتياجهم إليه، فأخرج لهم به من أنواع الزّروع والثّمار ما هو مشاهدٌ؛ رزقًا لهم ولأنعامهم، كما قرّر هذا في غير موضعٍ من القرآن. ومن أشبه آيةٍ بهذه الآية قوله تعالى:*{اللّه الّذي جعل لكم الأرض قرارًا والسّماء بناءً وصوّركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطّيّبات ذلكم اللّه ربّكم فتبارك اللّه ربّ العالمين}*[غافرٍ: 64]*ومضمونه: أنّه الخالق الرّازق مالك الدّار، وساكنيها، ورازقهم، فبهذا يستحقّ أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره؛ ولهذا قال:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا وأنتم تعلمون}
مناسبة الآية لما قبلها وما بعدها
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : أنّه الخالق الرّازق مالك الدّار، وساكنيها، ورازقهم، فبهذا يستحقّ أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره؛ ولهذا قال:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا وأنتم تعلمون}
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (*(باب: قوله تعالى:*{فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون}
ذكر هذه الآية توطئة للحديث الّذي ذكره بعدها، ولما خاطب الله عز وجل أولا النّاس من المؤمنين والكفّارة والمنافقين بقوله:*{يا أيها النّاس اعبدوا ربكم الّذي خلقكم}*إلى قوله:*{فلا تجعلوا}*أي: وحدوا ربكم الّذي من صفاته ما ذكر، خاطب الكفّار والمنافقين بقوله:*{فلا تجعلوا الله أنداداً}*
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@ @@@@@@@@@@@@
المسائل التفسيرية
معنى (اعبدوا ربكم ):
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وكان ابن عبّاسٍ فيما روي لنا عنه يقول في ذلك نظير ما قلنا فيه، غير أنّه ذكر عنه أنّه كان يقول في معنى:*{اعبدوا ربّكم}«وحّدوا ربّكم».
والذي أراد ابن عبّاسٍ إن شاء اللّه بقوله في تأويل قوله:*{اعبدوا ربّكم}*وحّدوه: أي أفردوا الطّاعة والعبادة لربّكم دون سائر خلق
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله:*{اعبدوا ربّكم}
-*وبه عن ابن عبّاسٍ: قوله:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم}*«أي وحّدوا ربّكم».).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 60]
قال عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
وقوله تعالى:*{اعبدوا ربّكم}*معناه وحدوه وخصوه بالعبادة، وذكر تعالى خلقه لهم من بين سائر صفاته إذ كانت العرب مقرة بأن الله خلقها، فذكر ذلك حجة عليهم.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :، أي: وحّدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم».*).*[تفسير ابن كثير: 1 / 195] (م)
وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:*«قال اللّه تعالى:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم}*للفريقين جميعًا من الكفّار والمنافقين، أي: وحّدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم».
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
{اعبدوا}*قال:«وحد وا».
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
معنى العبادة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وقد دلّلنا فيما مضى من كتابنا هذا على أنّ معنى العبادة الخضوع للّه بالطّاعة والتّذلّل له بالاستكانة.
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
الخطاب في قوله تعالى ( يا أيها الناس)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : حدّثنا محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:*«قال اللّه:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم}*للفريقين جميعًا من الكفّار والمنافقين، أي وحّدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم».
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):-*حدّثنا محمّد بن نحيى ابنا أبو غسّان ثنا سلمة بن الفضل عن محمّد بن*إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ:*{يا أيّها النّاس}*«أي الفريقين جميعًا من الكفّار والمنافقين».).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 59 – 60]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :*(وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:*«قال اللّه تعالى:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم}*للفريقين جميعًا من الكفّار والمنافقين،
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
-*وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله:*{يا أيها الناس}*«فهي للفريقين جميعا من الكفار والمؤمنين
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
معنى قوله تعالى (الذي خلقكم والذين من قبلكم )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم}*يقول: خلقكم وخلق الّذين من قبلكم.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله:*{الّذي خلقكم والّذين من قبلكم}
-*حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ: ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم}*يقول:*«خلق كم وخلق الّذين من قبلكم». وروي عن مجاهدٍ نحو ذلك).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :*وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله:*{الذي خلقكم والذين من قبلكم}*يقول:*«خلق كم وخلق الذين من قبلكم».
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
معنى ( تتقون )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قول الله جل وعز:*{يا أيها النّاس اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون}*قال:*«تطي عون*».).*[تفسير الثوري: 42]
قال عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :و{تتّقون}*مأخوذ من الوقاية،
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
-*وأخرج وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله*{لعلكم تتقون}*قال:*«تطيع ون».
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
المراد ب قوله تعالى (لعلكم تتقون)
قالَ أبومَّدُ جعفرٍ مُحَ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى:*{لعلّكم تتّقون}.
وتأويل ذلك: لعلّكم تتّقون بعبادتكم ربّكم الّذي خلقكم، وطاعتكم إيّاه فيما أمركم به ونهاكم عنه، وإفرادكم له بالعبادة، لتتّقوا سخطه وغضبه أن يحلّ عليكم، وتكونوا من المتّقين الّذين رضي عنهم ربّهم.
وكان مجاهدٌ يقول في تأويل قوله:*{لعلّكم تتّقون}*«تطيعون» .
-*حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله:*{لعلّكم تتّقون}*قال«لعلّ كم تطيعون».
والّذي أظنّ أنّ مجاهدًا أراد بقوله هذا: لعلّكم أن تتّقوا ربّكم بطاعتكم إيّاه وإقلاعكم عن ضلالتكم.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): وقوله*{لعلكم تتقون}*معناه: تتقون الحرمات بينكم، وتكفون عما تأتون مما حرمه اللّه،
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله:*{لعلّكم تتقون}
[الوجه الأول]
-*حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ثنا، أبو صفوان القاسم بن يزيد ابن عوانة عن يحيى أبي النّضر، ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك في قوله:{لعلّكم تتّقون}*قال:*«يقو ل: لعلّكم تتّقون النّار بالصّلوات الخمس».
الوجه الثّاني:
-*حدّثنا موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، ثنا أبو داود الحفريّ عن سفيان ، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ*{لعلّكم تتّقون}*«لعلّكم تطيعونه».).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله*{لعلكم تتقون}*قال:*«تتقو ن النار».).*[الدر المنثور: 1/ 177 - 180]
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
المراد ب (لعل) وتعلقها
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
فإن قال لنا قائلٌ:*فكيف قال جلّ ثناؤه:*{لعلّكم تتّقون}*أولم يكن عالمًا بما يصير إليه أمرهم إذا هم عبدوه وأطاعوه، حتّى قال لهم: لعلّكم إذا فعلتم ذلك أن تتّقوا، فأخرج الخبر عن عاقبة عبادتهم إيّاه مخرج الشّكّ؟
قيل له: ذلك على غير المعنى الّذي توهّمت، وإنّما معنى ذلك:*{اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم}، لتتّقوه بطاعته وتوحيده وإفراده بالرّبوبيّة والعبادة، كما قال الشّاعر:
وقلتم لنا كفّوا الحروب لعلّنا*.......*نكفّ ووثّقتم لنا كلّ موثق.
فلمّا كففنا الحرب كانت عهودكم*.......*كلمح سرابٍ في الملا متألّق
يريد بذلك: قلتم لنا كفّوا لنكفّ. وذلك أنّ لعلّ في هذا الموضع لو كان شكًّا لم يكونوا وثّقوا لهم كلّ موثق
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): فأما "لعل"*وفيها قولان ههنا، عن بعض أهل اللغة:أحدهما
معناها: كي تتقوا، والذي يذهب إليه سيبويه في مثل هذا أنه ترج لهم، كما قال في قصة فرعون:*{لعلّه يتذكّر أو يخشى}*كأنه قال: اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما، واللّه عزّ وجلّ من وراء ذلك وعالم بما يؤول إليه أمر فرعون.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله:*{لعلّكم}
-*حدّثنا موسى بن أبي موسى الأنصاريّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ. قوله:{لعلّكم}*يعن ي: غير آيةٍ في الشّعراء لعلّكم تخلدون يعني كأنّكم تخلدون).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 60]
قال عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
و «لعل» في هذه الآية قال فيها كثير من المفسرين هي بمعنى إيجاب التقوى وليست من الله تعالى بمعنى ترجّ وتوقّع.
وقال سيبويه ورؤساء اللسان: هي على بابها، والترجي والتوقع إنما هو في حيز البشر، أي إذا تأملتم حالكم مع عبادة ربكم رجوتم لأنفسكم التقوى، و{لعلّكم}*متعلقة بقوله:*{اعبدوا ربّكم}، ويتجه تعلقها بخلقكم أي لما ولد كل مولود على الفطرة فهو إن تأمله متأمل توقّع له ورجا أن يكون متقيا.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قوله:*{لعلكم}
(يعني كي غير آية في الشعراء*{لعلكم تخلدون}*[الشعراء 129]*يعني كأنكم تخلدون».
-*وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عون بن عبد الله بن غنية قال:*«{لعل}*من الله واجب».
