لما له من مفاسد عظيمة العلمـاء يجمعون علـى حرمـة الاختـلاط في المدارس والجامعات


عبدالقادر علي ورسمه



برزت في الفترة الآخيرة دعوات مشبوهة تدعو إلى السماح بالاختلاط في الجامعات ولا سيما في الجامعات الخاصة والأجنبية بحجة الحرية الشخصية، فضلا عن الهجمات المتتالية التي تتعرض لها بعض الشعائر الإسلامية كالحجاب والنقاب من قبل العلمانيين المتسترين وراء الكلمات البراقة كالحرية والتمسك بالدستور، رغم أنهم يمثلون أول من يتهرب من تنفيذ بنود الدستور والقوانين عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على المجتمع من الفساد وزعزعة ثوابته الإسلامية، متناسين أن دستور الدولة ينص في المادة الثانية منه على أن: دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع. وفي المادة التاسعة ينص على أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن.

وهذا يؤكد أن ما يخالف الشريعة الإسلامية مخالف للدستور، ومع ذلك نجد أن فئة قليلة من المجتمع تحاول تحويل البلد إلى بلد بعيد عن التمسك بالمبادئ الأساسية التي أمرنا بها ديننا الإسلامي الحنيف، ولتوضيح موقف الإسلام من الاختلاط نستعرض هنا أقوال بعض العلماء الكبار، رغم علمنا أن الشعب الكويتي وغيره من الشعوب الإسلامية متجهون إلى العودة الصحيحة للإسلام وقيمه، ولا يأبهون بأقوال هذه الفئات البعيدة عن الإسلام وقيمه السامية.

الاختلاط بحجة سلامة النية

يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله -عن حكم الاختلاط بالنساء بحجة سلامة النية: هذه الأمور من عادات الجاهلية الأولى، والواجب شرعاً عدم كشف المرأة وجهها إلا لذوي محرمها، كما أن الواجب على المرأة عدم الاختلاط بالأجانب وهي متكشفة، ويجب عليها أيضاً ألا تخلو في مكان مع رجل أجنبي وهو الذي لا يكون محرماً لها؛ لأنه يحدث بسبب ذلك من المفاسد ما لا حصر له. والله ولي التوفيق.

وفي توضيحه لخطر الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات يقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما ينبغي أن نوجهه للمسؤولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة، أن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية ولاينبغي أن يكون عليه المسلمون.

وقد قال [: «خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها»؛ وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال، والصف الآخر بعيد منهم، فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغباً فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيداً عما يتعلق بالدنيا، فما بالك إذا كان الاختلاط في المدارس أفلا يكون التباعد وترك الاختلاط أولى؟! إن اختلاط الرجال بالنساء فتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع فيها الكثير منا.

وفي صحيح البخاري عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله [ إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيرا قبل أن يقوم، قالت: نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال».

إن على المسؤولين في الدول الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنايتهم وأن يحموا شعوبهم من أسباب الشر والفتنة؛ فإن الله تعالى سوف يسألهم عمن ولاهم عليه. وليعلموا أنهم متى أطاعوا الله - تعالى - وحكموا شرعه في كل قليل وكثير من أمورهم فإن الله - تعالى - سيجمع القلوب عليهم ويملؤها محبة ونصحاً لهم، وييسر لهم أمورهم وتدين لهم شعوبهم بالولاء والطاعة.

ولتفكر الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين بما حصل من الشر والفساد في ذلك الاختلاط إن فتنة الاختلاط يمكن القضاء عليها بصدق النية والعزيمة الأكيدة على الإصلاح، وذلك بإنشاء مدارس ومعاهد وكليات وجامعات تختص بالنساء ولا يشاركهن فيها الرجال.

وإذا كان النساء شقائق الرجال فلهن الحق في تعلم ما ينفعهن كما للرجال، لكن لهن علينا أن يكون حقل تعليمهن في منأى عن حقل تعليم الرجال، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله [ فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: «اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا. فاجتمعن فأتاهن رسول الله [ فعلمهن مما علمه الله...» الحديث، وهو ظاهر في إفراد النساء للتعليم في مكان خاص؛ إذ لم يقل لهن لا تحضرن مع الرجال. أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين عموماً للسير على ما كان عليه النبي [ وأصحابه؛ لينالوا بذلك العزة والكرامة في الدنيا والآخرة.

