وكأنهم يعيشون في كوكب آخر غير الذي نعيش فيه!!


أن يُسدي إليك معروفًا ولا يسلم منك، أو تُسدي إليه معروفًا ولا تسلم منه، هذا يحدث كثيرًا في عالمنا، أكثرنا لا يشكر الخالق ولا يرضى عن عطاء الخالق، فكيف يشكر مخلوق ويرضى عن مخلوق؟!
وقد يحدث هذا بين أقرب الأقربين، في بيت واحد، بين زوج وزوجة، أو أب وابن، أو أخ وأخت، الشيطان ينزغ بين الناس، والناس لا تستعيذ بالله منه، ولا تجاهد نفوسها في صراعها الأبدي معه، تشعر وكأن الشيطان يقضي أكثر وقته، وينسج أخبث حيله في إفساد علاقة بين مسلم ومسلمٍ، والأكثر من ذلك إنسان ليس بينك وبينه شيء، لا يجمعكما شيء، لم تنفعه بشيء أو تضره بشيء، وهو لم ينفعك بشيء أو أضرك بشيء، بينك وبينه لا شيء، لا شيء!!

ومع ذلك تنبت في صدره وساوس شيطان تجاهك، أو تنبت في صدرك وساوس تجاهه، أمر عجيب عندما تتأمله، وربما تفسره بأن الشيطان نزغ بين قلبين؛ ليمنع علاقة طيبة بين مسلم ومسلم، هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى نزع ليمنع خير عنه أو عنك، ربما إذا اقتربت منه تنتفع بخير فيه، وربما إذا اقترب منك انتفع بخير فيك، ربما يكون فيك هدايته، وربما يكون فيه هدايتك، والله أعلم بأحوال عباده،
لكن تأمل أحوال المتحابين في الله والموصولين بحبل الله، تأمل أحوال المتواصين بينهم بالحق وبالخير، وبكل ما يرضاه الله، تأمل أحوالهم وربما لم يلتقوا أو يجتمعوا مرة واحدة في حياتهم، لم تجمعهم شؤون الدنيا، لكن تلاقت قلوبهم وجمعهم دينهم!

تأمل أحوالهم لتشعر وكأنهم يتنفسون على أرض غير الأرض التي نحيا عليها، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر غير الذي نعيش فيه!
______________________________ __________
الكاتب: د. عبدالله ظهري