أبو طالب.. وأبو إبراهيم عليه السلام


د. أمير الحداد




التقيت جاري «بو ناصر» وهو يهم بمغادرة حيّنا بمركبته «الجيب» وكنت قد انتهيت من صلاة التراويح.. وكعادتنا تصافحنا وتبادلنا «القبل»، مخالفين تعليمات وزارة الصحة بالمنع؛ احترازا من «إنفلونزا الخنازير».


بدأ حديثه:

- أنتم تقولون: إن والد علي - عليه السلام - مات كافراً.. وماذا عن الصحابة ألم يكونوا مشركين كفارا؟!

- نعم.. معظم الصحابة كانوا على الكفر، ثم أسلموا، بعضهم أسلم مع بداية دعوة النبي [، وبعضهم تأخر إسلامه حتى بعد عام الفتح، حتى أبو سفيان رغم ما كان منه أسلم في نهاية الأمر، وماذا في ذلك؟ أعني ما الذي تريد أن تقوله؟!

- كيف يكون والد علي - عليه السلام - كافراً؟

- وهل تعرف نبي الله إبراهيم عليه السلام؟

استنكر سؤالي.. لم يجب.. تابعت حديثي:

- أعني أن نبي الله إبراهيم الخليل - عليه السلام - من أفضل الرسل ومن أولي العزم، ولا شك أنك تؤمن أنه أعلى منزلة من الإمام علي - عليه السلام - أليس كذلك؟

بعد تردد أجاب:

- بلى.. هو أعلى منزلة من الإمام - عليه السلام!

- كان أبوه كافرا.. بنص القرآن.. أليس كذلك؟!

سكت صاحبي.. تابعت:

- ولا يضر إبراهيم [ كفر أبيه.. بل أخبر الله عز وجل أن إبراهيم - عليه السلام - تبرأ من أبيه، بعد أن كان قد دعاه إلى الإيمان ونصحه واجتهد في دعوته إياه، ولكنه لم يسلم: {فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} (التوبة: 114)..

تابعت بياني:

- بل أول رسول يبعث إلى أهل الأرض، نوح - عليه السلام - ألم يمكث «ألف سنة إلا خمسين عاما» يدعو قومه، وأولهم أهله؟! ومع ذلك رفض ابنه الركوب معه في الفلك، رغم مناداة والده ودعوته.. ومَنْ والده؟ نوح - عليه السلام - وهو من أولي العزم من الرسل، ولاشك أنه أفضل من الإمام علي - عليه السلام - حتى مع بداية الطوفان، قال له والده النبي الرسول الذي يوحى إليه: {يا بني اركب معنا}، ولكنه لم يركب وكان ممن أهلكهم الله مع الكافرين؛ فلا يضر نوحا كفر ابنه، ولا ينقص من إبراهيم كفر أبيه، ومن باب أولى ألا يضر مكانة الإمام كفر أبيه؛ فلماذا الاعتراض إذا ثبتت الرواية؟!

- لم يجد جاري جوابا.. تابعت حديثي:

- هذه الصلاة التي تنكر علي أداءها «صلاة التراويح» أليست بصلاة في الليل، أقرأ فيها القرآن وأدعو، ولا أقرأ من كتب التاريخ، ولا القصص، ولا الروايات الصادقة والكاذبة، أليست صلاة في وقت مبارك، فلماذا تنكرها؟


- لأن النبي [ لم يؤدها جماعة في المسجد.

- وإذا ثبت عندي أنه أداها هل تقبلها؟!

رفع زجاج المركبة وانطلق مودعا بقبلة في الهواء كعادته.