تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أم الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ؟
    أرجو تفصيل الجواب من أخى محمد عبد اللطيف

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أم الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ؟
    أرجو تفصيل الجواب من أخى محمد عبد اللطيف
    أحسنت السؤال
    وقبل الشروع فى جوابك لابد من بيان بعض الامور
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
    "وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ارتباط ومناسبة؛ فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورًا وأحوالاً" (اقتضاء الصراط المستقيم).
    ويقول: "إن الظاهر لا بد له من باطن يحققه ويصدقه ويوافقه،
    فمن قام بظاهر الدين من غير تصديق بالباطن فهو منافق،
    ومن ادعى باطنًا يخالف ظاهرًا فهو كافر منافق،
    بل باطن الدين يحقق ظاهره، ويصدقه ويوافقه وظاهره يوافق باطنه، ويصدقه ويحققه،
    كما أن الإنسان لا بد له من روح وبدن،
    وهما متفقان فلا بد لدين الإنسان من ظاهر وباطن يتفقان،
    فالباطن للباطن من الإنسان، والظاهر للظاهر منه،
    والقرآن مملوء من ذكر أحكام الباطن والظاهر، والباطن أصل الظاهر" (مجموع الفتاوى).
    ويقول ابن القيم:
    "والله تعالى أمر عباده أن يقوموا بشرائع الإسلام على ظواهرهم، وحقائق الإيمان على بواطنهم، ولا يقبل واحدًا منهما إلا بصاحبه وقرينه"،
    وفي المسند مرفوعًا: «الإسلام علانية، والإيمان في القلب»
    فكل إسلام ظاهر لا ينفذ صاحبه منه إلى حقيقة الإيمان الباطنة،
    فليس بنافع حتى يكون معه شيء من الإيمان الباطن،
    وكل حقيقة باطنة، لا يقوم صاحبها بشرائع الإسلام الظاهرة، لا تنفع لو كانت ما كانت،
    ويبين شيخ الإسلام التأثير المتبادل بين أعمال القلوب وأعمال الجوارح فيقول:
    "إذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له، لزم ضرورة، أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال والأعمال الظاهرة".
    فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه ودليله ومعلوله،
    كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضًا تأثير فيما في القلب،
    فكل منهما يؤثر في الآخر،
    لكن القلب هو الأصل،
    والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله،
    والأصل يثبت ويقوى بفرعه.
    وقال شيخ الاسلام
    "كل ما أوجبه الله على العباد لا بد أن يجب على القلب؛ فإنه الأصل وإن وجب على غيره تبعًا، فالعبد المأمور المنهي إنما يعلم بالأمر والنهي قلبه، وإنما يقصد بالطاعة والامتثال القلب، والعلم بالمأمور والامتثال يكون قبل وجود الفعل المأمور به كالصلاة والزكاة والصيام، وإذا كان القلب قد أعرض عن معرفة الأمر وقصد الامتثال كان أول المعصية منه بل كان هو العاصي وغيره تبع له في ذلك،
    ولهذا قال في حق الشقي {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى . وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة:31:32]،
    وقال في حق السعداء: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف:107]، في غير موضع
    والمأمور نوعان:
    نوع هو عمل ظاهر على الجوارح، وهذا لا يكون إلا بعلم القلب وإرادته؛ فالقلب هو الأصل فيه، كالوضوء والأغسال وكأفعال الصلاة، من القيام والركوع والسجود، وأفعال الحج : من الوقوف والطواف، وإن كانت أقوالا،
    فالقلب أخص بها، فلا بد أن يعلم القلب وجود ما يقول، أو بما يقول ويقصده،
    ولهذا كانت الأقوال في الشرع لا تعتبر إلا من عاقل يعلم ما يقول ويقصده.
    ما يكون باطنًا في القلب: كالإخلاص وحب الله ورسوله، والتوكل عليه، والخوف منه، وكنفس الإيمان القلب وتصديقه بما أخبر به الرسول،
    فهذا النوع تعلقه بالقلب ظاهر؛ فإنه محله، وهذا النوع هو أصل النوع الأول، وهو أبلغ في الخير والشر من الأول"
    (دقائق التفسير الجامع لتفسير ابن تيمية) .
    ومن خلال النقول السابقة يتبين أنه من حيث اللزوم،
    فإن الإيمان الباطن يستلزم العمل الصالح الظاهر، ولا عكس كما هو شأن المنافقين،
    وأما من حيث التأثير فإن كلاً من الظاهر والباطن يؤثر أحدهما في الآخر.
    ومن أدلة كون الباطن يؤثر في الظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (صحيح مسلم[1599])
    وأما كون الأعمال الظاهرة تؤثر في الباطن،
    فمن أدلته قوله سبحانه:
    {وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوه ُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّ كُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة:12-13].
    وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» (السلسلة الصحيحة[2841])،

    والناس في هذا بين إفراط وتفريط،
    قال ابن القيم قال بعض السلف:
    "ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط أو تقصير، وإما غلو أو مجاوزة، ولا يبالي بأيهما ظفر"، ثم ذكر أمثلة على ذلك من واقع الناس، ومنها قوله: "وقصر بقوم أهملوا أعمال القلوب، ولم يلتفتوا إليها، وعدوها فضلاً، أو فضولاً، وتجاوز بآخرين حتى قصروا نظرهم وعملهم عليها، ولم يتلفتوا إلى كثير من أعمال الجوارح، وقالوا: العارف لا يسقط وارده لورده" (إغاثة اللهفان)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    يقول الشيخ صالح ال الشيخ
    فى أسباب خطأ الكثيرين في فهم شروط لا إله إلا الله

    شروط لا إله إلا الله السّبعة هذه يُخطئ كثيرون في فهمها،
    وسبب الخطأ راجع إلى جهتين:
    الجهة الأولى:
    أنهم لم يَرْعَوْا تفسير العلماء لها، إذْ العلماء فسّروها بضدها، فقالوا في العلم المنافي للجهل، وقالوا في اليقين النافي للشك، أو الرّيب؟ وقالوا في الانقياد المنافي لكذا، وقالوا في الإخلاص المنافي لكذا، فإذن تفسير هذه الشروط راجع إلى ما نُفي، وكما تعلم أنّ المنفي قد يكون من جهة القول، وقد يكون بالدِّلالة عليه، وقد يكون من جهة العمل، فيرجع الأمر إلى أنّ دلالة العلم تكون بالقول أو بالعمل، فإذن العلم واليقين تأخذ الفرق بينهما لا بتعريف العلم ولا بتعريف اليقين، وإنما بضدها، ولهذا العلماء فسروها بضدها، قالوا العلم المنافي لكذا، اليقين المنافي لكذا، فإذا عرفت الضِّد وجدتَ أنّ الأضداد المذكورة متنافية لا تشترك؛ فالرّيب ليس هو الجهل، والشرك ليس هو عدم الانقياد أو عدم الالتزام، وهكذا، هذه جهة.
    والجهة الثانية:
    أنهم ظنوا أنّ علماء الدعوة لمّا وضعوا هذه الشروط، أنهم وضعوها خارجة عن منهج السلف الصالح في العقيدة وفي التكفير وفي مسائل الإيمان، فأخرجوها عن قواعد السلف في التكفير والإيمان والأسماء والأحكام إلى آخره، فطبّقوها بنفسها دون رعاية لقواعد السلف الصالح، فحصل الخلط الكبير، وحصل التعدي وعدم فهم الدعوة، فكثير إلى الجماعات التي تميل إلى التكفير على غير هدى، هذه تتجه إلى شروط لا إله إلا الله ويطبقونها غلطا على الأفراد أو على الجماعات، وهذا الغلط راجع إلى جهتين:
    1. عدم معرفة المنفي.
    2. وعدم معرفة قواعد السلف الصالح التي تُطَبَّق عليها هذه.
    وكما هو معلوم أنّ كلمة لا إله إلا الله؛ كلمة التوحيد هذه أو الشهادتان جميعا، قالوا لا تنفع قائلها إلا بسبعة شروط، وهذا يُعنى به الدخول في الدين، والدخول في الدين لا يتم إلا بهذه السبعة، لكن الخروج منه نرجع فيه إلى قواعد السلف الصالح؛ وهو أنّه لا يخرج منه إلا بيقين يدفع اليقين الأول؛ وهو تَحقُّق هذه الشروط، فمن ثبت في حقه الإسلام بقول لا إله إلا الله مجتمعة هذه الشروط فيه في زمن من عمره بعد البلوغ أو حتى قبل البلوغ إذا كان مسلما أو في دار إسلام، فإن هذا يثبت في حقه ذلك، ولا ينتقل منه إلاّ بأمر مكفِّرٍ على ما قرره أهل العلم في ذلك.
    هنا المنفيات العامة قد تأتي وتقول لهم: ما معنى لا إله إلا الله؟، فلا يجيبك بمعناها الصحيح، هذا إذا كان أنه عرفها في يوم من عمره، علمها وتيقن منها، وليس في قلبه ريب؛ كان مخلصا ومنقادا لها، فإنه بذلك يحصل له تحقيق هذه الشهادة، فإذا حصل له ذلك، فننظر إلى عمله لا إلى قوله؛ لأنّ القول يحتاج إلى استصحاب العلم؛ العلم اللفظي، والشهادتان يكفي فيها العمل لمن علمها بلفظها في زمن من عمره؛ يعني واحد في أول عمره تعلّم معنى الشهادتين وتلفظ بها وعرف المعنى وفهمه، ثم بعد مدة نسي ما درس وما عُلِّم، لكن عمله على التوحيد؛ ما خالف ذلك الأول، هذا قد تحققت فيه الشروط؛ وما خالفها ولو كان قال: لا أدري ما معناها، نسيت، درسناها ولكن نسيت. أو أجاب غلطا أو ما أشبه ذلك.
    فإذن ”العلم“ المقصود به أنْ يعلمها في عمره مرة، ثم لا يأتي بما يناقضها من جهة القول أو العمل، ولا يعني أنْ يستصحب العلم اللفظي بها.
    فأئمة الدعوة رحمهم الله لما ذكروا هذه الشروط وجمعوها من كلام أهل العلم بالتكفير والفقه وما جاء في السنة، وهي واضحة بيّنة، تُفهم على ضوء ما ذكرتُ:
    ( أولا: تكفيرها بالمُنَافي، وهذا المنافي قد تستدل به على القول، قد تستدل به على العمل، يعني من جهة إثبات الأصل، يعني انتفاء الجهل يكون بالقول، فإنْ لم يكن بالقول بالعمل، ما لم يأتِ بما يضاده، انتفاء الريب يكون بالقول، فإنْ لم يكون بالقول يكون بالعمل، وعلى هذا نفهم طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوته.
    ( الجهة الثانية: أننا نأخذ بشروط لا إله إلا الله وما شابه ذلك مما قاله أئمة الدعوة رحمهم الله، على ما قرره أئمة سلفنا الصالح في العقيدة، وهكذا كان علماؤنا ولا يزالون على هذا، لكن الاتجاهات التي أخذت بهذه الشروط دون معرفة للدعوة، ظنوا أنها بمعزلٍ عن بقية العقيدة، وهذا لا شك أنه غلط كبير.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    إنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم جاءَ بإسلامٍ واحِدٍ هو "الإسلام الحقيقيّ" المشتمل على الظاهر والباطن، الذي هو الإيمانُ بالله وعبادتُهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، والكُفرُ بما يُعبدُ من دُونِهِ، والإيمانُ بملائكةِ اللهِ وكُتُبِهِ ورسُلِه واليوم الآخر. ولم يطلُبْ من البشرِ غير ذلكَ.
    لم يقُلْ للنّاسِ: عليكم بأحدِ الإسلامين، عليكم بالإسلامِ الحقيقيّ،
    وإن ثقُلَ عليكم وعجزتُم عن الامتثال بهِ فعليكم بالإسلام الحُكميّ!!.
    بل أمر باسلام الظاهر والباطن
    لو جازَ ان يكون الاسلام مجرد النطق مع مخالفة المعنى لامكن أنْ يُقال لعابد الوثن النّاطق بالشهادتين: "لا تُكفّرُوهُ مع شركِه لأنّهُ ينطقُ بالشهادين،
    والشهادتان من الإسلام الحُكمي!!".

