الصيد الدعوي بوسائل الإعلام الحديثة



حمد عبدالرحمن يوسف الكوس


ما أسهل الصيد بوسائل الإعلام المعاصرة المختلفة سواء المقروءة أم المسموعة أم المرئية، وهي بلاشك من السهل الممتنع؛ فكثير من الدعاة هرب من هذه الوسائل خوفا من الفتنة والشهرة الإعلامية وبريقها الأخاذ، وحرصا على المزيد من الخفية والإخلاص، ولاريب أن بعضهم دخلها مستعينا بالله، وكل داعية وعالماً له طريقته في التعاطي مع هذه الوسائل وله حجته .

وفي الوقت ذاته نجد أن ثلة كبيرة انخرطت في هذه الوسائل الإعلامية، وكانت سببا في عودة الألوف- كما سمعت من أحد الدعاة الذي عوتب في ابتعاده عن التأليف إلى الدعوة الشفوية- فأخبر أن هذا الجانب كان له أثر ملموس في الإصلاح بشكل لا يتصور، ولم يصل إلى مثله في الزمن الماضي.
وهذا الحديث منه- حفظه الله- يجرنا إلى الحديث الأهم، وهو أن هؤلاء قد أصابتهم سهام الوعظ والإصلاح واصطيدوا من قبل هؤلاء الدعاة وأسقطوهم من أبراج هذه الذنوب ، ولكنهم بحاجة لمن يضمد جراحهم ويحتويهم ويلبسهم لباس التقوى بعد أن خلعوا لباس المعصية، وبحاجة إلى علاج قلوبهم وتصفيتها وتزكيتها، وبحاجة إلى علم ينير طريقهم كي لا يعودوا إلى ظلمات المعاصي مرة أخرى، فهم بحاجة إلى بيوت الله وإلى العلماء الربانيين الذين هم قدوات لهم في الواقع العملي والعلمي في الخير، وإن كان الحي لا تؤمن عليه الفتنة والعامة تقول : "الحي يقلب" أي: سريع التقلب..فلابد للعلماء والدعاة من إدراك هذه القضية المهمة، واقتناص من بدت عليهم ملامح العودة والإنابة تأثرا بهذه الوسائل الإعلامية، وتصفيتهم مما أصابهم وتربيتهم على هذا الدين، ويمكن للدعاة الجمع بين الدعوة عبر الإعلام والتربية والتصفية عبر المساجد والمحاضن، ولكن قد تصعب على بعضهم، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال ترك المحاضن والمساجد، فلابد من تفرغ كثير من الدعاة لهذا المجال؛ لأنه الأصل في الارتكاز الدعوي.. والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط