إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً.


أما بعد:


فإن للناس مجالس يرتادونها، وبينهم أحاديث يتداولونها ويتجاذبون أطرافها، ولكل من المحادثة والمجالسة آداب جميلة، وسنن قويمة، يحسن بالمرء مراعاتها، ويجمل به أن يتخلق بها، ويتجنب ما ينافيها؛ ليكون حديثه ماتعاً، ومجلسه ممرعاً، تسوده الحكمة، وتغشاه السكينة، وتتنزل عليه الرحمة.




وإن المتأمل لأحاديثنا ومجالسنا ليلحظ خللاً كبيراً، وتقصيراً كثيراً؛ ذلك أنها تعمر_غالباً_باله ذر الضار، واللغو الباطل، الذي لا طائل تحته، ولا فائدة ترجى من ورائه.
فلا يعالج في تلك المجالس قضية، ولا يأمر فيها بصدقة، أو بمعروف، أو إصلاح بين الناس.




بل ربما أضحت مراتع للخنا، ومنتدياتٍ للزور، يسفك فيها دم الفضيلة، وترفع في سوحها ألوية الرذيلة؛ فلا غرو إن صارت وبالاً على أهليها، وحسرةً على مرتاديها؛ حيث فقدوا بركتها، وحرموا خيراتها، فلا يجد المرء فيها أنسه، ولا من يقدر كرامته وإنسانيّته، بل ربما وجد الإهانة والإساءة من جلاسه.




فما أحرانا_معاشر المسلمين_أن تكون أحاديثنا ومجالسنا عامرة بالجد والحكمة، حافلة بما يعود علينا بالفائدة والمتعة، بعيدة عما ينافي الآداب والمروءة.
وإن مما يعين على ذلك أن تلقى الأضواء على مايدور في مجالسنا وأحاديثنا من أخطاء؛ كي تُتلافى ويُسعى في علاجها.


وفي مايلي من صفحات ذكرٌ لبعض تلك الأخطاء؛ تنبيهاً عليها، وحفزاً لمن وقع فيها أن يتخلص منها.


فعسى الله أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصاً لوجه الكريم؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.


والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.




محمد بن إبراهيم الحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية _ فرع القصيم
الزلفي 3/5/1416هـ
ص.ب: 460


كتاب نافع ومهم لطالب العلم ولعامة المسلمين ...