    ولكنّ الحقَّ خلاف ذلك، لم يُطلَبْ من البشرِ غير الإسلام الحقيقي،
    وعندما يُطلبُ منهم قبول الشهادين؛ إنّما يُطلبُ منهم قبُول الإسلامُ الحقيقيّ،
    الّذي يتحقّقُ بقبُول الشهادتين لفظًا ومعنى.
    قول وعمل، ولا يكفي مجرد القول، ولو كفى مجرد القول؛ لكان المنافقون مسلمين، لأنهم يقولونها، وهم مع هذا كفار، بل في الدرك الأسفل من النار لأنهم يقولونها باللسان من دون عقيدة ولا إيمان، فلا بد من قولها باللسان مع اعتقاد القلب، وإيمان القلب بأنه لا معبود حق إلا الله،
    لابد من قول مع يقين، ومع علم، ومع عمل، لا مجرد القول باللسان؛ فـاليهود يقولونها، والمنافقون يقولونها، ولكن لا تنفعهم؛ لما لم يأتوا بالعمل والعقيدة،
    قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في قرة عيون الموحدين: ( فيه دليل أنه لا يحرم ماله ودمه إلا إذا قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله فإن قالها ولم يكفر بما يعبد من دون الله فدمه وماله حلال لكونه لم ينكر الشرك ويكفر به، ولم ينفه كما نفته لا إله إلا الله.
    قال صاحب فتح المجيد: (قوله: "من شهد أن لا إله إلى الله" أي: من تكلم بها عارفاً لمعناها، عاملاً بمقتضاها، باطناً وظاهراً، فلابد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولهما، كما قال تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) [محمد: 19]. وقوله: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) [الزخرف: 86]، أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه: من البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح ، فغير نافع بالإجماع.
    فتح المجيد: (قوله: "من شهد أن لا إله إلى الله" أي: من تكلم بها عارفاً لمعناها، عاملاً بمقتضاها، باطناً وظاهراً، فلابد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولهما، كما قال تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) [محمد: 19]. وقوله: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) [الزخرف: 86]، أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه: من البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح ، فغير نافع بالإجماع.
    قال في فتح المجيد: (وقد أجمع العلماء على أن من قال: "لا إله إلا الله" ولم يعتقد معناها، ولم يعمل بمقتضاها: أنه يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفي والإثبات).
    اذا شهادة لا اله الا الله واحدة مشتملة للظاهر والباطن.
    ولم يكُن الرسول يعلّمُ الناس ويأمرهم بتوحيد ظاهر لا باطن له

    فالدعوة إلى الإيمان الّذي هو الإسلام الحقيقي تبلُغُ أسماعَ المشركين ، وهم في كُفرهم؛ فتقُومُ عليهم الحُجّة. تأمَّل الأمثلة الآتية من الكتاب العزيز:
    قال الله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الأعراف: 59).
    وقال: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) (الشعراء: 106-108).

    وقال تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) (الأعراف: 65).


    فجميع الأمم الكافرة المذكورة في القرآن التي أهلكها الله قد تبيّن أنّهم كفروا واستحقُّوا الإهلاك
    إذا ثبت ذلك بالأدلّة عرفت صحّة القول بأنَّ أصل دين الإسلام هو "الإيمان بالله"، وأنّهُ الإسلام الحقيقيّ الّذي لم يُطلبْ من النّاسِ غيرُه.

    وإذا أرادَ الكافرُ الّذي بلغتهُ الدعوةُ إلى الإسلام الحقيقيّ أن يُسلمَ، فإنّهُ كان يُسلم وهو يعلمُ المُرادَ منهُ. فكان يُظهرُ ما يدلُّ على قبُولِهِ للإسلام الحقيقيّ، فيكتفِي بقوله: "آمنتُ بالله ورسُولِهِ"، أو "أسلمتُ لله"، أو "لا إله إلا الله"، أو "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
    وهُنا ظهرت مسألةٌ هي:
    "ماذا على من أرادَ الدخُول في الإسلام الحقيقي أن يقُولَ ليُحكمَ بإسلامِهِ في الظاهر؟".

    فتكلّم السلفُ عن الإقرار المطلُوب،
    وخلاصةُ أقوالهم هي:
    "إذا أظهر الكافرُ إرادتَهُ للإسلامِ، ومُفارقتهُ للكُفر الّذي كان عليهِ، وأظهرَ الشهادتين،
    أو ما يقُومُ مقامهما، نحكُمُ بإسلامِهِ، وسريرتُهُ إلى الله".
    فقال العُلماء هذا هو الإسلامُ الحُكمي اصطلاحًا.
    ومُرادُهم من الإسلام الحُكمي هو قدرُ البيانِ الّذي على الكافِرِ أنْ يُظهرُهُ ليُكفَّ عنهُ، أو ليكُون معدُودًا في أهلِ الإسلام؛ الّذين أظهرُوا قبُول الإسلام.

    وليس في كلامِ السلفِ ما يدلُّ على أنّ من أتى بالإسلامِ الحُكمي، الشهادتان أو ما يقُومُ مقامهما، لا يكُونُ كافرًا بعبادةِ غير الله، إذا لم يرتدَّ عن النُّطقِ بالشهادتين.
    بل إنّهم لم يكُونُوا يحكمُون بإسلام الكافر،
    إلا عند غلبة الظنّ بأنّهُ مُريدٌ للإسلام الحقيقي،
    أو لا يعلمُون بتلبُّسه بنقيضِ الإسلام.
    أمّا إن علمُوا أنّهُ لا يُريدُ الإسلامَ الحقيقيّ
    فلم يكُونُوا يعتبرُونهُ مُسلمًا بما يقُولهُ بلسانِه.
    ولذلك قاتل الصحابةُ لقبائل ناطقة بالشهادتين،
    لأجلِ خُرُوجِهم من الإسلام الحقيقي.

    إنَّ العلمَ والإخلاصَ والصدقَ واليقينَ والمحبّةَ والقبُولَ والانقيادَ،
    أمُورٌ لابُدَّ أن تكُونَ في القلبِ،
    ولكن هل لها تأثيرٌ في إقرارِ المُقرِّ عند فقدانها؟.
    هذه هي النُّقطة التي يغفلُ عنها كثيرُون،
    أو لا يُريدُون أن ينظُرُوا إليها.
    إنّهُ لا تأثيرَ للإسلام الحُكمي إذا تلبّس مُظهرُهُ بما ينقُضُ الإسلام الحقيقي.

    إنّ شُرُوطَ التّوحيد إذا تبيّنَ أنّها ليست موجودة، لا يصحُّ الاسلامُ بمجرّد التلفُظ بالكلمة،
    فمن علمَ أنّ قومَهُ يقُولُون "لا إلهَ إلا الله، مُحمّدٌ رسُولُ الله"، ولا يعلمُون معناها الشرعي،
    بل يقُولُونها وهم يُشركُون بالله،
    أو يعتقدُون نُبوّةَ أحدِ الكذابين،
    فقد علمَ انتفاءَ العلم والإخلاص،
    فوجبَ عليهِ البيانُ التّام لإنقاذهم من النّار
    ، وليس لهُ أن يظنَّ أنّهم على الإسلام الصحيح لعلمِهِ بوجُود نقيضِهِ.

    فإذا جاءَ إلى المُسلم رجُلٌ منهم،
    وقال: "لا إلهَ إلا الله، مُحمّدٌ رسُولُ الله"
    ، فإنّهُ يطلُبُ منه تركَ الشرك، أو الكفرَ بالكذابِ المُتنبّئ.
    ولا يحتاجُ إلى سُؤاله: "هل فيك علمٌ وإخلاص"
    أو "هل أكملتَ شرطَ العلم وشرط الإخلاص".

    أمّا إذا كان قومُهُ عالمين بمعناها الشرعي،
    ولا يقُولُونها وهم يُشركُون بالله،
    أو يعتقدُون نُبوّةَ أحدِ الكذابين،
    فإن شهدُوا الشهادتين؛ فقد علمَ استجابتهم للإسلام،
    إذا لم تقترن بقولهم ما يدلُّ على أنّهم لا يُريدُون الاسلام، أو إلتزام شريعة الإسلام.
    وإذا جاءَ إليه رجُلٌ منهم، وقال:
    "لا إلهَ إلا الله، مُحمّدٌ رسُولُ الله"، فإنّ هذا يكفي في معرفة أنَّهُ قد تركَ الشرك، وكفرَ بالكذابِ المُتنبّئ. ولا يحتاجُ إلى سُؤاله: "هل فيك علمٌ وإخلاص"
    أو "هل أكملتَ شرطَ العلم وشرط الإخلاص".

