فضل الدعاء


أم الجبير



قال الله تعالى في كتابه الحكيم: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، وقال نبيه الكريم - عليه أفضل الصلاة والسلام-: «الدعاء هو العبادة»

فبعد كل هذا الفضل للدعاء واستجابة النداء ألا ندعو الله عز وجل؟! فبعد هذا التفضيل وهذا الإكرام من الله عز وجل لنا نكابر ونقول: إن دعاءنا لا يستجاب؟! فبعد هذا المنّ والرحمة لنا بأننا مسلمون نعاند ونستكبر لماذا؟ هل هو جهل منا؟ هل هو استعجال منا؟ هل هو ضعف إيمان منا واتباع هوى النفس والشيطان؟ هل هو اعتماد على النفس واعتقادنا أنها هي القادرة على تحقيق الأمور من دون الاستعانة بالله؟

يا أحبتي، إننا يجب أن نؤمن حق الإيمان أن الله - عز وجل - عندما أمرنا بالدعاء وجعل نبيه - عليه أفضل الصلاة والسلام - يحثنا عليه ليس من فراغ، وإنما لما له من عظيم الجزاء وجزيل العطاء، فمن يرفض جنات عرضها السموات والأرض فهو الخاسر، ومن يعاند ويستكبر ولا يلح في دعائه فهو مغفل، ومن يعتقد أنه قادر على تحقيق هدفه من دون الله فهو جاحد؛ لأن الله عز وجل عندما أكرمنا بالدعاء أكرمنا به رحمة منه لنا؛ ليجبر كسرنا ويعوض نقصنا ويقضي حوائجنا؛ لأنه العليم الواحد الأحد بمدى قصور عقولنا وقلة حيلتنا.

يا إخوتي، إن الدعاء هو العبادة بأكملها، وحياة المسلم المطبق لأمور دينه تراها كلها دعاء، حتى لو تأملنا الصلاة ودققنا فيها لوجدنا الأصل فيها هو الدعاء الذي هو صلة بين العبد وربه، فإذا لم نتكلم مع خالقنا فمع من نتكلم؟ وإذا لم نتذلل للملك الغني الذي بيده ملكوت كل شيء فلمن نتذلل ولمن نلجأ؟


يا أحبتي، أجمل شيء في الدعاء أنه لا يضيع عند الله عز وجل، فإذا لم يستجب لنا في الدنيا فإنه سيرفع عنا بلاء بمقدار الدعاء وأكثر، أو إنه سيحفظ لنا في الآخرة، بمعنى آخر: يجب علينا أن نجزم ونؤمن حق الإيمان بأن الأمر كله بيد الله وحده، وأن لكل أمر من أمورنا في هذه الدنيا حكمة لا يعلمها إلا هو، وأن الدعاء محتاج للصبر والإيمان واليقين ليهون علينا تأخر الاستجابة.

وفي الخاتمة أدعو الله لي ولكم أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.