الشيخ البدر: التقوى هي وصية الله للأولين والآخرين


الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر





في خطبة بعنوان (أصول المعاملة) بين الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر أن أصول المعاملة ثلاث: معاملة العبد بينه وبين الله، ومعاملة العبد بينه وبين نفسه، ومعاملة العبد بينه وبين عباد الله، فقد روى الترمذي في جامعه من حديث معاذ بن جل أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «اتَّقِ اللهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، جمع هذا الحديث العظيم جماع الوصايا في ثلاث وصايا عظيمة أوصى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذًا - رضي الله عنه .



المعاملة مع الله

وعن المعاملة مع الله قال الشيخ البدر: المعاملة مع الله قائمة على التقوى، أي تقوى الله -جل وعلا- التي هي وصية الله للأولين والآخرين من خلقه كما قال -جل وعلا-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (النساء:131)، وهي وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته، وهي وصية السلف الصالح فيما بينهم، وتقوى الله -جل وعلا-: عملٌ بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله، وتركٌ لمعصية الله، على نور من الله، خيفة عذاب الله.

معاملة المرء مع نفسه

وعن معاملة المرء لنفسه قال البدر: معاملة المرء مع نفسه قائمة على رؤية التقصير، وأنه عرضة للخطأ وارتكاب السيئة واقتراف الذنب، فيحتاج المقام مع النفس إلى مجاهدة مستمرة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69)؛ أن يجاهد العبد نفسه على الاستكثار من الحسنات واغتنام مواسم الطاعات وأوقات العبادات ليجعل لنفسه منها حظًا ونصيبا، «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا»، وهذا إنما يكون من العبد بمجاهدة نفسه على الاستكثار من الحسنات {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (هود:114).

المعاملة بين المرء وعباد الله

وعن المعاملة مع الخلق قال: المعاملة بين المرء وعباد الله قائمة على الخلق الحسن «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، والخلق الحسن يقوم على ركيزتين عظيمتين وأصلين متينين:

- الأول: سلامة القلب تجاه عباد الله، بأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».

- والركيزة الثانية: أن يأتي إلى الناس من الأعمال والأقوال ما يحب أن يؤتى إليه، فيعاملهم نظير ما يحب أن يعاملوه به، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «وَتَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ».

لجوء كامل إلى الله -تعالى


وأكد الشيخ البدر أن الخُلُق كما أنه يحتاج إلى جهادٍ للنفس لتتحلى بمكارم الأخلاق وفاضلها، فإنه يحتاج أيضا إلى لجوء كامل إلى الله -جل في علاه-؛ لأنَّ الأخلاق وهائب ومنن إلهية، كما قال بعض السلف: «إن هذه الأخلاق وهائب وإن الله إذا أحب عبده وهبه منها»، وفي الدعاء «اللهم اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ».

الدنيا دار ممر والآخرة دار خلود

وفي ختام خطبته أكد البدر أن هذه الحياة الدنيا دار ممر ومعبر وأعمال، والآخرة دار خلود وبقاء وجزاء على الأعمال، فالكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت؛ فاستعد لدار الجزاء والحساب، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.