الإحســـــان إلى الجـار في الإسـلام


فهد سعد المطيري




لقد عظّم الإسلام حق الجار، وظل جبريل - عليه السلام - يوصي نبي الإسلام[ بالجار حتى ظن النبي[ أن الشرع سيأتي بتوريث الجار: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، وقد أوصى القرآن بالإحسان إلى الجار: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب} (النساء: 36).



وانظر كيف حض النبي[ على الإحسان إلى الجار وإكرامه: «... ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» وعند مسلم: «فليحسن إلى جاره».

بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان؛ قال[: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه».

والذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».

من هو الجار؟

الجار هو من جاورك، سواء كان مسلماً أم كافراً، أما حد الجوار فقد تعددت أقوال أهل العلم في بيانه، ولعل الأقرب - والعلم عند الله - أن ما تعارف عليه الناس أنه يدخل في حدود الجوار فهو الجار، والجيران يتفاوتون من حيث مراتبهم؛ فهناك الجار المسلم ذو الرحم، وهناك الجار المسلم، والجار الكافر ذو الرحم، والجار الكافر الذي ليس برحم، وهؤلاء جميعاً يشتركون في كثير من الحقوق، ويختص بعضهم بمزيد منها بحسب حاله ورتبته.

من صور الجوار:

يظن بعض الناس أن الجار هو فقط من جاوره في السكن، ولا ريب أن هذه الصورة هي واحدة من أعظم صور الجوار، لكن لا شك أن هناك صورا أخرى تدخل في مفهوم الجوار؛ فهناك الجار في العمل، والسوق، والمزرعة، ومقعد الدراسة، وغير ذلك من صور الجوار.

من حقوق الجار:

لا شك أن الجار له حقوق كثيرة نشير إلى بعضها، فمن أهم هذه الحقوق:

1 - رد السلام وإجابة الدعوة:

وهذه وإن كانت من الحقوق العامة للمسلمين بعضهم على بعض، إلا أنها تتأكد في حق الجيران؛ لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة والمودة.

2 - كف الأذى عنه:

نعم فهذا الحق من أعظم حقوق الجيران، والأذى وإن كان حراماً بصفة عامة؛ فإن حرمته تشتد إذا كان متوجهاً إلى الجار، فقد حذر النبي[ من أذية الجار أشد التحذير وتنوعت أساليبه في ذلك.

3 - ستره وصيانة عرضه:


وإن هذه لمن أوكد الحقوق؛ فبحكم الجوار قد يطلع الجار على بعض أمور جاره؛ فينبغي أن يوطن نفسه على ستر جاره مستحضراً أنه إن فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة، أما إن هتك ستره فقد عرَّض نفسه لجزاء من جنس عمله: {وما ربك بظلام للعبيد} (فصلت: 46).

وقد كان العرب يفخرون بصيانتهم أعراض الجيران حتى في الجاهلية.