    وغالبًا يكُونُ الشركُ الأكبر ظاهرًا، لأنّ المشركين يقعُون في الشركِ لجلبِ المنفعةِ، أو دفع المضرّة، فإن استغاثُوا بالمقبُورين، أو نصبُوا الطاغية الّذي يقُودُهم على خلافِ الحقِّ؛ فإنما يفعلون ذلك لتحصيل المنافع، أو درءِ المفاسِد. ولذلك لا يكُونُ الشركُ بالله سرًّا مكتُومًا، لكونِهِ مطلوبَ أمَّةٍ، تعتقدُ فيهِ أنّهُ من أسبابِ الخير.

    وأقُولُ لمن أنكرَ تأثيرَ شُروط التّوحيد في الإقرارِ والاسلامِ الظاهرِ،
    ما تقُولُ في من قال: "لا إله إلا الله"، وهو يعبُدُ الصنمَ، ولا يُسمِّيهِ بـ "الإله"،
    أتقُولُ إنّهُ قد أسلم، لكونِهِ قد تكلّمَ بكلمةِ التّوحيدِ.
    أم تقُولُ لا يصحُّ إقرارُهُ لفقدان العِلم والإخلاص.
    فإن قال بالأول وجعلَ عابدَ الصنم مُسلمًا، فقد خرج هو من الإسلام.
    وإن قال بالثاني فقد تركَ مذهبَهُ، واعترفَ بتأثير الإسلام الحقيقي في الاسلام الظاهر.
    إنَّ الإسلامَ يطلُبُ من العبدِ أن يشهدَ أن "لا إله إلا الله، وأنَّ مُحمّدًا رسُولُ الله". وأداءُ الشهادةِ مُفتقرٌ إلى العلم. فمن شهد بدونِ علمٍ فهو من الكاذبين.
    قال تعالى
    ــ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) (مُحمّد:19)
    ــ (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (الزخرف:86)

    قال اللهُ تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25). وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) (النساء:36)
    وقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (إبراهيم:4).
    ومن مجمُوع هذه الآيات يتبيّنُ أمران واجبين على رسُل الله، عليهم الصلاةُ والسلام، ومن بعدهُما من أهلِ الإيمان.
    (الأولُ) هو الدعوةُ إلى التّوحيد ونبذ الشرك بالله،
    و(الثاني) إعلام كُلِّ قومِ ما يُطلبُ منهم بلسانهم الّذي يعرفُونهُ.

    إنّ الإسلامَ دينٌ جاء لتصحيح عقائدِ الناس، وأهلُ الضلالِ مُتنوّعُون في العقائد والأفكار، ومتفاوتُون في فهمِ اللغةِ التي يُخاطبُون بها. وعلى الدُعاةِ أن يدعُوا الجميع إلى عقيدة واحدة، تلتقي عليها طوائف البشر جميعها.

    فمن واجهَ أمّةً مُشركَةً لكنّها تعلمُ المراد من الشهادتين، ولا تحتاجُ من إنسانٍ أن يُفسّرَ لها مدلولها، كما كان مشركُوا العربِ، الّذين كانُوا إذا سمعُوا "لا إلهَ إلا اللهُ" يقولون
    ــ (أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) (ص:5)
    ــ (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (الصافات: 35-36).
    إنَّ من واجَهَ مثلَ هذه الأمّة التي تنفرُ من النُّطقِ بكلمةِ التّوحيدِ،
    إن رجع إليهِ بعضُهم وقالُوا: "نشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ مُحمّدًا رسُولُ الله".
    يتحتّمُ عليهِ أن يقبلَ منهم،ما شهدُوا عليه. كما كان رسُولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّم يقبلُ من مشركي العربِ الّذين بلغتهم الدعوةُ، والذين يفهمُون فهمًا كاملا المُراد من كلمة الشهادة.

    أمّا من واجَهَ قومًا يشهدُون "أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ مُحمّدًا رسُولُ الله"،
    وهم في الشركِ الأكبر، ولا يدرُون أنّ هذه الشهادة التي يُقرُّونَ بها تنقضُ الشركَ الذي يعتقدُونه. مَن واجَهَ مثل هؤلاء الجامعين بين كلمة التّوحيد، وبين الشرك الأكبر الذي ينقُضها،
    لجهلهم للمراد من كلمة الشهادة...
    فهل الطريق الصحيح أن يُعلّمهم المراد من كلمة الشهادة، وأنّها لا تصحُّ مع الشركِ، أم عليهِ أن يقُولَ: "أقبلُ منهم النُّطق ولا أبحثُ عن علمهم أو جهلهم"،
    ويزعمَ مع ذلك أنّهُ مُقتدٍ بالنّبي صلّى اللهُ عليه وسلّم ويستصحب علم هؤلاء بالشهادة ؟.

    إنّ من اختار الطريقَ الأول وعزمَ على أن يُعلّمهم المراد من كلمة الشهادة، وأنّها لا تصحُّ مع الشركِ، فقد وافقَ النّبي صلّى اللهُ عليه وسلّم في تحقيق المقصُود الذي هو إخراج أهلِ الشركِ من الشركِ، ووافقهُ كذلك في اعتبار شرط العلمِ الذي دلّ عليه القرآن.

    أمّا من اختار الطريقَ الثاني وعزمَ على أن لا يُعلّمهم المراد من كلمة الشهادة، وقالَ: "أقبلُ منهم النُّطق ولا أبحثُ عن علمهم أو جهلهم، وزعَمَ أنّهُ يفعلُ ذلك اقتداءً بالنّبي صلّى اللهُ عليه وسلّم، وقال: أعتبرهم مُسلمين بالنُّطق، فهو من أعظم النّاس مُخالفةً للرسُول صلّى اللهُ عليه وسلّم، ويظهرُ لك ذلك من وجُوه:
    (الأول) كان النّبي صلّى اللهُ عليه وسلّم موافقًا للقرآن، والقرآنُ يأمُرُ بالعلم بالتّوحيد (فاعلَمْ أنَّهُ لا إلهَ إلا الله)، (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). وهو يُنكرُ أهمية العلم بالتوحيد.
    (الثاني) كان النّبي صلّى اللهُ عليه وسلّم، يقبلُ إسلامَ أقوامٍ قد تبرَّؤُا من الشرك المناقض لكلمةِ الشهادة في الظاهر، وهو يقبلُ إسلامَ أقوامٍ لم يتبرَّؤُا من الشرك المناقض لكلمةِ الشهادة في الظاهر.
    وقد بين اهل العلم اعتبار حال الداخل فى الاسلام

    إنَّ من جاءَهُ أحدُ المستغيثين بالموتى، وقال لهُ إني مُسلمٌ بالشهادتين، فسألهُ عن المعنى المراد من الشهادين، فأخطأَ، فبيّنَ لهُ المعنى المُراد، وبيّنَ لهُ أنّهُ يُشركُ بالله ولا ينفعُهُ النُّطقُ، فقد نصحهُ، وأدّى واجبه. أمّا من لم يسألهُ شيئًا وقال لهُ لقد تمَّ إسلامُك حُكمًا، مع علمِهِ بأحوالِ أهلِ الشركِ المحيطين بهِ؛ فقد خانهُ لما تركَهُ على الشركِ، وصحّحَ مذهَبهُ، وجعلهُ مُسلمًا حنيفًا وهو على الكُفر الأكبر.
    من المعلُوم أنَّ كلمةَ التّوحيد لفظٌ ومعنى.
    ومن أنكرَ اللفظ واستكبر عن النطقِ بهِ، وهو قادرٌ عليه،
    وقال: "لا أنطقُ بكلمة التّوحيد ما حييتُ"، فإنّهُ يكُونُ معدُودًا من منكري التّوحيد.
    ومن أنكر معناها، وقال: "لا أترُكُ الشركَ بالله ماحييتُ"، فإنّهُ يكُونُ معدُودًا من منكري التّوحيد. ومن شهد الشهادتين فقد رضيَ بالاخلاص وترك الشرك، واتّباع شريعة النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم. فإن عُلمَ أنّهُ يشهدُ بلسانِهِ ولا يُريدُ تركَ الشرك بالله،
    لا ينفعُهُ النُّطقُ المُجرّد عن التحقيق والمعنى.

    والنبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم لمّا كان يطلُبُ منهم أن يقُولُوا: " لا إله إلا الله"،
    كان يُريدُ منهم "تركَ الشرك بالله، وإخلاص العبادة له".
    كما ترى من النُّصُوص الآتية:
    ـ (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25)
    ـ (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) (الأنعام:151)
    ـ (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (الحج: 30-31)

    وأهلُ الشرك لمّا طلبتْ منهم الرسل ـ عليهم الصلاةُ والسلام ـ أن يقُولُوا: " لا إله إلا الله"،
    فهمُوا أنّهُ يُرادُ منهم "تركَ الشرك بالله، وإخلاص العبادة له"
    . كما هو واضحٌ من النُّصُوص الآتية:
    ـ (قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) (هود:53)
    ـ (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (الصافات: 35-36).

    ومن أرادَ أن يُنقِذ اهل الشرك، فهل يتمُّ الانقاذُ بتلقينهم كلمات، لا تُغيِّرُ من عقائدهم ولا من سلوكهم شيئًا، ويكونُ من تفوّهَ بهذه الكلماتِ ناجيًا، معصُومَ الدم في الدُنيا، ومن أهلِ الجنّةِ في الآخرة، وهو لم يُغيِّرْ عقيدتهُ، ولم يترُكْ عبادة الأصنام والأوثان والأحجار.

    إنّهُ لم يقُلْ مُسلمٌ عاقِلٌ ولو كان من أبعَد أهلِ البدعِ ضلالا، أنَّ من نطقَ بكلمة التّوحيد، واستبقى عبادةَ غير الله، وعكف على الأصنام أو القُبُور للدعاء وتفريج الكُربات، واتّبع شرائع الجاهليّة؛ ، ينجُو بنطقِهِ بكلمة التّوحيد.
    وأنّ الّذي يُوافقُهُ في الاعتقاد، ويُشركُ بالله كشركِهِ مُخلّدٌ في النّار؛ لأنّهُ لم ينطق بكلمة التّوحيد. لا تجدُ أحدًا من العلماء أو العقلاء ذهبَ إلى هذا المذهب، لأنّ مدار النجاة ليس النُّطق المُجرّد بل التحقيق والعمل مع النُّطق.

