تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل
    اختلف الناس في كلام الرب سبحانه وتعالى وفي حقيقة كلام الرب:
    على مذاهب متعددة
    ، لكن أبرز المذاهب والأقوال ثمانية،
    فسبعة كلها باطلة
    والقول الثامن هو القول الحق، ولكن هذه الأقوال السبعة منتشرة في العالم،
    يقول العلامة ابن القيم:
    والعجب أن هذه المذاهب السبعة منتشرة بين الناس وبين فضلاء العالم لا يعرفون غيرها، وهي كلها باطلة.
    [دروس فى العقيدة للشيخ عبد العزيز الراجحى]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب الحلولية والاتحادية]
    القول الأول في المراد بكلام الله -وهو أشدها وأعظمها خطراً وأفسدها-
    هو القول بأن كل كلام يسمع في الوجود فهو كلام الله،
    فأصحاب هذا القول يقولون:
    كل كلام يسمع في الوجود فهو كلام الله سواء تكلم به إنسان، أو حيوان، أو طير، أو دابة، وسواء أكان حقاً أم باطلاً،
    وسواء أكان شعراً أم نثراً،
    فجميع ما يسمع في الوجود فهو كلام الله،
    وهذا مذهب الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وهؤلاء كثير في أهل الأرض،
    ومن المعلوم أن هؤلاء كفار،
    لكن أتينا بقولهم لأن الاتحادية الآن ينسبون إلى الإسلام،
    بل إنهم يقولون: إنهم هم العارفون،
    ورئيسهم ابن عربي يقولون عنه:
    رئيس العارفين،
    وهناك من يقدسهم ويعظمهم ويحترمهم ويرى أنهم هم أهل الحق وهم أهل المعرفة الصحيحة،
    ولهم مؤلفات تطبع بورق فاخر وتحقق ويدافع عنها،
    وهي موجودة منتشرة، وإن كانت في غير بلادنا،
    لكن توجد في مصر وفي غيرها من البلدان.
    فالاتحادية يقولون: إن كلام الرب هو كل كلام يسمع في هذا الوجود حقاً كان أو باطلاً، زوراً أو بهتاناً، شعراً أو نثراً.
    وهذا القول المبتدع في كلام الرب مبني على مذهبهم في القول بوحدة الوجود؛
    لأن مذهبهم أن الوجود واحد،
    وأنه ليس هناك عبد ورب، بل العبد عين الرب، والرب عين العبد، والخالق عين المخلوق، والمخلوق عين الخالق،
    وما ثم خالق ولا مخلوق ولا رب ولا عبد،
    فتفرع عن مذهبهم في القول بوحدة الوجود:
    القول بأن كل كلام يسمع في الوجود فهو كلام الله، والعياذ بالله.
    وأصل هذا المذهب -وهو مذهب القول بوحدة الوجود- نشأ عن إنكار مسألة المباينة والعلو،
    فهم أنكروا أن يكون الرب مبايناً لهذه المخلوقات ومنفصلاً عنها،
    وأن يكون فوقها،
    أنكروا هذا وقرروا أن الرب ليس مبايناً لهذا العالم وليس عالياً عليه ولا فوقه،
    فلما أنكروا مسألة المباينة والعلو صاروا بين أمور ثلاثة:
    الأمر الأول:
    أن يقولوا: إن الخالق معدوم والرب معدوم، وليس لهذا الكون خالق، وهذا استبشعوه،
    وقالوا: لا أحد يقبل هذا الإنكار الصريح، وهو نفي الرب وإنكار الرب.
    الأمر الثاني:
    أن يقولوا: إنه موجود، لكن لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مباين له ولا محايث له، ولا متصل به ولا منفصل عنه،
    قالوا: وهذا لا يقبله عقل ولا تسيغه فطره ولا يقبل منا،
    ولا يمكن أن يكون هذا إلا معدوماً، بل هو ممتنع.
    فاختاروا الأمر الثالث،
    وهو أن يقولوا:
    الخالق هو نفس مخلوق، فأنت الرب وأنت العبد، وأنت الخالق وأنت المخلوق،
    فاختاروا هذا القول الذي فيه تلبيس
    ، وكسوه وحلوه بشيء من الحق حتى راج أمره على ضعفاء البصائر وظنوا أنه الحق،
    فهم يقولون: نحن لا ننكر الخالق، لكن الخالق هو المخلوق، والرب هو العبد،
    فلما قرروا أن الرب سبحانه هو العبد والخالق هو المخلوق ثبت عندهم أنه عين هذه الموجودات.
