يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
فعلى العبد أن يعبد الله مخلصا له الدين، ويدعوه مخلصا له، لا يسقط هذا عنه بحال، ولا يدخل الجنة إلا أهل التوحيد، وهم أهل لا إله إلا الله.

فهذا حق الله على كل عبد من عباده، كما في الصحيحين من حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( يا معاذ أتدري ما حق الله على عباده) قلت: الله ورسوله أعلم، قال ( حقه عليهم أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا)، الحديث
فلا ينجونَّ من عذاب الله إلا من أخلص لله دينه وعبادته ودعاه مخلصا له الدين، ومن لم يشرك به ولم يعبده، فهو معطل عن عبادته وعبادة غيره كفرعون وأمثاله، فهو أسوأ حالا من المشرك، فلابد من عبادة الله وحده، وهذا واجب على كل أحد فلا يسقط عن أحد البتة، وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله دينا غيره.انتهى

وقال رحمه الله في التحفة العراقية :
وأما الإخلاص فهو حقيقة الإسلام، إذ الإسلام هو الاستسلام لله لا لغيره، كما قال تعالى (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا) الآية
فمن لم يستسلم له فقد استكبر، ومن استسلم لله ولغيره فقد أشرك،
وكل من الكبر والشرك ضد الإسلام،
والإسلام ضد الشرك والكبر، وذلك في القرآن كثير
، ولهذا كان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله،
وهي متضمنة عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه،
وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله من أحد من الأولين والآخرين دينا سواه. انتهى


ويقول رحمه الله في موضع آخر:
فمن بلغته رسالة محمد فلم يقر بما جاء به لم يكن مسلما، ولا مؤمنا بل يكون كافرا، وإن زعم أنه مسلم أو مؤمن.
..... إلى أن قال:
فهذا أصل عظيم، على المسلم أن يعرفه،
فإنه أصل الإسلام الذي يتميز به أهل الإيمان من أهل الكفر،
وهو الإيمان بالوحدانية والرسالة:
شهادة أن لا اله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
وقد وقع كثير من الناس في الإخلال بحقيقة هذين الأصلين أو أحدهما
مع ظنه أنه في غاية التحقيق والتوحيد، والعلم والمعرفة .

فإقرار المشرك بأن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه لا ينجيه من عذاب الله إن لم يقترن به إقراره بأنه لا اله إلا الله،
فلا يستحق العبادة أحد إلا هو، وأن محمدا رسول الله فيجب تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر. انتهى



إن الرجل لا يكون مسلما إلا بالاتباع، وليس بمجرد الاسم والانتساب، قال تعالى حكاية عن إبراهيم: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (ابراهيم: من الآية36) .
وقد كان نزول هذه الآية رداً لمن ادَّعوا أنهم على ملة إبراهيم وليسوا هم في الحقيقة متبعين لملته عليه السلام.قال ابن جرير الطبري:
وقوله (فمن تبعني فإنه مني)،
يقول فمن تبعني على ما أنا عليه من الإيمان بك، وإخلاص العبادة لك،
وفراق عبادة الأوثان،
(فإنه مني) يقول: فإنه مُسْتَنٌ بسنتي،
وعامل بمثل عملي. انتهى

وقال أبو الليث السمرقندي:
(فمن تبعني فإنه مني)،
يعني: من آمن بي فهو معي على ديني ويقال فهو من أمتي،
(ومن عصاني)، يعني لم يطعني ولم يوحدك
(فإنك غفور رحيم) إن تاب وأن توفقه حتى يسلم. انتهى

وقال الرازي في التفسير الكبير:
(فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنّى)
وذلك يفيد أن من لم يتبعه على دينه فإنه ليس منه.
انتهى