حكم الدراسة في المدارس المختلطة

ومن جانبه يقول فضيلة الشيخ ابن جبرين -رحمه الله -عن حكم الدراسة في المدارس المختلطة: ننصح المسلم الذي يريد نجاة نفسه أن يبتعد عن أسباب الشر والفتنة، ولا شك أن الاختلاط مع الشابات في المدارس من أسباب وقوع الفساد وانتشار الزنى، ولو حاول الشخص أن يحفظ نفسه فلا بد أن يجد صعوبة، لكن إذا ابتلي الشخص بذلك فعليه التحفظ والاعتزال وغض البصر وحفظ الفرج وعدم القرب من النساء مهما استطاع، والله أعلم.

موقف الإسلام من التعليم المختلط

وجاءت فتوى اللجنة الدائمة للافتاء عن موقف الإسلام من التعليم المختلط كالآتي:

أولاً: تعلم العلوم النافعة من فروض الكفاية؛فيجب على الأمة وخاصة ولاة أمورها أن يهيئوا جماعة منها رجالاً ونساءً لتعلم ما تحتاج إليه من أنواع العلوم، وتيسر لهم طريقه حتى تنهض بالأمة في المحافظة على ثقافتها وعلاج مرضاها، وتجنبها مواطن الخطر، فإن تم ذلك برئت الذمة، ورجي الثواب، وإلا خشي وقوع البلاء، وحقت كلمة العذاب.

ثانياً: اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم محرم؛ لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة، ويتضاعف الإثم وتعظم الجريمة إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئاً من عوراتهن، أو لبسن ملابس شفافة تشف عما وراءها، أو لبسن ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن، أو داعبن الطلاب أو الأساتذة ومزحن معهم، أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض.

فعلى ولاة الأمور أن يخصصوا للطلاب معاهد ومدارس وكليات وكذا الطالبات؛ محافظة على الدين ومنعاً لانتهاك الحرمات والأعراض والفوضى في الحياة الجنسية، وبذلك يتمكن ذوو الغيرة والدين من الانتظام في سلك التعليم والتعلم دون حرج أو مضايقات. وإذا لم يقم ولاة الأمور بواجبهم، ولم يتم فصل الذكور عن الإناث في دور التعليم، ولا الأخذ على أيدي الكاسيات العاريات لم يجز الانضمام في سلك هؤلاء إلا إذا رأى الشخص من نفسه القدرة على تقليل المنكر، وتخفيف الشر ببذل النصح والتعاون في ذلك مع أمثاله من الزملاء والأساتذة، وأمن على نفسه من الفتنة.

الدراسة في الجامعات المختلطة للدعوة إلى الله

ويؤكد فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عدم جواز الدراسة في الجامعات المختلطة للدعوة إلى الله، وذلك في جواب له عن هذا السؤال: هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال والنساء في قاعة واحدة علماً بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله؟

يقول فضيلته: الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أم امرأة أن يدرس بمدارس مختلطة؛ وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه؛ فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة ولا سيما إذا كانت جميلة ومتبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة والشر، وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فإنه حرام ولا يجوز، فنسأل الله - سبحانه وتعالى - لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلى شبابهم إلا بالشر والفتنة والفساد.. حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط، فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئاً آخر.

هذه أقوال العلماء الأجلاء تؤكد لنا أن ديننا الحنيف يرفض كل ما من شأنه أن يشيع الفاحشة في المجتمع المسلم، والاختلاط من الشرور التي يجب الابتعاد عنها؛ ولذلك ينبغي على جميع فعاليات المجتمع أن تتمسك بالقيم الإسلامية وتدافع عن قانون منع الاختلاط؛ حتى يتمكن المجتمع من المحافظة على دينه وحماية أبنائه من التحلل الأخلاقي، وعلى نواب الأمة ألا يتهاونوا في الدفاع عن مثل هذه القوانين التي تحمي المجتمع من شرور الاختلاط وخطورتها على عفة أبناءه ونزاهتها قال تعالى:{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون}.