    إذاً: فثبت له كل حسن أو قبيح،
    وكل صفة كمال أو نقص،
    وكل قول حتى الباطل، والعياذ بالله.
    وقالوا: لما ثبت أن هذا الخالق هو المخلوق ثبت إذاً أن كل اسم في هذا الوجود فهو لله،
    سواء أكان حسناً أم قبيحاً،
    وكل صفة في هذا الوجود فهي لله، سواء أكانت صفة كمال أم نقص،
    وكل قول فهو قول الله، وكلام الله، سواء أكان حقاً أم باطلاً، سحراً أم كذباً، والأغاني والفحش والرجس وغير ذلك من جميع الأقوال الباطلة وغير الباطلة هي كلام الله.
    وهذا مذهب باطل وشنيع،
    وهو من أعظم الكفر،
    بل إن كفر كل كافر جزء من كفر الاتحادية والعياذ بالله،
    فهل يجرؤ عاقل على أن يقول:
    إن كل كلام يسمع في هذا العالم هو كلام الله، بما فيه من الفحش وبما فيه من الخلاعة والمجون والسحر والرجس وغير ذلك؟!
    فهذا من أعظم البدع التي قيلت في كلام الله،
    وهي بدعة كفرية مبنية على مذهب كفري،
    بل إن الاتحادية أكفر خلق الله،
    وكفر كل كافر جزء من كفرهم.
    [دروس فى العقيدة للشيخ عبد العزيز الراجحى]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب الفلاسفة]:
    المذهب الثاني:
    مذهب الفلاسفة:
    وهو أن كلام الله معنى يفيض من العقل الفعال على النفوس الفاضلة الزكية،
    أي: ليس فيه حرف ولا صوت،
    فالاتحادية يقولون:
    هناك حرف وصوت، لكن كل ما تسمع من الحروف والأصوات فهو كلام الله،
    أما هؤلاء فيقولون: الكلام معنى لا يسمع،
    وإنما هو معنى يفيض من العقل الفعال على النفس الفاضلة الزكية،
    فيحصل لها تصورات وتصديقات بحسب ما قبلته النفس،
    وهذا مذهب الفلاسفة المتأخرين كـ الفارابي وابن سينا، تبعاً لمعلمهم الأول أرسطو،
    وقد يتبعهم بعض المتصوفة،
    فإنهم يقولون: الكلام معنى يفيض من العقل الفعال على النفس الفاضلة الزكية، والنفس الفاضلة هي نفوس الأنبياء،
    فنفوس الأنبياء نفوس شريفة فاضلة زكية صافية،
    فيحصل لها تصورات وتصديقات بحسب قبولها من هذا المعنى،
    وتختلف على حسب صفائها واستعدادها ونقائها، فيحصل لها تصورات وتصديقات بحسب ما قبلته،
    ومذهبهم هذا في الكلام مبني على مذهبهم في القول بقدم العالم،
    وأن العالم قديم ليس حادثاً وليس له أول ولا بداية،
    بل هو قديم بقدم الله، وهذا معناه القول بإنكار وجود الله،
    فمن قال:
    إن العالم قديم فقد أنكر وجود الله،
    فهم يقولون: إن العالم قديم ليس له أول ولا بداية،
    وأرسطو يقول: لا يثبت وجود الله إلا من كونه مبدأً لهذه الكثرة، فمبدأ هذه الكثرة هو الله وهو علة غائية لحركة الفلك!
    ويقول: إن العالم لازم لله أزلاً وأبداً لا ينفك عنه،
    فلم يكن الله خلق الخلق بقدرته ومشيئته،
    والخلق لازم له كلزوم الضوء للسراج،
    فهل السراج ينفك عن الضوء؟!
    وهل له اختيار في الضوء؟!
    فيقول: إن العالم لازم لله كلزوم الضوء للشمس، لا يستطيع الفكاك عنه! تعالى الله عما يقول.
