ماذا أقسم الله؟


د. أمير الحداد



- «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» صحيح.. وينبغي العلم أن كلمة «كفر» أو «أشرك» في الحديث وأمثاله لا تعني الكفر المخرج من الملة المخلِّد في نار جهنم.. بل هو «كفر دون كفر» كما الحال في «تارك الصلاة».. و«قتال المسلم».. و«إيذاء الجار».. و«قتل النفس».. وغيرها من الذنوب العظيمة.. مع أن هذه الذنوب تتفاوت فيما بينها ولكنها جميعاً وصفت «بالكفر».


- سمعت رواية أخرى: «كل يمين يُحلف بها دون الله شرك»؟

- نعم، وهي رواية صحيحة، وفي شرح الطحاوي: «لم يرد به الشرك الذي يخرج من الإسلام».

- ولكن الله أقسم «بالشمس والقمر والليل والنجم»؟!

قاطعته:

- لله أن يقسم بما شاء.. بذاته.. أو مخلوقاته.. وإذا أقسم بشيء من مخلوقاته.. فإنما ينبه إلى عظمة هذا المخلوق.. ولو تتبعنا ما أقسم الله به في كتابه.. لوجدنا أنه سبحانه أقسم بذاته.. {فوربك}.. {تالله}.. وأقسم بالنبي[: {لعمرك}.. وأقسم بالشمس والقمر والليل والتين والزيتون والطور والنهار والسماء والأرض والإنسان. والشفق والملائكة.. ومكة ومواقع النجوم وعزته وجلاله.. فكلها أمور عظيمة أقسم الله بها.. ولكن هل تتبعت على ماذا أقسم الله، عز وجل؟

- كلا.

- تعالَ.. نتصفح آيات الله - عز وجل - لنعلم على ماذا أقسم الله سبحانه وتعالى.

علق صاحبي قبل أن أتابع كلامي:

- إن الملوك لا يحتاجون لأن يقسموا.. فإذا أقسم الملك فلا شك أن الأمر خطير.. هذا مع ملوك الأرض.. ولله المثل الأعلى.. فكيف إذا أقسم ملك الملوك.. الجبار.. الذي بيده ملكوت السموات والأرض؟! لا شك أن الأمر عظيم جداً.

- نعم هو كذلك.. أقسم الله على المعاد: {إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع}.. وهذا الأمر هو الأشد والأخطر؛ فلا يجوز لأحد أن يشك في البعث بعد الموت.. والحساب على الأعمال.. ثم الجزاء.. ولا يستطيع من أوتي ذرة عقل أن ينكر هذا الأمر.. فلأجل هذا بعث الله الرسل.. وأنزل الكتب: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون}.. والحشر سيكون للجميع.. الإنس والجن.. جميعاً: {سنفرغ لكم أيها الثقلان}.

قاطعني:

- هل نستطيع أن نستنتج أنه لا مخلوقات أخرى عدا الإنس والجن؟


- ربما يمكننا القول: إنه لا مخلوقات أخرى مكلفة.. تحاسب يوم القيامة.. وتجازى بالجنة أو النار عدا الإنس والجن.. فهما الثقلان اللذان سيحاسبهما الله يوم القيامة.. ويؤكد الله - عز وجل - هذا الحشر بقوله: {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيّا}.. فالكفار من الإنس والجن سيكون مآلهم إلى «جهنم».. والمؤمنون ينجيهم الله - عز وجل - برحمته ثم بسبب أعمالهم.. فهل بعد ذلك يشك أحد أنه سيحاسب يوم القيامة؟!