تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: حقيقة " سوق عكاظ " وحكم الاحتفال به

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    510

    افتراضي حقيقة " سوق عكاظ " وحكم الاحتفال به

    [JUSTIFY]
    باحث شرعي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ( سوق عكاظ )

    من الأعياد الجاهلية

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    فهذا بحث مختصر عن ( سوق عكاظ ) تاريخه ، وحكم إحيائه ... رأيت نشره لحاجة الناس إليه في هذا الزمن ، ومن الله وحده أستمد العون والتوفيق .

    سمي بهذا الاســـم لأن العرب كانت تجتمع فيه فيتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون [1].

    مكانه :

    قال الأزر قي : وعكاظ وراء قرن المنازل بمرحلة ، على طريق صنعاء[2].

    وقال ياقوت : قال الأصمعي : عكاظ : نخل في وادٍ بينه وبين الطائف ليلة ، وبينه وبين مكة ثلاث ليال ٍ ، وبه كانت تقام سوق العرب ، بموضع منه يقال له ( الأثيداء ) ، وبه كانت أيام الفجار [3].

    وقد اختلفت آراء المؤرخين والجغرافيين في تحديد موضع ( سوق عكاظ ) .

    لكن حسم الخلاف في هذا الزمن بتحديده في مكان على طريق الطائف باتجاه الرياض على بعد 45كم تقريباً[4].

    زمانه ، ومدته :

    يكاد يجمع من كتب في ( سوق عكاظ ) أنه يبدأ في أول شهر ذي القعدة إلى العشرين منه .

    وذكر ابن عساكر عن حكيم بن حزام ررر قوله : وكنت أحضر الأسواق ، وكانت لنا ثلاثة أسواق : سوق بعكاظ يقوم صبح هلال ذي القعدة ، فيقوم عشرين يوماً ..... أ.هـ [5].

    مظاهره :

    يعتبر ( عكاظ ) سوقاً لكل البضائع المادية والأدبية ، فإضافة إلى البضائع المادية كالتمر والسمن والعسل والخمر والملابس والإبل .... فهو سوق للبضائع الأدبية ، فيأتي الشعراء بقصائدهم لتعرض على محكمين من كبار الشعراء ، معظمهم أو كلهم من قبيلة بني تميم .

    وفي عكاظ المفاخرة والمنافرة بين الناس .

    وربما قامت حروب بسبب منافرات قيلت في السوق كحرب الفٍجَار .

    ومن الممكن أن يرى زائر السوق بعض الآباء يعرض بناته للتزويج .

    وقد يحضر السوق بعض الخطباء المصاقع ، كقس بن ساعدة الإيادي .

    ودخله النبي (ص) يعرض نفسه على القبائل ليحموه فيبلغ دعوة ربه .

    أما شعاره الديني : فكان في موقع ( عكاظ ) صنم ( جهار ) لهوازن ، وكان سدنته آل عوف النصريون ، وكانت معهم [ محارب ] فيه ، وكان في سفح جبل ( أطحل ) ، وكانت هناك أيضاً صخور يطوفون بها ويحجون إليها ، وبها دماء البدن كالأرحاء العظام .

    والعرب تهل له كما تهل للحج ، ولهم تلبية خاصة حين ينسكون لجهار ، وهي ( لبيك اللهم لبيك ، اجعل ذنوبنا جبار ، واهدنا لأوضح المنار ، ومتعنا وملّنا بجهار ) .

    وعكاظ يعتبر موسماً من مواسم الحج في الجاهلية ، فكانوا يذهبون إليه قبل منى .

    قال الأزرقي : وكانوا يرون أن أفجر الفجور العمرة في أشهر الحج ، تقول قريش وغيرها من العرب : لا تحضروا سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز إلا محرمين بالحج [6].

    فتبين من ذلك أن ( عكاظ ) موسم من مواسم الحج عند العرب في جاهليتها يسبق الوقوف بعرفة ، ولأجل هذا التجمع الكبير لهؤلاء الحجاج استغل سوقاً أدبياً وتجارياً [7].

    نهاية ( سوق عكاظ ) :

    في المسألة قولان :

    الأول :

    قال الخليل بن أحمد ( ت 175 هـ ) : عكاظ اسم سوق كان للعرب يجتمعون فيها كل سنة شهراً ويتناشدون ويتفاخرون ، ثم يفترقون ، فهدمه الإسلام [8].

    وقال الجاحظ ( ت255هـ ) : ... وكانوا بقرب سوق عكاظ وذي المجاز ، وهما سوقان معروفان ، ومازالا قائمين حتى جاء الإسلام [9].

    وقال الجوهري ( ت 393 هـ ) : عكاظ : اسم سوق للعرب بناحية مكة ، كانوا يجتمعون بها في كل سنة فيقيمون شهراً ويتبايعون ويتناشدون شعراً ويتفاخرون ، قال أبو ذؤيب:
    إذا بني القباب على عكاظ وقام البيع واجتمع الألوفُ
    أي بعكاظ ، فلما جاء الإسلام هُدم ذلك [10].

    وقال ابن منظور ( ت 711 هـ ) : وهي بقرب مكة ، كان العرب يجتمعون بها كل سنة فيقيمون شهراً يتبايعون ويتفاخرون ويتناشدون ، فلما جاء الإسلام هدم ذلك [11].

    والقول الثاني :

    أن الأسواق الثلاثة ( عكاظ ومجنة وذو المجاز ) استمرت حتى خرج الحرورية فخربوها.
    وممن قال بذلك :

    الكلبي ، حيث قال : وكانت هذه الأسواق بعكاظ ومجنة وذي المجاز قائمة في الإسلام حتى كان حديثاً من الدهر ، فأما عكاظ فإنما تركت عام خرجت الحرورية بمكة مع أبي حمزة المختار بن عوف الأزدي الإباضي في سنة تسع وعشرين ومائة ، فخاف الناس أن ينهبوا ، وخافوا الفتنة ، فتركت حتى الآن ، ثم تركت مجنة وذو المجاز بعد ذلك واستغنوا بالأسواق بمكة ومنى وعرفة .[12]
    وقال البكري : واتخذت سوقاً ( أي عكاظ ) بعد الفيل بخمس عشرة سنة ، وتركت عام خرجت الحرورية بمكة مع المختار بن عوف سنة تسع وعشرين ومائة إلى هلم جرا [13].

    وسبب اندثاره بالإســلام ، أمران :

    الأول :
    أن الإسلام يمنع من إحياء مآثر الجاهلية ، وسوق عكاظ كما تقدم عيدٌ من أعياد أهل الجاهلية .

    وفي حديث ثابت بن الضحاك ررر قال " نذر رجل على عهد رسول الله (ص)أن ينحر إبلاً ببوانة [14]فأتى النبي (ص) فقال : إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة ، فقال النبي (ص)( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا ، قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا ، قال : فأوف بنذرك ، فإنه لا وفاء لنذرٍ في معصية الله ، ولا فيما لايملك ابن آدم [15]) .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فقول النبي (ص)( هل كان بها عيد من أعيادهم ؟ ) يريد اجتماعاً معتاداً من اجتماعاتهم التي كانت عيداً ، فلما قال : لا ، قال له : ( فأوف بنذرك ) ، وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر ، كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك ، وإلا لما انتظم الكلام ولا حسن الاستفصال ، ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها ، أو لمشاركتهم في التعييد فيها ، أو لإحياء شعار عيدهم فيها ، ونحو ذلك ، إذ ليس إلا مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه [16]"

    وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مسائل كتاب التوحيد : السادسة : "المنع منه ( أي النذر ) إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله " .

    قال الشيخ عبدالله الدويش رحمه الله في شرح هذه المسألة : " أي لقوله ( فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية ؟ ) ولو لم يكن ذلك مؤثراً لما حسن السؤال عنه ، ولم يفرق بين كونه موجوداً الآن أو فيما مضى [17]"

    قلت : وإحداث الاجتماع بعكاظ ، مع اللعب ، والغناء ، والبيع ، والشراء ، كما هو معمول به في هذه الأعصار ، أوضح في التشبه بأعياد المشركين ، وإحياء أعيادهم الجاهلية التي محاها الإســــــــلام .

    فإن قال قائل : إن الذين يجتمعون الآن لا يتعبدون الله كما في حديث الذي نذر أن ينحر إبلاً ببوانة .

    فالجواب : أن النبي (ص) سأله عن وجود عيد من أعياد الجاهلية ، والأعياد تجمع العبادة واللعب والاجتماع ، فإذا خلت من العبادة فلا تخلوا من الاجتماع واللعب ، وهذا حاصل في سوق عكاظ الآن .

    ثم إن النبي (ص) لما هاجر إلى المدينة وجدهم يلعبون في يومين ، فقال ( ماهذان اليومان ؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال (ص) قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر [18]) .

    ولم يذكر لأهل المدينة عبادة في هذين اليومين الجاهليين ، فدل على أن العيد قد يجمع عبادة وعادة ، وقد يختص بعادة دون عبادة .

    الثاني :
    هو أن الإسلام لما جاء اعتمد الشهور القمرية ، فصارت الشهور تدور في الفصول الأربعة ، وكانت العرب قبل ذلك يعملون على تثبيت تلك الأسواق في مواسم ثابتة من السنة لمصلحة مايجبى إلى السوق من محاصيل الزراعة والغلات والنتاج ووفاء الديون وما إلى ذلك [19].

    وهذا هو النسيء الذي ذكره الله تعالى عنهم .

    ويؤيد المقريزي هذا الرأي حيث يقول : وكان يقع حج العرب في أزمنة السنة كلها ، وهو أبداً عاشر ذي الحجة من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، فإذا انقضى موسم الحج تفرقت العرب طالبة أماكنها ، وأقام أهل مكة بها ، فلم يزالوا على ذلك دهراً طويلاً إلى أن غيروا دين إبراهيم وإسماعيل ، فأحبوا أن يتوسعوا في معيشتهم ، ويجعلوا حجهم في وقت إدراك شغلهم من الأدم والجلود والثمار ونحوها ، وأن يثبت ذلك على حالة واحدة في أطيب الأزمنة وأخصبها ، فتعلموا كبس الشهور من اليهود الذين نزلوا يثرب من عهد " شمويل " نبي بني إسرائيل ، وعملوا النسيء قبل الهجرة بنحو مائتي سنة ...الخ [20].

    نموذج من احتساب العلماء :

    قال عاتق بن غيث البلادي :

    وفي سنة 1395هـ قررت رعاية الشباب إحياء سوق عكاظ ، ودعت كبار الأدباء والكتاب إلى مؤتمر عقد في الرياض ، فقرروا الدعوة إلى مؤتمر في مكان حدد بأسفل ( شرب ) كما قدمناه ، يشترك فيه أهل الأدب والفن والتجارة ، على أن يقام كل صيف ، ومن المؤمل أن يتم ذلك في السنة المقبلة 1396هـ باسم سوق عكاظ .

    كان هذا القول أثناء تبييض هذا الجزء ، ولكن حتى الآن سنة 1401هـ لم يتبين شيء ، وقد اعترض بعض العلماء على الفكرة فجمدت ، والفكرة ليست ذات فائدة كبيرة ، وليست لها حاجة دنيوية ملحّة ، أما من الناحية الدينية فقد تحمل بذوراً سيئة .[21]

    --------------------------------------------------------------------------------
    [1] القاموس المحيط ( 2/411) .

    [2] أخبار مكة ( 1/283) .

    [3] معجم البلدان ( 4/142) وانظر الكامل لابن الأثير ( 1/359 ، 360 ) .

    [4] انظر : مواسم العرب ، لعرفان محمد حمور ( 2/790) .

    [5] تهذيب تاريخ ابن عساكر ( 4/417) .

    [6] أخبار مكة ( 1/284،285) .

    [7] ينظر : أخبار مكة ( 1/280 ) ومعجم البلدان ( 4/142 ) وتهذيب تاريخ ابن عساكر ( 4/417) وشفاء الغرام للفاسي ( 2/341) وبلوغ الأرب للألوسي ( 1/267 ) وسوق عكاظ د. ناصر الرشيد ، وأسواق العرب لسعيد الأفغاني ( ص 277 ) والموسوعة العربية العالمية ( 2/138 ) .

    [8] كتاب العين ( 1/195 ) .

    [9] الحيوان ( 7/ 215 ) .

    [10] الصحاح ( 3/1174 ) .

    [11] لسان العرب ( 7/ 447 ) .

    [12] أخبار مكة للأزر قي ( 1/ 283 ) .

    [13] معجم ما استعجم ( 3 / 959 ) .

    [14] بوانة : هضبة وراء ينبع ، وقيل غير ذلك ، معجم البلدان ( 1/505 ) .

    [15] أخرجه أبو داود ( تهذيب 4/382ح 3172 ) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : بسند صحيح ، تلخيص الحبير ( 4/180) .

    [16] اقتضاء الصراط المستقيم ( 1/442) .

    [17] التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد ( ص 82 ) .

    [18] أخرجه أبو داود رقم ( 1134 ) والنسائي ( 3/179 ) بإسناد صحيح كما في بلوغ المرام ص 99 .

    [19] انظر : مواسم العرب ( 2/955 ) .

    [20] الخطط ( 2/60) وانظر : فتاوى شيخ الإسلام ( 25/140 ) وتاريخ الجبرتي ( 1/ 3 ) .

    [21] معجم معالم الحجاز ( 6/152) .
    [/JUSTIFY]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    607

    افتراضي رد: حقيقة " سوق عكاظ " وحكم الاحتفال به

    أهلا بك أبا حماد
    طالت غيبتك ..
    ننتظر منك الجديد
    وقلَّ من جدَّ في أمر ٍ يؤملهُ **** واستعملَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

  3. #3

    افتراضي رد: حقيقة " سوق عكاظ " وحكم الاحتفال به

    بارك الله فيك بحث جميل وفي محله

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    414

    افتراضي رد: حقيقة " سوق عكاظ " وحكم الاحتفال به

    بارك الله فيك..
    ( حتى بلغ عمري فشرعت في تدبر آيات الله فهداني الله ببركة آياته...فرأيت كثيراً من مسائل مذهبي لاتوافق آيات القرآن بل أكثر رواياته تضادها كأخبار الكافي للكليني وأخبار البحار للمجلسي)
    آية الله البرقعي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •