أثر ابن مسعود - رضى الله عنه -: ((إن الوجع لا يكتب به الأجر...))
رواه أبو معمر الأزدي ، واختُلف عليه:
- فرواه الأعمش ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ , عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: " إِنَّ الْوَجَعَ لَا يُكْتَبُ بِهِ الْأَجْرُ , إِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْعَمَلِ , وَلَكِنْ يُكَفِّرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْخَطَايَا "
أخرجه ابن أبي شيبة (10821) ، وهناد بن السري في "الزهد" (411) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9388) ، والطحاوي في "شرح مشكل الاثار" (465/5) ، والطبراني (8922) ، ومن طريقه الشجري في "الأمالي الخميسية" (2879).
- ورواه جامع بن شداد ، واختُلف عليه:
-- فرواه المسعودي ، عنه ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ الْأَزْدِيُّ: كُنَّا إِذَا سَمِعْنَا مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، شَيْئًا نَكْرَهُهُ سَكَتْنَا حَتَّى يُفَسِّرَهُ لَنَا، فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: "أَلَا إِنَّ السَّقَمَ لَا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرٌ فَسَاءَنَا ذَلِكَ وَكَبُرَ عَلَيْنَا، قَالَ: «وَلَكِنْ يُكَفَّرُ بِهِ الْخَطَايَا» ، قَالَ: فَسَرَّنَا ذَلِكَ وَأَعْجَبَنَا.
أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (16) ، والطبراني (8506) ، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1332).
-- ورواه شعبة ، عنه ، عن عُمارةَ بنِ عُمير، عن أبي معمر، عن عبدِ الله بنِ مسعود به.
أخرجه الطحاوي في "ِشرح مشكل الاثار" (464/5) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (392/14).
وقال ابن هانئ في "مسائله للإمام أحمد" (2311): "سألته عن حديث عمارة، حديث أبي مَعْمَر: "إن الوجع لا يكتب به الأجر، ولكن يكفر به الخطايا"؟
قال: رواه شعبة، عن جامع بن شداد، عن عمارة، عن أبي مَعْمَر، عن أبي ميسرة، وهو عمرو بن شرحبيل، والحديث صحيح، حديث أبي مَعْمَر.
ثم قال: جامع بن شداد ثبت، ثبت، ثبت."
قلت: لم أقف على رواية شعبة له ، بزيادة عمرو بن شرحبيل ، والراوي عنه عند ابن عبد البر ، هو غندر ، وهو من أثبت الناس في شعبة ، فالله أعلم.
وعبد الله بن سخبرة ، أبو معمر الأزدي ، وعمرو بن شرحبيل ، كلاهما سمعا من عبد الله بن مسعود ، فالخلاف في الإسناد لا يضر ، والله أعلم.
قال ابن القيم في "عدة الصابرين" (155/1) - بعد أن ذكر قول ابن مسعود -:"وهذا من كمال علمه وفقهه رضي اللَّه عنه، فإن الأجر إنما يكون على الأعمال الاختيارية وما تولّد منها، كما ذكر سبحانه النوعين في آخر سورة التوبة في قوله في المباشِر من الإنفاق وقطع الوادي: {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ} [التوبة: ١٢١]، وفي المتولد من إصابة الظمأ والنصب والمخمصة في سبيله وغيظ الكفار: {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: ١٢٠]، فالثواب مرتبط بهذين النوعين، وأما الأسقام والمصائب فإن ثوابها تكفير الخطايا، ولهذا قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠].
والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما قال في المصائب: "كفّر اللَّه بها من خطاياه"، كما تقدم ذكر ألفاظه صلي اللَّه عليه وسلم. وكذا قوله: "المرضُ حِطَّةٌ". فالطاعات تَرفع الدرجات، والمصائب تحُطُّ السيئات. ولهذا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يُرد اللَّه به خيرًا يُصِب منه". وقال: "من يُرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين". فهذا يرفعه، وهذا يحطُّ خطاياه." انتهى.
والله أعلم.