    وأصل هذا المذهب نشأ من عدم الإقرار بالرب الذي عرَّفت به الرسل ودعت إليه، وأنه الخالق،
    وأنه فوق عباده، وأنه فعال لما يريد، وأنه متكلم سبحانه وتعالى بما يشاء إذا شاء كيف شاء،
    وهذا أصل البلاء،
    فهم لا يقرون برب خالق، برب فوق العباد، متكلم، لا يقرون بهذا،
    فلما لم يقروا بذلك نشأ عن ذلك القول بقدم العالم.
    ولما قالوا بقدم العالم قالوا: إن الكلام معنى يفيض من العقل الفعال على النفوس الفاضلة الزكية،
    وهذا مذهب كفري،
    وهؤلاء الفلاسفة كفرة لا يؤمنون بالله ولا بالملائكة ولا بالكتب ولا بالرسل ولا باليوم الآخر ولا بالقدر خيره وشره.
    والمراد بالفلاسفة عند الإطلاق الفلاسفة المتأخرون أتباع المعلم الأول أرسطو
    والمعلم الثاني الفارابي
    والمعلم الثالث ابن سينا.
    أما الفلاسفة القدامى من قبل أرسطو فإنهم في الجملة يعظمون الشرائع والإلهيات ويثبتون وجود الرب وعلوه،
    ويقولون: إن العالم مخلوق لله بمشيئته،
    ومن أولئك أفلاطون شيخ أرسطو،
    لكن لما جاء أرسطو خالف شيخه أفلاطون وابتدع القول بقدم العالم،
    فأول من قال بقدم العالم أرسطو قبحه الله،
    وكان مشركاً يعبد الأصنام،
    فهذه بدعة كفرية ناشئة عن مذهب كفري.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب السالمية]
    المذهب الثالث:
    مذهب السالمية أتباع هشام بن سالم الجواليقي ومن تبعهم من أتباع الأئمة الأربعة وبعض أهل الحديث،
    وهؤلاء يقولون:
    إن كلام الله معانٍ وألفاظ وحروف وأصوات قائمة بذات الرب لم تزل ولا تزال،
    لكن الكلام لا يتعلق بقدرة الرب ومشيئته، فلا يتكلم بقدرته ومشيئته،
    فالكلام لازم لله أزلاً وأبداً لا يتعلق بالقدرة والمشيئة
    ، بل الرب لم يزل ولا يزال يتكلم، وكلام الرب حروف وأصوات،
    لكن حروف وكلمات الرب لا يسبق بعضها بعضاً،
    بل هي مقترنة،
    فمثلاً: (بسم الله الرحمن الرحيم) لا يقولون: إن السين بعد الباء والميم بعد السين،
    بل يقولون: الحروف مقترنة دفعة واحدة يتكلم الرب سبحانه بها دفعة واحدة،
    فالباء مع السين مع الميم، لكن بالنسبة لسمع الإنسان يسمعها متعاقبة مرتبة،
    لكن الرب تكلم بها دفعة واحدة،
    ولهذا تسمى هذه الطائفة بالاقترانية،
    لأنهم يقولون: الحروف مقترنة ليست متعاقبة، .
    وهذا المذهب مبني على القول بأن الكلام لابد من أن يقوم بالمتكلم،
    وبأن الرب ليس محلاً للحوادث،
    قالوا: الكلام لابد من أن يقوم به متكلم،
    فالله لم يزل ولا يزال يتكلم بحروف وأصوات وألفاظ ومعانٍ.
    وكلام الله نوعان: بواسطة وبغير واسطة،
    بواسطة كما سمع الصحابة كلام الله وكما سمعه الرسول عليه الصلاة والسلام،
    وبغير واسطة كما سمع موسى كلام الله وكما سمعه نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج،
    لكن قالوا: الرب لا يتكلم بقدرته ومشيئته،
    فالرب لم يزل يتكلم منذ الأزل، فقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] ليس بقدرته ومشيئته،
    والحروف مقترنة،
    قالوا: لأن الكلام لابد له من متكلم،
    ولأن الله ليس محلاً للحوادث،
    فلو قلنا: إن الله الرب يتكلم إذا شاء فمعناه أنه حدث الكلام في داخله، والذي يحدث الكلام في داخله هو المخلوق، والمخلوق هو الذي يكون محلاً لالحوادث،
    أما الرب فليس محلاً للحوادث.
    وكذلك قالوا: لو قلنا: إن الحروف متعاقبة للزم من ذلك أن يحدث الحرف في ذاته،
    ففراراً من ذلك قالوا: إن الحروف مقترنة،
    وهذا مذهب باطل ومذهب فاسد.