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
معنى (جعل ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
و{جعل}*بمعنى صير في هذه الآية لتعديها إلى مفعولين،
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
معنى قوله تعالى ( الأرض فراشا ) :
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الّذي جعل لكم الأرض فراشاً}*أي: مهاداً ذللّها لكم فصارت مهاداً.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى:*{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}.
-*كما حدّثني موسى بن هارون، قال، حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:*«{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}*فهي فراشٌ يمشي عليها، وهي المهاد والقرار».
-*وحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة:*{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}*قال:*«مها دًا لكم».
-*وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ:*«{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}*أي مهادًا».).[جامع البيان: 1 / 387 – 388]
يعني بذلك أنّه جعل لكم الأرض مهادًا وموطئًا وقرارًا يستقرّ عليها.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (*معناه: وطاء، لم يجعلها حزنة غليظة لا يمكن الاستقرار عليها.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (
قوله تعالى:{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}*
-*حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ- يعني الرّازيّ- عن الرّبيع، عن أبي العالية:*{الّذي جعل لكم الأرض فراشا}*قال(مهادا) .
-*حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:*{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}*« أمّا فراشًا فهي فراشٌ يمشى عليها وهي المهاد والقرار».
وروي عن قتادة والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك).*[تفسير القرآن العظيم: 1 / 60 – 61]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (و"الفراش": المهد).*[ياقوتة الصراط: 171]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
و{فراشاً}*معناه تفترشونها وتستقرون عليها، و{ما في الأرض}*مما ليس بفراش كالجبال والبحار فهو من مصالح ما يفترش منها، لأن الجبال كالأوتاد والبحار يركب فيها إلى سائر منافعها،
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : فراشًا، أي: مهدًا كالفراش مقرّرة موطّأةً مثبّتةً بالرّواسي الشّامخات،
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :*(قوله تعالى:*{الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}
-*أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله:*{الذي جعل لكم الأرض فراشا}*قال:*«هي فراش يمشي عليها وهي المهاد والقرار»
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
معنى (السماء بناء )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : -*كما حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:*{والسّماء بناءً}،*«إبنتى السّماء على الأرض كهيئة القبّة، وهي سقفٌ على الأرض».
-*وحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة: في قول اللّه*{والسّماء بناءً}*قال:*«جعل السّماء سقفًا لك».
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (*
وقوله:*{والسماء بناء}: كل ما علا على الأرض فاسمه "بناء"، ومعناه: إنه جعلها سقفاً، كما قال عزّ وجلّ:*{وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً}.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله:*{والسّماء بناءً}
-*حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن بشّارٍ، ثنا وهب بن جريرٍ ثنا أبي قال: سمعت محمد ابن إسحاق يحدّث عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمّد بن جبير بن مطعمٍ، عن أبيه عن جدّه: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-:*«ويحك! أتدري ما اللّه؟ إنّ اللّه على عرشه وعرشه على سماواته وسماواته، على أرضيه هكذا». وقال بإصبعه مثل القبّة.
-*حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:(والسّم اء بناءً}*«أمّا السّماء بناءً، فبناء السّماء على الأرض كهيئة القبّة وهي سقفٌ على الأرض». وروي عن قتادة نحو ذلك).*[تفسير القرآن العظيم: 1 / 61]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
وقوله تعالى:*{بناءً}تشب يه بما يفهم، كما قال تعالى:*{والسّماء بنيناها بأيدٍ}*[الذاريات: 47].
وقال بعض الصحابة:*«بناها على الأرض كالقبة».
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ)
{والسّماء بناءً}*وهو السّقف، كما قال في الآية الأخرى:*{وجعلنا السّماء سقفًا محفوظًا وهم عن آياتها معرضون}*[
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :*(قوله {والسماء بناء}*قال:*«بنى السماء على الأرض كهيئة القبة وهي سقف على الأرض».
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
-*وأخرج أبو داود، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جبير بن مطعم قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت المواشي، استسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:*«سبحان الله»*فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه فقال:*«ويحك أتدري ما الله إن شأنه أعظم من ذاك وإنه لا يستشفع به على أحد وإنه لفوق*سمواته على عرشه وعرشه على*سمواته وسمواته على أرضيه هكذا - وقال بأصابعه مثل القبة - وإنه لئط به أطيط الرحل بالراكب».
-*وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن إياس بن معاوية قال:*«السماء مقببة على الأرض مثل القبة».
-*وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال:*«شيء من أطراف السماء محدق بالأرضين والبحار كأطراف الفسطاط».
-*وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي برة قال:*«ليست السماء مربعة ولكنها مقببة يراها الناس خضراء».).*[الدر المنثور: 1 / 179 – 181]
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &
يتبع