نصيحتي لك قبل أن تُطلِّق


محمد الراشد


أمر الله - عز وجل - الزوج إذا رأى من زوجته شيئاً يكرهه أن يعظها أولاً، فإن انتهت فذاك، وإلا انتقل إلى الأمر الثاني وهو هجرها في المضجع؛ بألا يبيت معها في فراش واحد، ولا يطأ؛ فإن انتهت فذاك، وإلا ضربها ضرباً غير مُبَرِّح، ويراعي في ذلك الصبر عليها فلا يطلِّق، لعل الله أن يهديها، وليتذكر قوله - عز وجل-: {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَ ّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء: 19).



فإذا لم يتمكن من الصبر عليها، جاز له طلاقها، وهو أبغض الحلال إلى الله، وإن كان هذا حديثاً ضعيفاً إلا أن معناه صحيح.

كيف يطلِّق ؟!

قال تعالى: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (الطلاق: 1)، وقد فسر النبي[ العدة كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنه- بقوله: «فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله بها» (رواه مسلم).

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قول الله: {فَطَلِّقُوهن لِعِدَّتِهِنَّ} (الطلاق: 1)، لا يطلقها وهي حائض، ولا في طُهر قد جامعها فيه ولكن يتركها، فإذا حاضت وطَهُرت طلقها تطليقةً، أخرجه ابن جرير وهو صحيح بمجموع طرقه.

< أقسام الطلاق كما قسمه ابن كثير في تفسيره لسورة الطلاق:

1- طلاق السنة: هو أن يطلق الرجلُ امرأتهُ في طُهر لم يجامعها فيه أو وهي حاملٌ قد استبانَ حَمْلُها.

2- طلاق البدعة: أن يطلق الرجلُ امرأتهُ حالَ الحيض، أو طهرٍ قد جامعها فيه ولا يدري أحملت أم لا.

3- طلاق لا سنة فيه ولا بدعة: طلاق الآيسة «التي يئست من المحيض»، والصغيرة «التي لم تحض»، وغير المدخول بها فيجوز تطليق هؤلاء في أي وقت شاء الرجل.

والذي ينوي الطلاق فعليه أن يطلق امرأته طلقة واحدة فقط، فالطلقة الواحدة يحصل بها المقصود، ويحرم عليه أن يطلقها ثلاثاً كقوله: أنت طالق ثلاثاً؛ لأن النبي[ قال: «أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم»، صححه الألباني في غاية المرام (261) وكان عمر الفاروق - رضي الله عنه - إذا أُتي له برجل طلق امرأته ثلاثاً أوجعه ضرباً. مصنف ابن أبي شيبة (18089) وهو صحيح الإسناد.

فعن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال إنه طلق امرأته ثلاثاً، فسكت حتى ظننت أنه رادُّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحمُوقة ثم يقول: يا ابن عباس يا بن عباس... وإن الله قال: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (الطلاق: 2)، وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجاً، عصيت ربك فبانت منك امرأتُك، وإن الله تعالى يقول: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (الطلاق: 1»، صحيح الإرواء (2055).


فليتق الله -عز وجل - أناسٌ يتلاعبون بكتاب الله ويعبثون بأحكام الطلاق غير مراعين ما شرعه الله - عز وجل- فيه من أحكام جليلة.

ملاحظة: حين يطلق الرجل امرأته يبدأ بالاتصال على المشايخ، ويبحث عن الفتاوى التي تناسبه، وهذا أيضاً من العبث، فعليه هنا أن يتوجه للمحكمة، ويعرض مشكلته على القضاء فهذا أسلم وأحكم له.