الاختلاط.. الحكم والأدلة والنتائج والآثار








الشيخ: إبراهيم بن محمد الحقيل




من دلائل صدق إيمان العبد، وسلامة قلبه لله تعالى: الاستسلام لأمره سبحانه في الأمور كلها، وتعظيم نصوص الشريعة، والوقوف عندها، وتقديمها على أقوال الرجال مهما كانوا؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ} (النور:51 – 52).



وإنما تقع الردة والضلال، ويتأصل الزيغ والنفاق في قلب العبد إذا عارض شرع الله تعالى؛ تقليدًا لغيره، أو لرأي أحدثه، متبعًا فيه هواه، معرضًا عن شرع الله سبحانه، كما في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: 63).

ومع عظيم الأسى، وشديد الأسف فإن الإعلام المعاصر في أكثر فضائياته وإذاعاته، وصحفه ومجلاته، يُربِّي المتلقين عنه على التمرد على أوامر الله تعالى، وانتهاك حرماته، والاجتراء على شريعته، في كثير من القضايا التي يلقيها على الناس من سياسية واقتصادية، واجتماعية وثقافية، ولا سيما إذا كان الحديث عن المرأة وقضاياها.

من أدلة تحريم الاختلاط

من نظر في شريعة الله تعالى يجد أنها أوصدت كل الأبواب المؤدية إلى الاختلاط، وسدت الذرائع لذلك، وحمت المجتمع من الفاحشة والرذيلة بتشريعات ربانية تبقي على المجتمع عفته وطهارته ونقاءه، واستقامة أسره، وصلاح بيوته ما دام أفراده قائمين بأمر الله تعالى، ممتثلين لشرعه، مستسلمين لنصوص الكتاب والسنة، ولم يسمحوا للمفسدين أن ينخروا ذلك السياج الربَّاني بين الرجال والنساء، ومن الأدلة على منع الاختلاط ما يلي:

1- قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَ ّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب: 53).

وهذا الخطاب الرباني هو لأطهر هذه الأمة قلوبًا وهم الصحابة رضي الله عنهم، وفي أعف النساء وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فما بالك -أخي المسلم- بمن هم دونهم من الرجال، وبمن هُنَّ دونهن من النساء؟!

{فَاسْأَلُوهن مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}؛ فالخالق الرازق المدبر سبحانه يأمر في كتابه بالحجاب بين الرجال والنساء، والمفسدون يريدون تحطيمه وإزالته، وينهون الناس عنه!!

2- قول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (النور: 30)، ثم قال سبحانه: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (النور: 31).

فلو كان الاختلاط سائغًا في الشرع لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يطاق؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل، وتجلس بجواره في العمل أو الدراسة، ولا ينظر كل واحد منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس؟!

3- حديث أبي سعيد رضي الله عنه وفيه ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من حق الطريق: «غضّ البصر».

فإذا كان غض البصر واجبًا على الرجال إذا مرت بمجلسهم في الطريق امرأة، فكيف يسوغ لبعض الناس أن يزعموا أن شريعة الله تعالى لا تُمانع من اختلاط الرجال بالنساء؟!

4- حديث جَرِيرِ بن عبدالله قال: «سَأَلْتُ رَسُولَ الله [ عن نَظَرِ الْفُجَاءَةِ؛ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي».

وإذا كانت المرأة بجوار الرجل في الدراسة أو العمل أو غير ذلك فكيف يصرف بصره عنها وهو يتعامل معها طيلة وقت الدراسة والعمل؟!

5- حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: «يا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فإن لك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لك الآخِرَةُ».

وفي هذا الحديث نهي صريح عن اتباع النظرة النظرة، والنهي يقتضي التحريم، فلو قيل بجواز الاختلاط لكان في الشريعة تناقض - تعالى الله عن ذلك- إذ كيف تنهى الشريعة عن إتباع النظرة النظرة، ثم تجيز اجتماع الجنسين في مكان واحد بلا حجاب بينهما ساعات عدة، وكل يوم، ولا ينظر بعضهم إلى بعض؟!

6- حديث عُقْبَةَ بن عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله [ قال: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ على النِّسَاءِ».