    وهذه بدعة في باب كلام الرب، والكلام صفة كمال،
    وإذا لم يكن الرب متكلماً بقدرته ومشيئته فهذا تعطيل له من الكمال،
    ولأن الكلام الذي يعرفه العقل ويشهد به الشرع هو الكلام الذي يكون بقدرة المتكلم ومشيئته.
    وقولهم: إن الحروف مقترنة -فالسين مع الميم مع الباء- وليست متعاقبة تخليط وهذيان
    مخالف للحس والفطرة، فلا تقبله فطرة،
    وتصوره كافٍ في بطلانه وفساده؛
    لأن الكلمة إذا كانت مركبة من حرفين فالحرف الثاني لابد من أن يكون بعد الحرف الأول،
    ولا وجود للحروف أصلاً بدون التعاقب،
    وعلى ذلك تصل إلى الآذان فتسمعها وتميزها،
    فهذه بدعة في كلام الرب عند هؤلاء، وهي قولهم: إن الكلام لا يتعلق بمشيئته.
    أما قولهم: إن الكلام ألفاظ ومعانٍ وحروف وأصوات هذا حق،
    لكن قولهم: لا يتعلق بقدرته ومشيئته، وقولهم: إن الحروف مقترنة، قول باطل
    [ دروس فى العقيدة للشيخ عبد العزيز الراجحى]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب الكرامية]
    المذهب الرابع:
    مذهب الكرامية: والكرامية هم أتباع محمد بن كرام السجستاني،
    وهم يقولون:
    إن الكلام ألفاظ ومعانٍ وحروف وأصوات قائمة بذات الرب، والكلام يتعلق بقدرته ومشيئته سبحانه وتعالى،
    فهو يتكلم متى شاء إذا شاء كيف يشاء،
    وكلام الله نوعان: بواسطة وبغير واسطة،
    لكن كلام الرب حادث في ذاته كائن بعد أن لم يكن،
    بمعنى: أن الرب كان معطلاً عن الكلام، بل كان الكلام ممتنعاً عليه ولا يستطيع الكلام في الأزل،
    ثم انقلب فجأة فصار ممكناً،
    قالوا: إن هناك فترة كان الرب لا يستطيع فيها أن يتكلم، بل إن الكلام ممتنع،
    أي: يستحيل على الله، ففي الأول كان الكلام ممتنعاً ثم انقلب فجأة فصار ممكناً.
    وشبهتهم في ذلك أنهم قالوا:
    لو قلنا: إن الكلام قديم النوع، وإن الرب لم يزل متكلماً للزم من ذلك التسلسل في الحوادث،
    فتكون الحوادث والمخلوقات متسلسلة في الأزل،
    وإذا تسلسلت انسد علينا طريق إثبات الصانع،
    فلا نستطيع أن نثبت وجود الله وأنه هو الأول،
    ففراراً من ذلك قالوا:
    هناك فترة لا يتكلم فيها الرب، فليس فيها كلام ولا حرف ولا فعل حتى يكون هو الأول،
    ثم بعد ذلك تكلم الرب وتسلسلت الحوادث،
    فلو قلنا: إن الرب لم يزل متكلماً للزم من ذلك تسلسل الحوادث والمخلوقات،
    وإذا تسلسلت الحوادث والمخلوقات انسد علينا طريق إثبات الصانع،
    فلا نستطيع أن نثبت أن الله هو الأول.وهذا مذهب باطل،
    والقول بأن الكلام ألفاظ ومعانٍ وحروف بأصوات متعلق بقدرته تعالى ومشيئة هذا حق،
    لكن قولهم: إن الكلام كان ممتنعاً عن الرب هذا باطل؛ لأن الكلام صفة كمال،
    فكيف يخلو الرب من الكمال في وقت من الأوقات؟!
    ولأن الرب إذا كان حاله قبل وبعد سواء ولم تتجدد له صفة الكلام من غيره فلماذا كان الكلام ممتنعاً ثم صار ممكناً؟!
    وما السبب في امتناعه ثم في إمكانه؟!
    وما تحديد الفترة التي كان فيها ممتنعاً؟!
    لا تستطيعون أن تحددوا فترة،
    أما شبهة قولهم:
    إنه يلزم تسلسل الحوادث،
    فنقول: الرب فعال وخلاق، قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:107]
    وقال: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ} [الحجر:86]

    يعني أن الرب لم يزل خلاقاً وفعالاً، والخلق والفعل صفة كمال، فلا يعطل الرب من هذا الكمال في وقت من الأوقات.
    وأما إثبات الفترة وأن هناك فترة فلا دليل عليه،
    فإنهم يثبتون فترة كان الرب سبحانه معطلاً فيها من الكلام والخلق،
    وهذا لا دليل عليه
    ، ونحن نقول:
    إن كل مخلوق من المخلوقات، وكل فرد من أفرادها مسبوق بالعدم، وليس له من نفسه وجود ولا عدم، بل الله أوجده بعد أن كان عدماً، ولا يلزم من ذلك أن هناك فترة،
    بل كل فرد من أفراد المخلوقات مسبوق بالعدم،
    والله تعالى أوجده بعد أن كان معدوماً، ويكفي هذا،
    أما أن نثبت فترة يعطل فيها الرب فهذا لا دليل عليه، وهو باطل.
    فهؤلاء الكرامية وجه الغلط عندهم هو كونهم أثبتوا فترة عطلوا فيها الرب عن الكلام،
    ولو لم يقولوا بالفترة هذه لصار مذهبهم موافقاً لمذهب أهل السنة.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب الكلابية]
    المذهب الخامس مذهب الكلابية:
    وهم أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب، ولقوة حجته وجداله سمي كلاباً،
    وهم يقولون:
    إن الكلام معنى قائم بنفس الرب ليس بحرف ولا صوت،
    والكلام لازم لذات الرب كلزوم العلم ولزوم الحياة والسمع والبصر،
    وهو أربعة معانٍ في نفسه: الأمر، والنهي، والخبر، والاستفهام.
    أما الحروف والأصوات فليست من كلام الله،
    فليس كلام الله حرفاً ولا صوتاً، بل الحروف والأصوات حكاية عن كلام الله دالة عليه،
    وأما الكلام فليس بحرف ولا صوت، بل هو معنى قائم بنفس الرب، لكن هذه الحروف
    والأصوات حكاية عن كلام الله تدل عليه حكاها جبريل أو حكاها محمد،
    وهو أربعة معانٍ في نفسه: الأمر، والنهي، والخبر، والاستفهام.وهذا مذهب باطل؛
    لأنه لو كانت الحروف والأصوات حكاية له لوجب أن يماثل الحرف والصوت المعنى؛
    لأن حكاية الشيء تكون مماثلة له، تقول: حكيت الحديث بعينه:
    إذا رويته بغير زيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير، والحروف والأصوات مختلفة عن المعنى.
    ثانياً:
    يلزم على قولهم: إن الحروف والأصوات حكاية لكلام الله أن صفات الله محكية، وهذا تجسيم.
    ثالثاً:
    لو كانت الحروف والأصوات حكاية عن كلام الله للزم من ذلك أن يكون الخلق قد أتوا بمثل كلام الله، فأين عجزهم؟!
    وحينئذٍ كيف يطلب تحديهم وقد تحدى الله البشر أن يأتوا بمثل هذا القرآن
    فقال: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]؟!
    فإذا كانت الحروف والأصوات حكاية له فمعناه أنه بطل التحدي،
    فيكون الناس قد أتوا بمثل كلام الله.
    وأيضاً نقول لهم:
    يلزمكم أن يحكى بحرف وصوت ما ليس بحرف ولا صوت،
    فكيف يحكى بحرف وصوت ما ليس بحرف وصوت؟!


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب الأشاعرة]
    المذهب السادس :
    مذهب الأشاعرة: وهو قريب من مذهب الكلابية، وهو مذهب منتشر،
    فهم يقولون: إن الكلام معنى واحد قائم بنفس الرب، ليس بحرف ولا صوت، فوافقوا الكلابية،
    ثم قالوا:
    لا ينقسم هذا المعنى ولا يتبعض ولا يتعدد ولا يتكثر ولا يتجزأ، ولا ينقسم بنوع ولا جزء،
    والحروف والأصوات عبارة تدل عليه.
    والكلابية يقولون: إنه حكاية،
    وهؤلاء يقولون: إنه عبارة تدل عليه،
    فالقرآن الذي في المصحف يقول الأشاعرة عنه: هذا عبارة عن كلام الله عبر به جبريل أو محمد،
    أما كلام الله فهو معنى في نفسه لا يسمع؛ لأنه لازم لذات الرب،
    ولكن يسمى ما في المصحف كلام الله لأن كلام الله تأدى به، فيسمى كلاماً مجازاً،
    فالأشاعرة يقولون: القرآن كلام الله،
    لكن عند المناظرة يقولون: مقصودنا أنه مجاز وليس بحقيقة،
    لكن سميناه كلام الله لأن كلام الله تأدى به،
    ولأنه دل على كلام الله،
    وإلا فكلام الله في نفسه.هذا مذهب الأشاعرة في الكلام،
    وهو صفة من الصفات السبع التي أثبتوها الكلام،
    فمن الصفات السبع التي أثبتها الأشاعرة الكلام،
    ومع ذلك يقولون:
    كلام الله معنىً واحد لا يتبعض ولا يتعدد ولا يتجزأ ولا ييتكثر،
    ولا نقول: إنه أربعة أنواع كما تقول الكلابية: أمر ونهي وخبر واستفهام، بل هو معنى واحد لا ينقسم ولا يتبعض ولا يتجزأ ولا تكثر، والتقسيم إنما هو في العبارات والدلالات، فهو معنى واحد،
    إن عبرت عنه بالعربية فهو القرآن،
    وإن عبرت عنه بالعبرانية فهو التوراة، والعبرانية لغة اليهود،
    وإن عبرت عنه بالسريانية فهو الإنجيل، والسريانية لغة النصارى،
    فهو واحد والتقسيم في العبارات على حسب العبارة.
    وكونه ينقسم إلى أمر، ونهي، وخبر، واستفهام قالوا عنه: هذه صفات إضافية لذلك المعنى، وهو معنى واحد،
    فهذا المعنى صفته أنه يكون أمراً ويكون نهياً ويكون خبراً،
    كما يكون الشخص له صفات متعددة،
    فأنت واحد ولك صفات متعددة، فأنت إذا نسبت إلى أبيك فأنت ابن،
    وإذا نسبت إلى ابنك فأنت أب،
    وإذا نسبت إلى ابن أخيك فأنت عم،
    وإذا نسبت إلى ابن أختك فأنت خال، وأنت واحد: خال وعم وابن وأب، على حسب الإضافة والنسبة،
    فكذلك المعنى والقرآن، فكلام الله معنى واحد، وكونه أمراً ونهياً وخبراً واستفهاماً هذه صفات إضافية،
    وكونه توراة وإنجيلاً وقرآناً إنما هو تقسيم للعبارات التي تدل عليه.هذا هو مذهب الأشاعرة،
    وهو مذهب كثير من الأحناف، ومذهب كثير من أتباع الأئمة الأربعة من الحنابلة والشافعية والمالكية وغيرهم.
    وهذا المذهب أقرب المذاهب إلى أهل السنة، لكنه مذهب الأشاعرة،
    فهم يقولون:
    إن القرآن الموجود في المصاحف عبارة عن كلام الله عبر به جبريل أو عبر به محمد صلى الله عليه وسلم،
    وبعضهم يقول:
    إن الله تعالى اضطر جبريل ففهم المعنى القائم بنفسه فعبر عنه،
    ومنهم من يقول:
    إن جبريل أخذه من اللوح المحفوظ ولم يتكلم الله به، وهذا مذهب منتشر ملأ الأرض.
    ومذهب الكلابية والأشاعرة مبني على أن الكلام لابد من أن يقوم بالمتكلم،
    وعلى أن الرب ليس محلاً للحوادث،
    قالوا:
    فلو قلنا: إن الحروف والأصوات من كلام الله للزم من ذلك أن يكون الله محلاً للحوادث،
    والرب ليس محلاً للحوادث،
    فالحروف والأصوات حادثة تحدث، وكلما تكلم الإنسان بالحرف والصوت حدث الكلام،
    فيلزم من ذلك حدوث الحوادث في ذات الرب،
    والرب منزه عن حلول الحوادث،
    ففروا من ذلك فقالوا: الحروف والأصوات ليست من الكلام.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب الجهمية]
    المذهب السابع:
    مذهب الجهمية:
    وتحول إلى المعتزلة فنسب إليهم،
    وهو أن كلام الله ألفاظ ومعانٍ وحروف وأصوات، وهي تتعلق بمشيئته وقدرته،
    لكنه مخلوق خارج ذاته
    ، فالله تعالى خلق هذه الحروف والأصوات والمعاني خارج ذاته فنسبها إلى نفسه، فصار بها متكلماً،
    فكلام الله مخلوق من مخلوقات الله نسبه إلى نفسه للتشريف والتكريم،
    وقالوا عن تكليمه تعالى لموسى:
    خلقه في الهواء، أو في الجسم، فمن ذلك الجسم بدأ.
