4299 - ( لتتركن المدينة على أحسن ما كانت ، حتى يدخل الكلب فيغذي على بعض سواري المدينة أو على المنبر ) .
منكر بذكر جملة الكلب
أخرجه مالك (3/ 85-86 رواية يحيى) عنه ، عن ابن حماس ، عن عمه ، عن أبي هريرة مرفوعاً ؛ وزاد : فقالوا : يا رسول الله ! فلمن تكون الثمار ذلك الزمان ؟ قال :
"للعوافي : الطير والسباع" .
كذا قال فيه يحيى : "ابن حماس" لم يسمه ، وسماه بعض الرواة عن مالك ، فقال أحمد بن أبي كثير : عن مالك ، عن يوسف بن يونس بن حماس به .
أخرجه ابن حبان (257/ 1040) .
وخالفه عبد الله بن مسلمة عند الحاكم (4/ 426) ، وسعيد بن أبي مريم عند ابن عبد البر في "التمهيد" (24/ 122) ، فقالا : عن مالك ، عن يونس بن يوسف بن حماس ، فقلب اسمه ، فجعله "يونس بن يوسف" مكان "يوسف بن يونس" .
وثمة وجوه أخرى من الاختلاف على مالك ؛ ذكرها ابن عبد البر ، وعقب عليها بقوله :
"وهذا الاضطراب يدل على أن ذلك جاء من قبل مالك ، ورواية يحيى في ذلك حسنة ؛ لأنه سلم من التخليط في الاسم ، وأظن أن مالكاً لما اضطرب حفظه في اسم هذا الرجل رجع إلى إسقاط اسمه فقال : "ابن حماس" ، ويحيى من آخر من عرض عليه "الموطأ" وشهد وفاته" .
وأقول : يونس بن يوسف بن حماس ، عليه أكثر الرواة ، وهو من رجال مسلم ، ووثقة ابن حبان (7/ 648) ، ولكنه لم يسم جده ، وفرق بينه وبين مقلوبه : "يوسف بن يونس بن حماس" فترجم له أيضاً (7/ 633) قال :
"يروي عن أبيه عن أبي هريرة . روى عنه مالك" .
وهو هذا يقيناً ، لكن قوله : "أبيه" خطأ ؛ لا أدري أهو منه أم من النساخ ؛ فإنه مخالف لما في "التاريخ" (4/ 2/ 374) وهو عمدته في الغالب ، كما هو معلوم ، كمت هو مخالف لكل المصادر التي أخرجت هذا الحديث ، ومنها كتاب ابن حبان نفسه : "الصحيح" ؛ كما تقدم عن "الموارد" . هذا ؛ وقد وهم المزي في "التهذيب" (32/ 561) ، وتبعه العسقلاني ؛ فقالا في ترجمة يونس هذا :
"ذكره ابن حبان في "الثقات" فيمن اسمه يوسف ، قال : وهو الذي يخطىء فيه عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك فيقول : يونس بن يوسف" .
فأقول : الذي في "الثقات" المطبوع :
"يوسف بن سفيان" . وليس "يونس بن يوسف" كما ذكرا ! وإني لأستبعد جداً أن يكون ما في "المطبوع" خطأ من الناسخ أو الطابع ؛ لأنه مطابق لما في "ترتيب الثقات" للحافظ الهيثمي ، ولأنه موافق أيضاً لقول البخاري :
"وقال لنا عبد الله بن يوسف : عن مالك عن يوسف بن سنان ، والأول أصح" .
يعني : يوسف بن يونس بن حماس .
فيوسف ؛ متفق عليه بينهما في رواية التنيسي ، وكذلك حكاه عنه ابن عبد البر في "التمهيد" ، فهذا يبين خطأ "التهذيب" على ابن حبان ، ويؤكد ذلك أن ابن حبان قد ترجم ليونس بن يوسف - كما تقدم - كالبخاري ، وهذا مما خفي على المزي ، وتبعه العسقلاني ، فلم يذكرا ذلك عنه !
ومجمل القول : أنه قد اضطرب الرواة على مالك اضطراباً كثيراً ، وأن الصواب منه : أنه يونس بن يوسف بن حماس كما تقدم وأنه ثقة . وإنما علة الحديث عنه الذي لم يسم في كل الروايات عن مالك ، فهو غير معروف .
وعليه ؛ فقول الحاكم عقب الحديث :
"صحيح الإسناد ، على شرط مسلم" . ليس بصحيح وإن وافقه الذهبي ، وبخاصة قوله : "على شرط مسلم" ؛ فشخص مثل (العم) هذا لا يعرف عينه ؛كيف يكون على شرط مسلم ؟!
نعم ؛ الحديث صحيح دون جملة الكلب ؛ فقد أخرجه الشيخان من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه ، وهو مخرج في "الصحيحة" (683) ، وله فيه (1634) شاهد من حديث محجن بن الأدرع الأسلمي ، وكلاهما ليس فيهما تلك الجملة ، فهي منكرة .

الكتاب : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني
(الشاملة)