    إنّ المُقيمَ على الشرك الأكبر لا يكُونُ مُسلمًا حتى يتُوبَ من الشركِ لأنّهُ وإن قبلَ اللفظ نُطقًا، فقد أنكر اللفظ معنىً وتحقيقًا، ومن أنكر المعنى والتحقيق فقد أنكر كلمة التّوحيد المتضمنة اللفظ والمعنى المتضمنه للنفى والاثبات.لذلك كما تقدم لا يكفى اللفظ المُجرّدِ من لا يُريدُ أنْ يتُوبَ من الشركِ
    لقوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (التوبة:11).
    قال المفسرُون: "تابُوا من الشركِ".

    وبصيغةٍ أخرى لا يُسلمُ باللفظ المُجرّدِ من لا يُريدُ أن يعبد الله وحدهُ،
    . لقوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:64)
    وللحديث: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبدُ من دون الله، حرُمَ مالُهُ ودمه، وحسابُهُ على الله عزَّ وجلَّ" (مسلم)

    إنَّ الإقرار المطلوب من الكافر يُراعى فيه اللفظُ والمعنى. فاللفظُ هو وسيلةُ الإنسانِ للتعبير عن المعنى الّذي في نفسِهِ،
    فمن ادّعى الإسلامَ وشهدَ أن لا إلهَ إلا الله، وأنَّ مُحمّدًا رسُولُ الله،
    فقد عبّر عمّا في نفسِهِ، وأخبرنَا بأنّهُ يعبُدُ الله وحدهُ لا شريكَ لهُ، ويعبُدهُ بشريعةِ مُحمَّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم.
    وإن ظهرَ شركُهُ؛ علِمنا أنَّهُ مُنكِرٌ مُخالِفٌ للمعني الّذي ادّعاهُ،
    ولم يكُنْ للفظِهِ وزنٌ واعتبارٌ، لظهُورِ كذبِهِ.

    وقد أخبر اللهُ في كتابِهِ أنّهُ أرسل جميعَ الرُّسُلِ ليدعُوا إلى عبادة اللهِ وحدهُ لا شريك لهُ.
    قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25). فمن اعتقِدَ إسلامَ العابد لغير الله، إذا كانَ ينطقُ بالشهادتين". من قال بذلك فقد نسبَ التناقُضَ إلى دينِ الله، فظهر بُطلان هذا المذهبِ.

    وقد ينشأ في نُفُوسِ بعض النّاس سُؤال: إذا أظهر الإنسانُ الإسلامَ والشرك الأكبر في آن واحد، هل يُلحقُ بالمسلمين أم بالمشركين؟.
    والجوابُ:
    إنَّ هذا الكلامَ مُتناقضٌ، فليس هُناك مُشركٌ، مظهرٌ لشركهِ، ثُمَّ هُو مظهرٌ للإسلام في نفس الوقت.
    من أظهر الشّرك الأكبر، وهو يُظهرُ بعض شعائر الإسلامِ، لا يُقالُ: إنَّهُ مُظهرٌ للإسلامِ
    بل يُقالُ إنَّهُ مُظهرٌ للشّركِ.
    والمُظهرُ للإسلامِ إمَّا أن يكُون مُؤمنا ظاهراً وباطناً
    وإمَّا أن يكُون مُؤمناً في الظّاهر، كافراً في الباطن، وهو المعرُوف بالمُنافق في ميزان الشّرع.

    والَّذي يُظهرُ الشرك الأكبر، وإن كان من أعبد النَّاس، وأكثرهم اجتهاداً في الطّاعات، فليس بمُظهرٍ للإسلام، ولا يجُوزُ الاختلاف في حُكمه،
    بعد أن قال اللهُ لنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلّـم:
    (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65).

    وقد كان أهلُ الأوثان يُظهرُون بعض شعائر الإسلام، من بقايا دين إبراهيم عليه السّلام،
    وأهلُ الكتاب كانُوا ولا يزالون مُظهرين لشعائر من دين الرسّل،
    وأهلُ الرّدَّة كانُوا مظهرين لشعائر ثابتة في القرآن،
    ومع ذلك لم يكنْ أهلُ الإيمان مُنخدعين بهذه الشّعائر،
    لعلمهم بأنَّ الإسلام هو الدّينُ الخالص، الّذي لا شرك فيه.

    ولو كان التلفُظُ بالشهادتين كافيًا في إسلامِ المرءِ مُطلقًا؛
    لعُدَّ كثيرون من أهلِ الردَّةِ، الّذي لم يرتدُّوا عن الإقرار بالشهادتين،
    وإنّما وقعُوا في كُفرٍ ينقُضُ الشهادتين، كبني حنيفة والسبئيّة ومانعي الزكاة ومن جاء بعدهم؛
    أنّهم من المسلمين بالنُّطقِ.
    ولكنّهم عُدُّوا من أهلِ الردَّةِ، وقُوتلُوا على ذلك،
    وكان الإقرارُ المطلوبُ من هؤلاءِ، ويدخُلونَ بهِ في الإسلامِ هو الرجُوع والتّوبة عن الكُفر الّذي وقعُوا فيه.

    ومن كانَت عندهُ أدلّةٌ علميّةٌ قاضيةٌ بإسلام العابِدِ لغير الله المُشركِ بهِ، المُظهر لشركِهِ، إذا كان يُقرُّ بلسانِهِ شهادة أن لا إلهَ إلا الله، وأنَّ مُحمّدًا رسُولُ الله، فليأتِ إلينا،
    ومن لم يجدها، ولكنّهُ يُريدُ أن يبحثَ عنها، فنحنُ ننتظرُ منهُ ذلك، ولو استغرقَ الأعمار القصيرة في هذه الدُنيا.


    وقُل مثلَ ذلكَ في باقِي الشرُوط،
    فإنَّ الاسلام الظاهر والنُّطقُ بالشهادتين لا يصحُّ عند العلمِ بفقدان الإيمان الّذي هو الإسلام الحقيقي.
    فمن كانَ مُسلمًا فعُلمَ منهُ انتفاءُ شرط الصدق؛ وصرح بنفاقِهِ وكفره الباطن؛
    وقال قد شهدتُ الشهادتين، ولكن أكذّبُها من قلبي، فقد بطلَ إسلامُهُ الظاهر، وحُكمَ بردّتِهِ.

    وإن أخفي كفرَهُ وأظهر لنا التّوحيد والبراءة من الشركِ وأهلِهِ، فهو المُهلك لنفسِهِ، وليس لنا سُلطان على قلبِهِ، ولا يجبُ علينا أن نسألهُ هل بقيَ في نفسِكَ نفاقٌ، أم أنت صادقُ في إظهار الإسلام؟، بل نُعاملُهُ على حسبِ ظاهره.
    ومن كانَ مُسلمًا فعُلمَ منهُ انتفاءُ شرط اليقين؛ وصرح بشكِّهِ وكفره الباطن؛ وقال قد شهدتُ الشهادتين، ولكنِّي في شكٍّ منها، فقد بطلَ إسلامُهُ الظاهر، وحُكمَ بردّتِهِ.
    وإن أخفي كفرَهُ وأظهر لنا التّوحيد والبراءة من الشركِ وأهلِهِ، فهو المُهلك لنفسِهِ، وليس لنا سُلطان على قلبِهِ، ولا يجبُ علينا أن نسألهُ هل بقيَ في نفسِكَ شكٌ، أم أنت مُستيقِنٌ؟، بل نُعاملُهُ على حسبِ ظاهره.
    ومن كانَ مُسلمًا فعُلمَ منهُ انتفاءُ شرط المحبّة؛ وصرح ببُغضِهِ للشهادتين ولمن جاء بهما؛ وقال قد شهدتُ الشهادتين، ولكن أبغضُها من قلبي، فقد بطلَ إسلامُهُ الظاهر، وحُكمَ بردّتِهِ.
    وإن أخفي كفرَهُ وأظهر لنا التّوحيد والبراءة من الشركِ وأهلِهِ، فهو المُهلك لنفسِهِ، وليس لنا سُلطان على قلبِهِ، ولا يجبُ علينا أن نسألهُ هل بقيَ في نفسِكَ بغضٌ للحقِّ، أم أنت مُحبٌّ للإسلام؟، بل نُعاملُهُ على حسبِ ظاهره.
    ومن كانَ مُسلمًا فعُلمَ منهُ انتفاءُ شرط القبُول؛ وصرح بإنكارهِ وكفره الباطن؛ وقال قد شهدتُ الشهادتين، ولكنّي أنكرُها ولا أقبلها من قلبي، فقد بطلَ إسلامُهُ الظاهر، وحُكمَ بردّتِهِ.
    وإن أخفي كفرَهُ وأظهر لنا التّوحيد والبراءة من الشركِ وأهلِهِ، فهو المُهلك لنفسِهِ، وليس لنا سُلطان على قلبِهِ، ولا يجبُ علينا أن نسألهُ هل بقيَ في نفسِكَ إنكارٌ للحقِّ، أم أنت قبلتَ الإسلام من قلبك؟، بل نُعاملُهُ على حسبِ ظاهره.
    ومن كانَ مُسلمًا فعُلمَ منهُ انتفاءُ شرط الإنقياد؛ وصرح بعدم انقيادِه لمدلُولها؛ وقال قد شهدتُ الشهادتين، ولكنِّي سأعرضُ عنها وعن العمل بها، ولا أنصُرُها ولا أعاديها، فقد بطلَ إسلامُهُ الظاهر، وحُكمَ بردّتِهِ.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    قال الامام محمد ابن عبد الوهاب
    أن الإيمان ليس كما يظنه غالب الناس اليوم، بل كما قال الحسن البصري - فيما روى عنه البخاري : ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال .
    والذي يعرفك هذا جيدا: هو معرفة ضده، وهو أن العلماء في زماننا يقولون: من قال: " لا إله إلا الله " فهو المسلم، حرام المال والدم لا يكفر ولا يقاتل، حتى إنهم يصرحون بذلك في شأن البدو الذين يكذبون بالبعث. وينكرون الشرائع. ويزعمون أن شرعهم الباطل هو حق الله، ولو طلب أحد منهم خصمه أن يخاصمه عند شرع الله لعدوه من أنكر المنكرات، بل من حيث الجملة: إنهم يكفرون بالقرآن من أوله إلى آخره. ويكفرون بدين الرسول كله، مع إقرارهم بذلك بألسنتهم، وإقرارهم: أن شرعهم أحدثه آباؤهم لهم كفرا بشرع الله.
    وعلماء الوقت يعترفون بهذا كله. ويقولون ما فيهم من الإسلام شعرة. وهذا القول تلقته العامة عن علمائهم، وأنكروا به ما بينه الله ورسوله. بل كفروا من صدق الله ورسوله في هذه المسألة، وقالوا: من كفر مسلما فقد كفر. والمسلم عندهم: الذي ليس معه من الإسلام شعرة، إلا أنه يقول بلسانه: " لا إله إلا الله " وهو أبعد الناس عن فهمها وتحقيق مطلوبها علما وعقيدة وعملا.


    ويقول الامام محمد ابن عبد الوهاب فى مختصر السيرة
    أن هذه المسألة: أهم الأشياء كلها عليك. لأنها هي الكفر والإسلام. فإن صدقتهم فقد كفرت بما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا لك من القرآن الكريم والسنة والإجماع. وإن صدقت الله ورسوله عادوك وكفروك.
    وهذا الكفر الصريح بالقرآن والرسول في هذه المسألة: قد اشتهر في الأرض مشرقها ومغربها. ولم يسلم منه إلا أقل القليل.
    فإن رجوت الجنة، وخفت من النار: فاطلب هذه المسألة وادرسها من الكتاب والسنة، وحررها، ولا تقصر في طلبها، لأجل شدة الحاجة إليها، ولأنها الإسلام والكفر. وقل: اللهم ألهمني رشدي، وفهمني عنك، وعلمني منك، وأعذني من مضلات الفتن ما أحييتني.
    وأكثر الدعاء بالدعاء الذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو به في الصلاة. وهو « اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك. إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
    نزيد المسألة إيضاحا ودلائل لشدة الحاجة إليها، فنقول:
    ليفطن العاقل لقصة واحدة منها. وهي أن بني حنيفة أشهر أهل الردة ، وهم الذين يعرفهم العامة من أهل الردة .وهم عند الناس أقبح أهل الردة. وأعظمهم كفرا. وهم - مع هذا - يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويؤذنون ويصلون، ومع هذا فإن أكثرهم يظنون أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك، لأجل الشهود الذين شهدوا مع الرجال.
    والذي يعرف هذا - ولا يشك فيه - يقول: من قال " لا إله إلا الله " فهو المسلم، ولو لم يكن معه من الإسلام شعرة، بل قد تركه واستهزأ به متعمدا. فسبحان الله مقلب القلوب كيف يشاء !! كيف يجتمع في قلب من له عقل - ولو كان من أجهل الناس - أنه يعرف أن بني حنيفة كفروا، مع أن حالهم ما ذكرنا. وأن البدو إسلام. ولو تركوا الإسلام كله، وأنكروه، واستهزءوا به على عمد. لأنهم يقولون: " لا إله إلا الله " لكن أشهد أن الله على كل شيء قدير. نسأله أن يثبت قلوبنا على دينه، ولا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة. إنه هو الوهاب.
    الدليل الثاني
    قصة أخرى وقعت في زمن الخلفاء الراشدين

    وهي أن بقايا من بني حنيفة ، لما رجعوا إلى الإسلام وتبرءوا من مسيلمة، وأقروا بكذبه: كبر ذنبهم عند أنفسهم، وتحملوا بأهليهم إلى الثغر لأجل الجهاد في سبيل الله لعل ذلك يمحو عنهم آثار تلك الردة لأن الله تعالى يقول: { إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات } (1) ويقول: { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى } (2) فنزلوا الكوفة . وصار لهم بها محلة معروفة، فيها مسجد يسمى مسجد بني حنيفة، فمر بعض المسلمين على مسجدهم بين المغرب والعشاء. فسمعوا منهم كلاما معناه: أن مسيلمة كان على حق وهم جماعة كثيرون، لكن الذي لم يقله لم ينكره على من قاله. فرفعوا أمرهم إلى عبد الله بن مسعود ، فجمع من عنده من الصحابة واستشارهم: هل يقتلهم وإن تابوا، أو يستتيبهم ؟ فأشار بعضهم بقتلهم من غير استتابة. وأشار بعضهم باستتابتهم، فاستتاب بعضهم، وقتل بعضهم، ولم يستتبه.
    فتأمل - رحمك الله - إذا كانوا قد أظهروا من الأعمال الصالحة الشاقة ما أظهروا، لما تبرءوا من الكفر، وعادوا إلى الإسلام. ولم يظهر منهم إلا كلمة أخفوها في مدح مسيلمة، لكن سمعها بعض المسلمين. ومع هذا لم يتوقف أحد في كفرهم كلهم - المتكلم والحاضر الذي لم ينكر - ولكن اختلفوا: هل تقبل توبتهم أو لا ؟ والقصة في صحيح البخاري .
    فأين هذا من كلام من يزعم أنه من العلماء ويقول: البدو ما معهم من الإسلام شعرة، إلا أنهم يقولون: " لا إله إلا الله " ومع ذلك يحكم بإسلامهم بذلك ؟ أين هذا مما أجمع عليه الصحابة: فيمن قال تلك الكلمة، أو حضرها ولم ينكر ؟

    سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب

    ربنا إني أعوذ بك أن أكون ممن قلت فيهم: { فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون }{ صم بكم عمي فهم لا يرجعون }
    ولا ممن قلت فيهم: { إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون }

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    ومُرادُهم من الإسلام الحُكمي هو قدرُ البيانِ الّذي على الكافِرِ أنْ يُظهرُهُ ليُكفَّ عنهُ، أو ليكُون معدُودًا في أهلِ الإسلام؛ الّذين أظهرُوا قبُول الإسلام.

    وليس في كلامِ السلفِ ما يدلُّ على أنّ من أتى بالإسلامِ الحُكمي، الشهادتان أو ما يقُومُ مقامهما، لا يكُونُ كافرًا بعبادةِ غير الله، إذا لم يرتدَّ عن النُّطقِ بالشهادتين.
    بل إنّهم لم يكُونُوا يحكمُون بإسلام الكافر،
    إلا عند غلبة الظنّ بأنّهُ مُريدٌ للإسلام الحقيقي،
    أو لا يعلمُون بتلبُّسه بنقيضِ الإسلام.
    أمّا إن علمُوا أنّهُ لا يُريدُ الإسلامَ الحقيقيّ
    فلم يكُونُوا يعتبرُونهُ مُسلمًا بما يقُولهُ بلسانِه.
    ولذلك قاتل الصحابةُ لقبائل ناطقة بالشهادتين،
    لأجلِ خُرُوجِهم من الإسلام الحقيقي.

    إنَّ العلمَ والإخلاصَ والصدقَ واليقينَ والمحبّةَ والقبُولَ والانقيادَ،
    أمُورٌ لابُدَّ أن تكُونَ في القلبِ،
    ولكن هل لها تأثيرٌ في إقرارِ المُقرِّ عند فقدانها؟.
    هذه هي النُّقطة التي يغفلُ عنها كثيرُون،
    أو لا يُريدُون أن ينظُرُوا إليها.
    إنّهُ لا تأثيرَ للإسلام الحُكمي إذا تلبّس مُظهرُهُ بما ينقُضُ الإسلام الحقيقي.

    إنّ شُرُوطَ التّوحيد إذا تبيّنَ أنّها ليست موجودة، لا يصحُّ الاسلامُ بمجرّد التلفُظ بالكلمة،
    فمن علمَ أنّ قومَهُ يقُولُون "لا إلهَ إلا الله، مُحمّدٌ رسُولُ الله"، ولا يعلمُون معناها الشرعي،
    بل يقُولُونها وهم يُشركُون بالله،
    فقد علمَ انتفاءَ العلم والإخلاص،


    وأقُولُ لمن أنكرَ تأثيرَ شُروط التّوحيد في الإقرارِ والاسلامِ الظاهرِ،
    ما تقُولُ في من قال: "لا إله إلا الله"، وهو يعبُدُ الصنمَ، ولا يُسمِّيهِ بـ "الإله"،
    أتقُولُ إنّهُ قد أسلم، لكونِهِ قد تكلّمَ بكلمةِ التّوحيدِ.
    أم تقُولُ لا يصحُّ إقرارُهُ لفقدان العِلم والإخلاص.
    فإن قال بالأول وجعلَ عابدَ الصنم مُسلمًا، فقد خرج هو من الإسلام.
    وإن قال بالثاني فقد تركَ مذهبَهُ، واعترفَ بتأثير الإسلام الحقيقي في الاسلام الظاهر.

    وقد ينشأ في نُفُوسِ بعض النّاس سُؤال: إذا أظهر الإنسانُ الإسلامَ والشرك الأكبر في آن واحد، هل يُلحقُ بالمسلمين أم بالمشركين؟.
    والجوابُ:
    إنَّ هذا الكلامَ مُتناقضٌ، فليس هُناك مُشركٌ، مظهرٌ لشركهِ، ثُمَّ هُو مظهرٌ للإسلام في نفس الوقت.
    من أظهر الشّرك الأكبر، وهو يُظهرُ بعض شعائر الإسلامِ، لا يُقالُ: إنَّهُ مُظهرٌ للإسلامِ
    بل يُقالُ إنَّهُ مُظهرٌ للشّركِ.
    والمُظهرُ للإسلامِ إمَّا أن يكُون مُؤمنا ظاهراً وباطناً
    وإمَّا أن يكُون مُؤمناً في الظّاهر، كافراً في الباطن، وهو المعرُوف بالمُنافق في ميزان الشّرع.

    والَّذي يُظهرُ الشرك الأكبر، وإن كان من أعبد النَّاس، وأكثرهم اجتهاداً في الطّاعات، فليس بمُظهرٍ للإسلام، ولا يجُوزُ الاختلاف في حُكمه،
    بعد أن قال اللهُ لنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلّـم:
    (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65).

    وقد كان أهلُ الأوثان يُظهرُون بعض شعائر الإسلام، من بقايا دين إبراهيم عليه السّلام،
    وأهلُ الكتاب كانُوا ولا يزالون مُظهرين لشعائر من دين الرسّل،
    وأهلُ الرّدَّة كانُوا مظهرين لشعائر ثابتة في القرآن،
    ومع ذلك لم يكنْ أهلُ الإيمان مُنخدعين بهذه الشّعائر،
    لعلمهم بأنَّ الإسلام هو الدّينُ الخالص، الّذي لا شرك فيه.

    ولو كان التلفُظُ بالشهادتين كافيًا في إسلامِ المرءِ مُطلقًا؛
    لعُدَّ كثيرون من أهلِ الردَّةِ، الّذي لم يرتدُّوا عن الإقرار بالشهادتين،
    وإنّما وقعُوا في كُفرٍ ينقُضُ الشهادتين، كبني حنيفة والسبئيّة ومانعي الزكاة ومن جاء بعدهم؛
    أنّهم من المسلمين بالنُّطقِ.
    ولكنّهم عُدُّوا من أهلِ الردَّةِ، وقُوتلُوا على ذلك،
    وكان الإقرارُ المطلوبُ من هؤلاءِ، ويدخُلونَ بهِ في الإسلامِ هو الرجُوع والتّوبة عن الكُفر الّذي وقعُوا فيه.
    نعم
    ما حكم من أظهر الشعائر فى دار مسيلمة الكذاب؟

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    ما حكم من أظهر الشعائر فى دار مسيلمة الكذاب؟
    اظهار الشعائر فى دار مسيلمة الكذاب ليس دليل اسلام -لأن دار مسيلمة- الكفر فيها ثبوتى- والاسلام عدمى -فنحن ننظر الى استصحاب الاصل وجودا وعدما
    قال الشيخ سليمان بن سحمان – رحمه الله -(وأما ما ذكرته من استدلال المخالف بقوله صلى الله عليه وسلم "من صلَّى صلاتنا.." وأشباه هذه الأحاديث، فهذا استدلال جاهل بنصوص الكتاب والسنة، لا يدري ولا يدري أنه لا يدري،
    فإن هذا فرضه ومحلّه في أهل الأهواء من هذه الأمة ومن لا تخرجه بدعته من الإسلام ؛ كالخوارج ونحوهم،
    فهؤلاء لا يكفرون؛
    لأن أصل الإيمان الثابت لا يحكم بزواله إلا بحصول مناف لحقيقته، مناقض لأصله،
    والعمدة استصحاب الأصل وجوداً وعدماً، لكنهم يُبَدّعون، ويضللون، ويجب هجرهم، وتضليلهم، والتحذير عن مجالستهم ومجامعتهم، كما هو طريقة السلف في هذا الصنف.
    وأما الجهمية وعباد القبور: فلا يستدل بمثل هذه النصوص على عدم تكفيرهم إلا من لم يعرف حقيقة الإسلام) .
    (إجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة الجهمية، ص 157).
    وجاء في كتاب بدء سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
    لمحمد ابن عبد الوهاب ص280
    (ذكر تقديم خالد الطلائع من البطاح :لما سار خالد من البطاح وجاء أرض بني تميم : قدم مائتي فارس ، عليهم معن بن عدي ، وقدم عينين له أمامه .
    وذكر الواقدي : أن خالداً لما قدم العرض قدم مائتي فارس ، وقال : من أصبتم من الناس فخذوه . فانطلقوا ، وأخذوا مجاعة بن مرارة ، في ثلاثة وعشرين رجلاً من قومه ، خرجوا في طلب رجل أصاب فيهم دماً ، وهم لا يشعرون بإقبال خالد ، فسألوهم : من أنتم ؟ فقالوا : من بني حنيفة ، فقالوا : ما تقولون في صاحبكم ؟ فشهدوا أنه رسول الله ، فقالوا لمجاعة : ما تقول أنت ؟ فقال: ما كنت أقرب مسيلمة ، وقد قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ، وما غيرت ولا بدلت . فضرب خالد أعناقهم ، حتى إذا بقي سارية بن عامر ، قال : يا خالد ! إن كنت تريد بأهل اليمامة خيراً أو شراً ، فاستبق مجاعة . وكان مجاعة شريفاً ، فلم يقتله . وترك أيضاً سارية ، وأمر بهما فأوثقا في جوامع من حديد .
    وكان يدعو مجاعة - وهو كذلك- فيتحدث معه ، وهو يظن أن خالداً يقتله . فقال : يا ابن المغيرة ! إن لي إسلاماً ، والله ما كفرت ، وأعاد كلامه الأول . فقال خالد : إن بين القتل والترك منزلة ، وهي الحبس ، حتى يقضي الله في حربنا ما هو قاض . ودفعه إلى أم متمم زوجته ، وأمرها أن تحسن إساره . فظن مجاعة أن خالداً يريد حبسه لأجل أن يخبره عن عدوه ويشير عليه . فقال : يا خالد ، لقد علمت أني قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعته على الإسلام . وأنا اليوم على ما كنت عليه أمس . فإن يكن كذاب خرج فينا ، فإن الله يقول : " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، فقال : يا مجاعة ! تركت اليوم ما كنت عليه بالأمس ، وكان رضاك بأمر هذا الكذاب ، وسكوتك عنه - وأنت أعز أهل اليمامة ، وقد بلغك مسيري -إقراراً له ، ورضى بما جاء به ، فهلا أبديت عذراً ، فتكلمت فيمن تكلم ؟ فقد تكلم ثمامة . فرد وأنكر ، وتكلم اليشكري ، فإن قلت : أخاف قومي ، فهلا عمدت إلي ، أو بعثت إلي رسولاً ؟ فقال : إن رأيت يا ابن المغيرة ! أن تعفو عن هذا كله ؟ فقال : قد عفوت عن دمك ، ولكن في نفسي من تركك حرج) .ا0هـ والشاهد من القصة أمور
    قول خالد لمجاعة (فهلا أبديت عذراً ، فتكلمت فيمن تكلم ؟)
    ( فهلا عمدت إلي ، أو بعثت إلي رسولاً ؟)
    قول خالد لمجاعة (وكان رضاك بأمر هذا الكذاب ، وسكوتك عنه– إقراراً له ، ورضى بما جاء به) إنتهى

    الحكم على الظاهر والله يتولى السرائر
    قال ابن القيم رحمه الله إذ قال إذا كان الله ورسوله في جانب وكنت أنت في جانب آخر فلا بد أنك بعيد عن الله ورسوله بقدر بعدك إن قليلا فقليل وإن كثير فكثير فإياك أن يكون الله ورسوله في جانب وتكون أنت في جانب آخر ))
    قال بعض العلماء - الدار إذا ظهر فيها الأذان وسُمع وقت من أوقات الصلوات فإنها دار إسلام, لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن يغزو قوما أن يصبحهم, قال لمن معه: «انتظروا» فإن سمع أذانا كفّ، وإن لم يسمع أذانا قاتل،وهذا فيه نظر, لأن الحديث على أصله، وهو أن العرب حينما يُعلون الأذان، معنى ذلك أنهم يقرون ويشهدون شهادة الحق لأنهم يعلمون معنى ذلك، وهم يؤدون حقوق التوحيد الذي اشتمل عليه الأذان، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله ورفعوا الأذان بالصلاة، معنى ذلك أنهم انسلخوا من الشرك وتبرؤوا منه، وأقاموا الصلاة، وقد قال جل وعلا ?فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ?[التوبة:11]، (فَإِنْ تَابُوا) من الشرك، (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، ذلك لأن العرب كانوا يعلمون معنى التوحيد، فإذا دخلوا في الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،دل ذلك أنهم يعملون بمقتضى ذلك، أما في هذه الأزمنة المتأخرة فإن كثيرين من المسلمين، يقولون لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ولا يعلمون معناها، ولا يعملون بمقتضاها، بل تجد الشرك فاشيا فيهم، ولهذا نقول إن هذا القيد أو هذا التعريف وهو أن دار الإسلام هي الدار التي يظهر فيها الأذان بالصلوات، أنه في هذه الأزمنة المتأخرة أنه لا يصح أن يكون قيدا، والدليل على أصله وهو أن العرب كانوا ينسلخون من الشرك، ويتبرؤون منه ومن أهله، ويقبلون على التوحيد، ويعملون بمقتضى الشهادتين، بخلاف أهل هذه الأزمان المتأخرة [شرح الاصول الثلاثة للشيخ صالح ال الشيخ]------اذا تبين ذلك فما هو ضابط الحكم على الدار بأنها دار كفر او دار اسلام -يقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله فى بيان ضابط الحكم على الدار بانها بلد كفر يقول -وأما إذا كان الشرك فاشيًا مثل: دعاء الكعبة والمقام والحطيم، ودعاء الأنبياء والصالحين، وإفشاء توابع الشرك مثل: الزنا والربا وأنواع المظالم ونبذ السنن وراء الظهر، وفشو البدع والضلالات، وصار التحاكم إلى الأئمة الظلمة، ونواب المشركين، وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة، وصار هذا معلومًا في أي بلد كان، فلا يشك من له أدنى علم أن هذه البلاد محكوم عليها بأنها بلاد كفر وشرك، لا سيما إذا كانوا معادين أهل التوحيد، وساعين في إزالة دينهم، وتخريب بلاد الإسلام
    وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك وجدت القرآن كله فيه، وقد أجمع عليه العلماء، فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم
    وجماع الأمر أنه إذا ظهر في بلد: دعاء غير الله، وتوابع ذلك، واستمر أهلها عليه، وقاتلوا عليه، وتقرَّرت عندهم عداوة أهل التوحيد، وأبوا عن الانقياد للدين، فكيف لا يحكم عليها بأنها بلد كفر - ولو كانوا لا ينتسبون لأهل الكفر وأنهم منهم بريئون - مع مسبتهم لهم وتخطئتهم لمن دان به، والحكم عليهم بأنهم خوارج أو كفار، فكيف إذا كانت هذه الأشياء كلها موجودة فهذه مسألة عامة كلي
    قال الشيخ سليمان ابن سحمان
    وأما حكم العاصي الظالم القادر على الهجرة الذي لا يقدر على إظهار دينه فهو على ما ظهر من حاله فإن كان ظاهره مع أهل بلده فحكمه حكمهم في الظاهروإن كان مسلما يخفي إسلامه لما روى البخاري في صحيحه من حديث موسى بن عقبة قال ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار قالوا يا رسول الله ائذن لنا فنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا والله لا تذرون منه درهما
    وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة عن الزهري عن جماعة سماهم قالوا بعث قريش في فدى أسراهم ففدى في كل قوم أسيرهم بما رضوا وقال العباس يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله أعلم بإسلامك فإن يكون كما يقول فإن الله يجزيك به وأما ظاهرك فقد كان علينا