    فهذا مذهب الجهمية، ثم تحول إلى المعتزلة،
    فهم يقولون:
    كلام الله ألفاظ ومعانٍ وحروف وأصوات،
    لكنها مخلوقة خارج ذاته، ونسبها إلى نفسه للتشريف والتكريم،
    كما نسب الناقة إليه فقال: ناقة الله،
    والعبد إليه فقال: عبد الله، والرسول إليه، فقال: رسول الله،
    وهذا مبني على شبهة، وهي إنكار أن يتصف الله بالصفات؛ فراراً من التشبيه والتجسيم،
    فإنهم قالوا:
    لو قلنا: إن الله يتكلم والمخلوق يتكلم لصار في ذلك تشبيه وتجسيم،
    ففروا من التشبيه والتجسيم فقالوا:
    إن الكلام مخلوق خارج ذاته
    .فهذه المذاهب السبعة يقول عنها ابن القيم:
    هي الدائرة بين الناس، وفضلاء العالم لا يعرفون غيرها، وهي كلها باطلة.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مذاهب الطوائف في صفة كلام الله عز وجل

    [مذهب أهل السنة والجماعة]
    المذهب الثامن: المذهب الحق:
    وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو قول الرسل وأتباعهم الذين تلقوا هذا الباب عنهم،
    وهو أن الله متصف بالكلام،
    وأن الكلام من صفاته سبحانه وتعالى الذاتية لاتصافه به أزلاً وأبداً، ومن صفاته الفعلية،
    فهو سبحانه وتعالى يتكلم إذا شاء بما يشاء كيف يشاء؛
    لأن الكلام صفة كمال، فلا يخلو الرب من الكمال في وقت من الأوقات،
    والكلام متعلق بمشيئته وقدرته سبحانه،
    وكلام الرب بحرف وصوت يسمع،
    وهو قديم النوع حادث الآحاد،
    فنوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديماً،
    وكلام الرب صفة من صفاته،
    والرب سبحانه بذاته وصفاته بائن من خلقه ليس متحداً بهم وليس حالاً فيهم،
    وكونه سبحانه وتعالى يتكلم بمشيئته وقدرته هو من لوازم ذاته المقدسة.
    والقرآن كلام الله حروفه ومعانيه،
    وليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف،
    وأصوات العباد وحروفهم وأداؤهم وتلفظهم كل ذلك مخلوق بائن عن الله عز وجل.
    فمذهب أهل السنة والجماعة أن كلام الرب من صفاته الذاتية ومن صفاته الفعلية،
    من صفاته الذاتية لاتصافه به أزلاً وأبداً،
    ومن صفاته الفعلية المتعلقة بمشيئته وقدرته،
    والرب سبحانه لم يزل متكلماً ولا يزال؛ لأن الكلام صفة كمال،
    فلا يخلو الرب من الكمال في أي وقت من الأوقات،
    وهو يتكلم إذا شاء بما شاء كيف يشاء،
    والكلام قديم النوع حادث الآحاد،
    فنوعه قديم وإن لم يكن الصوت معيناً وقديماً،
    وهو بحرف وصوت يسمع، والرب سبحانه بائن من الخلق بذاته وصفاته،
    وكلام الرب ليس متحداً بهم وليس حالاً فيهم،
    والقرآن كلام الله حروفه ومعانيه،
    وليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف.
    هذه هي المذاهب في هذه المسألة، وتلك هي البدع في هذه الصفة العظيمة، وكلها باطلة،
    ومنها بدع كفرية كما ذكرنا،
    ومنها بدع لا تصل إلى الكفر،
    والقول الحق والقول الصواب هو قول أهل السنة.
    [ دروس فى العقيدة للشيخ عبد العزيز الراجحى]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •