تربية الله عز وجل لنا


إيمان حب الرمان



يصادف المسلم خاصة والإنسان عامة مواقف عديدة، يمكن أن نصفها بأنها غريبة بعض الشيء؛ بحيث تجد الواحد منا مخططا لأمر ما ولكن تقدير الله عز وجل للأمر يُحدث غيره أو عكسه أو يزيله أو ما شابه، المهم أنه لا يحدث الأمر الذي خُطط له، فنرى ردة الفعل من سخط وغضب وحزن ونكد وألم وضعف إيمان.

ولكن إذا تأمل كل واحد منا بعين بصيرته لأمور حياته المؤلمة، وما كان نتاجها فسيشكر الله، ويسأله أن ينير بصيرته، ويظهر له الحكمة ليفهم تربية الله عز وجل له، فمثلاً على سبيل المثال تجد فتاة خطبت لشاب، الظاهر أنه ملتزم ولكن في باطنه دناءة ونفاق ومن ثم فشلت هذه الخِطبة، ترى كثيرا من ردة فعل الفتيات بالحزن والألم والحسرة، ولكن لو تأملنا لماذا حدث هذا وبحثنا فيه من ناحية بصائرنا ونظرنا في الموضوع من ناحية إيجابية لوجدناه خير ، كيف؟
هذه تربية الله عز وجل لها؛ بحيث يمكن أن تكون هذه الفتاة متهورة أو متسرعة، فهذا الدرس سيكون سببا من أسباب هدايتها وتوعيتها وتقربها من الله عز وجل، والتزامها بأمور خيّرة لم تكن ملتزمة بها من قبل، سبحان الله! الأمر في الظاهر شر ولكن في باطنه خيرا كثيراً.
كما نضرب مثلاً آخر لشاب حاول مراراً وتكراراً الحصول على رخصة قيادة، ولكن شاء الله عز وجل ألا يحصل عليها فأصيب بغم وحزن، ولكن لو نظر وتأمل الموضوع من ناحية إيجابية لفهم تربية الله عز وجل له، وهي أن الله يعلمه الصبر والإعانة ، وهو أن يأتي له طارئ يجعله بدلا من أن يدفع الأموال لرخصة القيادة يدفعها لدين مسكين أو بر والدين أو صلة رحم أو ما شابه، وهكذا.
أذكر قصة عالم أحياء مشهور بريطاني الجنسية قال: إنه في أيام دراسته في المدرسة كان متفوقا جدا، ويحصل على الامتياز باستمرار، وكان هدفه ورغبته في إتمام دراسة الطب، ولكن مشيئة الله عز وجل اقتضت أنه عندما وصل إلى المرحلة الثانوية حصل على مؤهل يخوله لدراسة الأحياء بدل الطب، في بادئ الأمر غضب وحزن ولكنه تقبل الموضوع على مضض، ودارت السنون، وتخرج في الجامعة، وعمل في المعامل والمختبرات، وتمكن من وظيفته، بحيث أصبح من المتميزين في مجال علم الأحياء، لدرجة أن شركته نقلته إلى فرنسا مع بعثه مكونة من خمسة أشخاص؛ لمعاينة جثة فرعون التي نقلت من القاهرة لوضعها في المتحف، وهناك قام بمعاينة الجثة وتحليلها؛ فاكتشف أنه ما زال هناك بقايا ملح داخل مسام جلد فرعون، وهذا دليل على أنه بالفعل مات غريقاً، واستبشر وسعد وقام على نشر الأمر كأنه أول مكتشف لهذا الأمر، ولكن كان من ضمن البعثة التي أرسلت معه باحث بريطاني مسلم قال له: إن القرآن الكريم ذكر هذه الحادثة أكثر من 1400 سنة؛ فذهل وأصبح لديه رغبة في معرفة هذا الكتاب المعجز الذي لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلا ووردت فيه، وبالفعل بعد قراءته للقرآن وتفاسيره عزم الأمر على إشهار إسلامه لله عز وجل، وأصبح يستغل تجاربه العلمية في علم الأحياء وملحقاته لخدمة الدين والدعوة إليه.
فهذه هي الحياة يا إخوتي كُلها تربية وكلها فتن؛ ليعلم الإنسان هل هو من الصادقين أم من المتخاذلين الكاذبين على أنفسهم قبل أن يكذبوا على غيرهم؟ فلنجأ إلى الله بدعوة قلب فقير مسكين بأن تكون ممن يرزق الصبر والإيمان اليقين على تربية الله عز وجل لنا؛ حيث إنها بالفعل دروس صعبة ومؤلمة في بعض الأحيان ولكن ثمارها طيبة لمن أراد الله به خيراً؛ بحيث إنها تجبر الخاطر وترضي النفس وتبرد القلب.