    فافتد نفسك وابنى أخيك وأخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وخليفك عتبة بن عمر وأخي بني الحارث بن فهر قال ما ذاك عندي يا رسول الله فقال فأين المال الذين دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم قال والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله هذا لشيء ما علمه غيري وغير أم الفضل فأحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال رسول الله لا ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه
    الحديث

    فاستحل رسول الله فداءه والمال الذي كان معه لأن ظاهره كان مع الكفار بقعوده عندهم وخروجه معهم ومن كان مع الكفار فله حكمهم في الظاهر
    اجاب الشيخ سليمان بن سحمان بكل وضوح -فبين أن احكام المقيمين مرجعها للاغلب فقال-بل هذا التقسيم للساكن فيها ولا حكم يتعلق بهذين القسمين بل الحكم للأغلب من أهلها
    إذ هم الغالبون القاهرون من عداهم ومن سواهم مستخف مستضعف مضهود مقهور لا حكم له
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية
    فقد يكون الرجل في الظاهر من الكفار وهو في الباطن مؤمن كما كان مؤمن آل فرعون.
    قال تعالى. {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ -----------}
    فقد أخبر سبحانه أنه حاق بآل فرعون سوء العذاب وأخبر أنه كان من آل فرعون رجل مؤمن يكتم إيمانه وأنه خاطبهم بالخطاب الذي ذكره فهو من آل فرعون باعتبار النسب والجنس والظاهر وليس هو من آل فرعون الذين يدخلون أشد العذاب وكذلك امرأة فرعون ليست من آل فرعون هؤلاء قال الله قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. وامرأة الرجل من آله بدليل قوله: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}. وهكذا أهل الكتاب فيهم من هو في الظاهر منهم وهو في الباطن يؤمن بالله ورسوله محمد يعمل بما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه علما وعملا و{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} وهو عاجز عن الهجرة إلى دارالإسلام كعجز النجاشي وكما أن الذين يظهرون الإسلام فيهم من هم في الظاهر مسلمون وفيهم من هو منافق كافر في الباطن أما يهودي وإما نصراني وإما مشرك وإما معطل.
    كذلك في أهل الكتاب والمشركين من هو في الظاهر منهم ومن هو في الباطن من أهل الإيمان بمحمد يفعل ما يقدر على علمه وعمله ويسقط ما يعجز عنه في ذلك

    ويقول الشيخ سليمان بن سحمان نقلا عن بن القيم-وههنا قاعدة يجب التنبيه عليها لعموم الحاجة إليها وهي ان الشارع انما قبل توبة الكافر الاصلي من كفره بالاسلام لانه ظاهر لم يعارضه ما هو أقوى منه فيجب العمل به لانه مقتض لحقن الدم والمعارض منتف فأما الزنديق فإنه قد أظهر ما يبيح دمه فإظهاره بعد القدرة عليه للتوبة والاسلام لا يدل على زوال ذلك الكفر المبيح لدمه دلالة قطعية ولاظنيةأما انتفاء القطع فظاهر وأما انتفاء الظن فلأن الظاهر انما يكون دليلا صحيحا إذا لم يثبت ان الباطن بخلافه فإذا قام دليل على الباطن لم يلتفت إلى ظاهر قد علم ان الباطن بخلافه ولهذا اتفق الناس على انه لا يجوز للحاكم ان يحكم بخلاف علمه وان شهد عنده بذلك العدول وإنما يحكم بشهادتهم إذا لم يعلم خلافها وكذلك لو أقر إقرارا علم أنه كاذب فيه مثل ان يقول لمن هو أسن منه وهذا ابني لم يثبت نسبه ولا ميراثه اتفاقا وكذلك الأدلة الشرعية مثل خبر الواحد العدل والأمر والنهى والعموم والقياس إنما يجب إتباعها إذا لم يقم دليل أقوى منها يخالف ظاهرها
    وإذا عرف هذا فهذا الزنديق قد قام الدليل على فساد عقيدته وتكذيبه واستهانته بالدين وقدحه فيه فإظهاره الإقرار والتوبة بعد القدرة عليه ليس فيه أكثر مما كان يظهره قبل هذا وهذا القدر قد بطلت دلالته بما أظهره من الزندقة فلا يجوز الاعتماد عليه لتضمنه إلغاء الدليل القوي وإعمال الدليل الضعيف الذي قد أظهر بطلان دلالته ولا يخفى على المنصف قوة هذا النظر وصحة هذا المأخذ -

    وهذا مذهب أهل المدينة ومالك واصحابه والليث بن سعد وهو المنصور من الروايتين عن أبي حنيفة وهو إحدى الروايات عن أحمد نصرها كثير من اصحابه بل هي أنص الروايات عنه وعن أبي حنيفة واحمد انه يستتاب وهو قول الشافعي وعن أبي يوسف روايتان إحداهما انه يستتاب وهي الرواية الاولى عنه ثم قال: آخرا أقتله من غير استتابه لكن إن تاب قبل ان يقدر عليه قبلت توبته وهذا هو الرواية الثالثة عن احمد
    ويالله العجب كيف يقاوم دليل إظهاره للاسلام بلسانه بعد القدرة عليه أدلة زندقته وتكررها منه مرة بعد مرة وإظهاره كل وقت للاستهانة بالاسلام والقدح في الدين والطعن فيه في كل مجمع مع استهانته بحرمات الله واستخفافه بالفرائض وغير ذلك من الادلة ولا ينبغي لعالم قط ان يتوقف في قتل مثل هذا ولا تترك الادلة القطعية لظاهر قد تبين عدم دلالته وبطلانها ولا تسقط الحدود عن أرباب الجرائم بغير موجب
    نعم لو أنه قبل رفعه إلى السلطان ظهر منه من الاقوال والاعمال ما يدل على حسن الاسلام وعلى التوبة النصوحة وتكرر ذلك منه لم يقتل كما قاله ابو يوسف واحمد في إحدى الروايات وهذا التفصيل أحسن الاقوال في المسألة

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    هل يمكن ذكر بعض الفروق بين الاسلام الحكمى[الاسلام الظاهر] والاسلام الحقيقى؟

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    هل يمكن ذكر بعض الفروق بين الاسلام الحكمى[الاسلام الظاهر] والاسلام الحقيقى؟
    نعم

    قال شيخ الإسلام في كتاب الإيمان : (الإيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا، لا يستلزم الإيمان الباطن الذي يكون صاحبه من أهل السعادة في الآخرة) أهـ. الفتاوى (ط دار ابن حزم) (7/133)
    وقال أيضاً (7/136) :

    (والله تعالى لما أمر في الكفارة بعتق رقبة مؤمنة، لم يكن على الناس ألا يعتقوا إلا من يعلموا أن الإيمان في قلبه، فإن هذا كما لو قيل لهم: اقتلوا إلا من علمتم أن الإيمان في قلبه: وهم لم يؤمروا أن ينقبوا عن قلوب الناس ولا يشقوا بطونهم، فإذا رأوا رجلاً يظهر الإيمان جاز لهم عتقه، وصاحب الجارية لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل هي مؤمنة؟ إنما أراد الإيمان الظاهر الذي يفرق به بين المسلم والكافر)
    وقال (7/137) :

    (والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن تلك الأمة بالإيمان الظاهر الذي علقت به الأحكام الظاهرة، …)
    إلى قوله: (فيجب أن يفرق بين أحكام المؤمنين الظاهرة التي يحكم فيها الناس في الدنيا، وبين حكمهم في الآخرة بالثواب والعقاب، فالمؤمن المستحق للجنة لابد أن يكون مؤمناً في الباطن باتفاق جميع أهل القبلة) أهـ...
    وقال (7/138) :

    (والمقبرة التي كانت للمسلمين في حياته وحياة خلفائه وأصحابه يدفن فيها كل من أظهر الإيمان، وإن كان منافقاً في الباطن، ولم يكن للمنافقين مقبرة يتميزون بها عن المسلمين في شيء من ديار الإسلام، كما تكون لليهود والنصارى مقبرة يتميزون بها، ومن دفن في مقابر المسلمين صلى عليه المسلمون، والصلاة لا تجوز على من علم نفاقه بنص القرآن، فعلم أن ذلك بناء على الإيمان الظاهر، والله يتولى السرائر) أهـ (ط دار ابن حزم)
    وقال أيضاً :

    (الإيمان الذي علقت به أحكام الدنيا هو الإيمان الظاهر وهو الإسلام. فالمسمى واحد في الأحكام الظاهرة، ولهذا لما ذكر الأثرم لأحمد احتجاج المرجئة بقول النبي صلى اله عليه وسلم (أعتقها فإنها مؤمنة) أجابه بأن المراد حكمها في الدنيا حكم المؤمنة، لم يرد أنها مؤمنة عند الله تستحق دخول الجنة بلا نار إذا لقيته بمجرد هذا الإقرار) أهـ.
    وقال أيضاً عند ذكره خلاف العلماء في حكم ذراري الكفار :

    (ومنشأ الاشتباه في هذه المسألة: اشتباه أحكام الكفر في الدنيا، بأحكام الكفر في الآخرة فإن أولاد الكفار لما كانوا يجري عليهم أحكام الكفر في أمور الدنيا، مثل ثبوت الولاية عليهم لآبائهم، وحضانة آبائهم لهم وتمكين آبائهم من تعليمهم وتأديبهم، والموارثة بينهم وبين آبائهم، واسترقاقهم إذا كان آباؤهم محاربين، وغير ذلك، صار يظن من يظن أنهم كفار في نفس الأمر، كالذي تكلم بالكفر وعمل به، فإذا عرف أن كونهم ولدوا على الفطرة، لا ينافي أن يكونوا تبعاً لآبائهم في أحكام الدنيا زالت الشبهة...،
    وقد يكون في بلاد الكفر من هو مؤمن في الباطن يكتم إيمانه. من لا يعلم المسلمون حاله، إذا قاتلوا الكفار، فيقتلونه، ولا يُغسّل ولا يُصلّى عليه ويدفن مع المشركين، وهو في الآخرة من المؤمنين أهل الجنة، كما أن المنافقين تجري عليهم أحكام المسلمين، وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، فحكم الدار الآخرة غير حكم الدار الدنيا) أهـ (درء تعارض العقل والنقل) (8/432-433).



    الإسـلام الحُكميّ:
    وهو ما يجعل العبد معصوم الدم والمال، سواءً كان في الباطن من المؤمنين أو من المنافقين. والشروط التي من أتى بها عُصم مالُه ودمه وكُفّ عن قتله هي:
    وأول هذه الشروط شهادة أن لا إله إلاّ الله مع الكفر بما يُعبد من دون الله:

    قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25].
    وقال تعالى: ﴿أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36].
    وقال تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾ [البقرة: 256].
    وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 64].
    وفي الحديث: «الإسـلامُ أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً» [متّفق عليه].
    وفي الحديث: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ. عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ. وَإِقامِ الصّلاَةِ. وَإِيتَاءِ الزّكَاةِ. وَحَجّ الْبيْتِ. وَصَوْمِ رَمَضَانَ». [مسلم].
    وفي الحديث: «من قال لا إله إلاّ الله وكفر بما يُعبد من دون الله حرُم ماله ودمه وحسابه على الله عزّ وجلّ» [مسلم].
    فدلّت هذه النصوص من الكتاب والسنّة على أنّ من أظهر شهادة أن لا إله إلاّ الله ولم يُظهر الشرك بالله فقد أظهر الإسلام مع بقية الشروط. ومن أظهر شهادة أن لا إله إلاّ الله وأظهر الشرك بالله فقد أظهر الكُفر وبطل إسلامه وحبط عمله وكان من الخاسرين.
    قال تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[الزمر:65]
    وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88]

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    الاسلام الحكمى هو الاسلام الظاهر وهو ما جعله الله علامة ظاهرة على اسلام العبد قال البخارى فى الصحيح-كتاب الايمان -باب -اذا لم يكن الاسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام والخوف
    قال ابن رجب الحنبلى فى فتح البارى ج1ص125-
    معنى هذا الكلام
    ان الاسلام يطلق باعتبارين
    احدهما
    الاسلام الحقيقى
    وهو دين الرسل والذى قال الله فيه ان الدين عند الله الاسلام
    وقوله ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه
    والثانى باعتبار اسلام الظاهر مع عدم اسلام الباطن اذا وقع خوفا كإسلام المنافقين
    قال تعالى قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولمن قولوا اسلمنا - الايات
    فالاسلام الحكمى
    هو الاسلام الظاهر وبه تجرى احكام الاسلام الظاهرة فى الدنيا وبه يعصم الدم والمال وبه يقوم التوارث والتناكح بين المسلمين وسائر الاحكام
    والاسلام الحقيقى وهو موافقة الظاهر للباطن
    قال شيخ الاسلام
    والإيمان أمر وجودي، فلا يكون الرجل مؤمناً ظاهراً حتى يظهر أصل الإيمان، وهو: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله، ولا يكون مؤمناً باطناً حتى يقر بقلبه بذلك، فينتفي عنه الشك ظاهراً وباطناً مع وجود العمل الصالح.....

    إلى أن قال: والكفر: عدم الإيمان، باتفاق المسلمين، سواء اعتقد نقيضه وتكلم به، أو لم يعتقد شيئا ولم يتكلم به...انتهى
    فالتوحيد هو أصل الإيمان فمن أظهره كان مؤمناً، ومن فقد هذا الأصل فهو كافر مشرك

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل العلم وشروط لا اله الا الله الاخرى شرط فى الاسلام الحكمى أو الاسلام الحقيقى أم شرط فيهما معاََ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الاسلام الحقيقى وهو دين الرسل والذى قال الله فيه ان الدين عند الله الاسلام
    وقوله ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه
    يقول الله عز وجل : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ آل عمران/ 19 .
    فيخبر عز وجل أنه لا دين مقبول عنده إلا الإسلام ، الذي هو الإذعان والاستسلام والخضوع لله تعالى ، وعبادته وحده ، والإيمان به وبرسله وبما جاءوا به من عند الله ، ولكل رسول شرعة ومنهاج ، حتى ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأرسله للناس كافة ، فلا يقبل الله من أحد دينا بعده إلا الإسلام ، الذي جاء به صلى الله عليه وسلم .
    فالمؤمنون من أتباع الأنبياء السابقين كلهم كانوا مسلمين بالمعنى العام ، يدخلون الجنة بإسلامهم ، فإذا أدرك أحدهم مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يقبل منه إلا اتباعه .
    قال قتادة في تفسير الآية : " الإسلام: شهادة أنّ لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودلّ عليه أولياءه، لا يقبل غيرَه ولا يجزى إلا به".
    وقال أبو العالية : " الإسلام: الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له " .
    "تفسير الطبري" (6/ 275)
    وقال ابن كثير رحمه الله :
    " قَوْلُهُ: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ) إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا دِينَ عِنْدَهُ يَقْبَلُهُ مِنْ أَحَدٍ سِوَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الرُّسُلِ فِيمَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ، حَتَّى خُتِمُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي سَدَّ جَمِيعَ الطُّرُقِ إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ بَعْدَ بِعْثَتِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدِين عَلَى غَيْرِ شَرِيعَتِهِ، فَلَيْسَ بِمُتَقَبَّلٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُخْبِرًا بِانْحِصَارِ الدِّينِ الْمُتَقَبَّلِ عِنْدَهُ فِي الْإِسْلَامِ: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ) " .
    انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 25) .
    وقال ابن الجوزي رحمه الله :
    " قال الزجاج: الدين: اسم لجميع ما تعبد الله به خلقه، وأمرهم بالإقامة عليه، وبه يجزيهم.
    وقال شيخنا علي بن عبيد الله: الدين: ما التزمه العبد لله عزّ وجلّ.
    وقال ابن قتيبة: الإسلام الدخول في السلم، أي: في الانقياد والمتابعة، ومثله الاستسلام، يقال: سلم فلان لأمرك، واستسلم، وأسلم " انتهى من "زاد المسير" (1/ 267) .
    وقال السعدي رحمه الله :
    " يخبر تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ) أي: الدين الذي لا دين لله سواه، ولا مقبول غيره، هو (الإِسْلامُ) وهو الانقياد لله وحده، ظاهرا وباطنا، بما شرعه على ألسنة رسله، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فمن دان بغير دين الإسلام، فهو لم يدن لله حقيقة، لأنه لم يسلك الطريق الذي شرعه على ألسنة رسله " .
    انتهى من "تفسير السعدي" (ص: 964) .
    وقال ابن عثيمين رحمه الله :
    " الإسلام بالمعنى العام هو: التعبد لله بما شرع منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة، كما ذكر عز وجل ذلك في آيات كثيرة، تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل، قال الله تعالى عن إبراهيم: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً).
    والإسلام بالمعنى الخاص ، بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : يُختص بما بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة، فصار من اتبعه مسلماً ومن خالفه ليس بمسلم، فأتباع الرسل مسلمون في زمن رسلهم، فاليهود مسلمون في زمن موسى صلى الله عليه وسلم، والنصارى مسلمون في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم . وأما حين بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فكفروا به : فليسوا بمسلمين.
    وهذا الدين الإسلامي هو الدين المقبول عند الله النافع لصاحبه، قال الله عز وجل: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) ، وقال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
    وهذا الإسلام هو الإسلام الذي امتن به على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، قال الله تَعَالَى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) " .
    انتهى من "شرح ثلاثة الأصول" (ص: 20) .
    وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
    " دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام دين واحد، وإن تنوعت شرائعهم: قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)
    وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، والأنبياء أخوة لعلات).
    ودين الأنبياء هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله غيره، وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك وأهله:
    قال تعالى عن نوح: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
    وقال عن إبراهيم: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
    وقال عن موسى: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ).
    وقال عن المسيح: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّين َ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ).
    وقد قال تعالى فيمن تقدم من الأنبياء وعن التوارة: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا)
    وقال تعالى عن ملكة سبأ: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
    فالإسلام هو دين الأنبياء جميعا، وهو الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره؛ كان مشركا، ومن لم يستسلم له ؛ كان مستكبرًا، وكل من المشرك والمستكبر عن عبادة الله كافر.
    والاستسلام لله يتضمن عبادته وحده ، وأن يطاع وحده، وذلك بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت ، فإذا أمر في أول الإسلام بأن يستقبل بيت المقدس ، ثم أمر بعد ذلك باستقبال الكعبة؛ كان كل من الفعلين ، حين أمر به : داخلاً في الإسلام؛ فالدين هو الطاعة، وكل من الفعلين عبادة لله، وإنما تتنوع بعض صور الفعل، وهو توجه المصلي .
    فكذلك الرسل : دينهم واحد، وإن تنوعت الشرعة والمنهاج ، والوجه والمنسك؛ فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحداً؛ كما لم يمنع ذلك في شريعة الرسول الواحد؛ كما مثلنا باستقبال بيت المقدس أولاً ، ثم استقبال الكعبة ثانيا ، في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
    فدين الأنبياء واحد، وإن تنوعت شرائعهم؛ فقد يشرع الله في وقت أمرًا لحكمة، ثم يشرع في وقت آخر أمرًا لحكمة، فالعمل بالمنسوخ ، قبل نسخه : طاعة لله، وبعد النسخ يجب العمل بالناسخ، فمن تمسك بالمنسوخ وترك الناسخ؛ ليس هو على دين الإسلام، ولا هو متبع لأحد من الأنبياء، ولهذا كفر اليهود والنصارى؛ لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ.
    والله تعالى يشرع لكل أمة ما يناسب حالها ووقتها، ويكون كفيلاً بإصلاحها، متضمنا لمصالحها، ثم ينسخ الله ما يشاء من تلك الشرائع لانتهاء أجلها، إلى أن بعث نبيه محمدًا خاتم النبيين إلى جميع الناس على وجه الأرض، وعلى امتداد الزمن إلى يوم القيامة، وشرع له شريعة شاملة صالحة لكل زمان ومكان؛ لا تبدل ولا تنسخ؛ فلا يسع جميع أهل الأرض إلا اتباعه والإيمان به صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) " انتهى من "الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد" (ص: 194) .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •