الحُب سلوكٌ






عصام زهران


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21).

فالله -عز وجل- يختبرنا في هذه الحياة، فجعل الزوجين يسكن أحدهما للآخر بطريقة تحتاج إلى فهمٍ واستيعابٍ للآخر، وقد أوضح الله ذلك جليًّا في الآية التي تليها: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم:22)، فالسماوات مختلفة عن الأرض، والبشر تختلف ألسنتهم وألوانهم فليسوا شيئًا واحدًا، والناس تختلف طبائعهم وتربيتهم وبيئتهم.

ومن هنا يجب على كل طرف احترام اختلاف الطرف الآخر، والتأقلم معه، وذلك بتقديم التنازلات من قِبَل الطرفين، وبهذه المسألة فقط يمكن تجنب المشاكل والجدال.

إن كثيرًا من الناس يقضي حياته أو جل وقته يطالب بحقوقه، وهذا حسن، لكنه ما عرف السبب الحقيقي في عدم حصوله على الحق الذي ادَّعاه؛ إذ إن مَن قام بواجبه نال حقه، أما أن تبذل كل الوسائل، وتستخدم كل الأساليب لتنال حقوقك دون القيام بواجباتك؛ فهذا عنصر هدَّام يجتاح الأسرة والمجتمع برمته.

ذكر (ستيفن كافي) في كتابه: "العادات السبع للأسر أكثر فاعلية": "أنه جاءه رجل، وقال: إني في غاية القلق ... لم أعد أنا وزوجتي نحس بالمشاعر نفسها التي كانت أول الزواج ... أعتقد أنني لم أعُد أحب زوجتي، ولا هي أيضًا، فماذا عساي أن أفعل؟!

سأله ستيفن: لماذا قلت المشاعر؟

قال: لا يوجد توافق بيننا.

أجابه ستيفن: أَحِبَّ زوجتك!

قال: لكنني أخبرتك أنه انعدمت المشاعر في علاقتنا!

كرر ستيفن على مسامعه العبارة نفسها: أَحب زوجتك!

فأجابه: أنت لا تفهم! مشاعر الحب ليست موجودة!

قال ستيفن: إذًا أحب زوجتك! إذا لم تكن مشاعر الحب موجودة؛ فهذا مبرر كافٍ لأن تحب زوجتك!

قال: ولكن كيف تحب وأنت لا تحب؟!

قال ستيفن: يا صديقي! إن الحب سلوك! حُب المشاعر ثمرة لحب السلوك.

إذًا أحِب زوجتك! أخلص لها، أنصت لحديثها، اصبر عليها، قدِّرها، صدِّقها.

هل أنت راغب في ذلك؟

قال: لقد جعلتنا أفلام هوليود نصدِّق أن الحب مشاعر، وأن العلاقات الإنسانية يسهل التخلص منها، وأن الزواج والأسرة هما مسألة مزاج أو توافق؛ لا التزام أو استقامة. هذه المفاهيم تشوه الواقع بدرجة كبيرة) (العادات السبع للأسر الأكثر فاعلية، لستيفن كافي).