العلامة "جعفر شيخ إدريس" درس عند الفيلسوف البريطاني "كارل بوبر" ، كما ألف ( فيزياء وجود الخالق) و ( الأسس الفلسفية للمذهب المادي)، (حوار الحضارات) وهو كتاب في علم الاجتماع الاسلامي والعولمة،.. وغيرها من الكتب.

هذه المصنفات بهذا العمق الفكري، كُتبت في زمن مبكر جدا، كما كان يستوعب تراث ابن تيمية الكلامي أيضا.

والشيخ جعفر أحد مقربي الشيخ ابن باز جدا، ومن تلامذته، ولم يتكبر على الشيخ وقتها ولم يتنكر له، ولم يقل : أنا عندي علوم لا تعرفونها..! ولم يقل لطلبة العلم : (لن تفهموا ابن تيمية بشرح ابن باز وابن عثيمين) كما يقولها حدثاء الأسنان الآن.

بل كان يجلس بين يدي الشيخ مجلس المُتعلم المُتأدب المستفيد، و كان الشيخ ابن باز يثني على كتبه ويقدمه في الندوات. ولم ير تعارضا بين هذه العلوم وبعضها، لا هو ولا الشيخ ابن باز.

لماذا؟

لأن الناس يُكمل بعضهم بعضا، والعلوم تتكامل لا تتنافر .. لا أن يُقال : هؤلاء يتخلون عن علوم الفلسفة والاجتماع.. إذن أنا أتخلى عنهم وأحذر منهم.

هذا اسمه "خبل" و "هوى"؛ لأن الأمر نفسه يُمكن أن يُقال في أي شيوخ سواء صوفية أو سلفية أو أزهرية، فالشيخ غالبا محكوم بتخصصه الفقهي ومشاغله الكثيرة تحول بينه وبين الاطلاع على سائر العلوم الدنيوية، فلا يجد الشيخ-أيا كان توجهه- وقتا لاستيفاء ذلك إلا النادر منهم، والواجب هنا= هو التكامل بين المتخصصين لا التنافر والاستعلاء.

الإمام الشافعي كان في بيئة أثرية يكرهون التقاسيم العقلية، ويجعلون المعول على الأثر والرواية، فتعلم الشافعي الأصول من تلامذة أبي حنيفة واستقى منها ما يوافق السنة، وأكمل هو هذا الجانب، ولم يتعالَ على أهل الحديث، بل كان يري أن لهم عليه منَّة؛ لأنه ينظر بما استفاده منهم، لا بما استفادوه منه

تلك هي النفوس الطاهرة العالية السالمة من الأدران النفسية، أما من يطلب العلم للدنيا والتباهي فحقيق أن تشفق عليه.(علاء حسن إسماعيل)