فإذا كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يحذر الرجال من الدخول على النساء فكيف إذًا بالمكث عندهن وأمامهن وبجوارهن في ساعات العمل والدراسة وغيرها كل يوم؟!

7- أن النبي [ عمل على منع الاختلاط في الطريق أثناء الخروج من المسجد، وما هو إلا لحظات، وعقب عبادة عظيمة، والرجال فيه والنساء من المصلين والمصليات، وهم وهن أقرب للتقوى، وأبعد عن الريبة، فكيف بغير تلك الحال؟!

روت أم سلمة - رضي الله عنها -: «أَنَّ النِّسَاءَ في عَهْدِ رسول الله [ كُنَّ إذا سَلَّمْنَ من الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ وَثَبَتَ رسول الله [ وَمَنْ صلى من الرِّجَالِ ما شَاءَ الله فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرِّجَالُ».

8- أنه ذات مرة وقع في الخروج من المسجد اختلاط غير مقصود؛ فبادر النبي عليه الصلاة والسلام إلى إنكاره، وأوصى بما يزيله؛ كما روى أبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سمع رَسُولَ الله [ يقول وهو خَارِجٌ من الْمَسْجِدِ، فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مع النِّسَاءِ في الطَّرِيقِ؛ فقال رسول الله [ لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ؛ فإنه ليس لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ»؛ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ، حتى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ من لُصُوقِهَا بِهِ.

فالنبي - عليه الصلاة والسلام - في هذا الحديث ينهى النساء وهن خارجات من المسجد إلى بيوتهن عن سلوك وسط الطريق، ويأمرهن بحافتيه؛ لئلا يختلطن بالرجال، مع أن المسافة قصيرة، والوقت قليل؛ لقرب بيوتهن من المسجد، فكيف بالدعوة إلى اختلاط في العمل والدراسة طيلة وقت الدوام؟!

9- أن النبي [ منع الاختلاط في المسجد، وهو أجلُّ مكان وأشرفه، وهو محل العبادة، وفيه يُطهر القلب من الرجس والشهوة، والقلوب فيه متعلقة بالله تعالى، بعيدة عن الفساد والشر، ومع ذلك حسمت فيه مادة الشر، وسدت فيه ذرائع الفساد، فكيف إذاً بسواه؟!

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله [ : «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا».

10- في الطواف بالبيت، وهو من أجل العبادات وأشرفها - مُنع الاختلاط؛ كما أخبر التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح - رحمه الله تعالى - أن النساء فيه لم يكن يخالطن الرجال وقال: «كانت عَائِشَةُ - رضي الله عنها - تَطُوفُ حَجْرَةً من الرِّجَالِ، لَا تُخَالِطُهُمْ».

وقال - عليه الصلاة والسلام - لزوجه أم سلمة - رضي الله عنها -: «طُوفِي من وَرَاءِ الناس وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ».

ولما وقع في عهد عمر - رضي الله عنه - شيءٌ من اختلاط الرجال بالنساء في الطواف؛ نهى أن يطوف الرجال مع النساء، فرأى رجلاً معهن فضربه بالدِّرْة .

فهذه عشرة أدلة واضحة في منع الاختلاط، والمؤمن المستسلِم لأمر الله تعالى يكفيه منها دليل واحد؛ ليمتثل أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام ليفوز بالرضوان والجنان، وليسلم من العقوبة والنيران.

وهذا هو حكم شريعة الله تعالى في الاختلاط، الذي يَسْعَى المنافقون والشهوانيون لإقناع الناس أنه لا يُعارض الدين، وأنه من أسباب الرقي والتقدم.


أَبَعْدَ هذهِ النصوص المحكمة الواضحة يليق بالمؤمنين والمؤمنات أن يصدقوا أكاذيبهم، ويرضوا بمشاريعهم، ويستسلموا لإفسادهم، وإخراجهم لنساء المسلمين وبناتهم، وقتلهم لحيائهن وإحصانهن وعفافهن، ويتركوهم ينخروا في المجتمع، ولا ينكروا ذلك عليهم؟! وقد استبان لهم الحق بأدلته، وبان لهم الباطل بدجله وعورته، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟!