تحت العشرين - الدنيا تدور ...لا غنى يدوم ولا فقر يبقى


مصطفى دياب



يحكى أن وائل بن حُجر الحضرمي، سليل ملوك اليمن، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلنًا إسلامه، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد قال لأصحابه قبل وصول وائل: «يأتيكم بقية أبناء الملوك».

فلما أتى وائل رحَّب به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأدناه، ثم أعطاه أرضًا نظير ما ترك خلفه من المُلك والزعامة، وأرسل معه معاوية بن أبي سفيان ليدلَّه على الأرض، وكان معاوية لا ينتعل حذاءً!

فقال معاوية لوائل: أردفني على الناقة خلفك.

فقال وائل: ليس شُحًا بالناقة؛ ولكنك لست رديف الملوك.

فقال معاوية: إذاً أعطني نعلك.

فقال وائل: ليس شُحًا بالنعل، ولكنك لستَ ممن ينتعل أحذية الملوك.

ثم أخذ الزمن يدور، وآلت الخلافة إلى معاوية، وجاء وائل إلى الشام وقد جاوز الثمانين، ودخل على معاوية، وكان جالسًا على كرسي الْمُلك؛ فنزل وأجلس وائلاً مكانه، ثم ذكَّره بالذي كان بينهما فيما مضى، وأمر له بمالٍ؛ فقال وائل: أعطه مَن أحق به مني.. ولكني وددتُ بعد ما رأيت من حلمك لو رجع بنا الزمان لأحملك يومها بين يديَّ.

لا غنى يدوم، ولا فقر يبقى.. اقتصد في علاقاتك وتعاملاتك، فالدنيا تدور لتقف بك يومًا عند الحدث نفسه، وكن محسنًا وحليمًا حتى مع من أساؤوا إليك.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون

مركز الاتصالات في الإنسان هو «المخ»، ففيه ألف مليون خلية عصبية، ومن كل هذه الخلايا أسلاك (تُسمى الأنسجة العصبية)، تنتشر في سائر الجسم، وفي هذه الأنسجة يجري استقبال وإرسال للأخبار بسرعة (70 ميلاً في الساعة)،

وهناك (3000 شُعيرة عصبية)، في كل منها سلك خاص متصل بالمخ، وبواسطة هذه الشُعيرات تحس بالمذاقات {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}.

قال بعض العلماء: لو أردنا صناعة مخ مثل مخ الإنسان لاحتجنا إلى مدينة في حجم مدينة القاهرة ممتلئة بالآلات والأجهزة لإنتاج هذا المخ، ولن يخرج بهذه الجودة.

فمن الذي أوجد ذلك في الإنسان؟ ومن الذي أتقن صنعه بهذه الصورة؟ إنه الله {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}.

حق المعلم


احترام المعلم هو حقّ من حقوقه الأخلاقية التي يتوجّب على الطالب أن يتعلّمها منذ صغره من خلال أهله؛ وإلاّ ستتخلخل وتهتزّ صورة المعلم في نظر طالبه، فينشأ ويتربّى على عدم تقدير الأشخاص عموما، فكيف لطالب أن ينهل من علم ومعرفة معلمه إذا كان لا يحترمه ولا يُقدر مكانته. فعلى الأهل احترام المعلم وتقديره أمام أولادهم؛ لأنّ الطلاب يقلّدون أهلهم في العادة، وإذا حصل موقف ما، يعالج بطريقة ذكية ليس بالضروري أمام الطالب. وهناك أمور عدة يجب أن يُراعيها كل طالب مع معلمه منها: الاستماع إلى المعلم، وعدم مقاطعته، والتحاور معه بأسلوب راقٍ، وبصوت منخفض، وعدم مجادلته، وأن ينظر إليه بوجهه.

حسن الخلق


عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «تَقْوَى اللهِ وَحُسنُ الخُلُقِ»، قال ابن القيم: جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين تقوي الله وحسن الخلق؛ لأن تقوى الله يصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه، فتقوى الله توجب له محبة الله، وحسن الخلق يدعو الناس الي محبته، وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ»، وعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا».

في ظل العرش

قال النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ «.. فاجتهد وكن واحدًا من السبعة.

حُكم القَزَع


عن نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ القَزَعِ». قيل لِنَافِعٍ: وَمَا القَزَعُ؟ قَالَ: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ. رواه البخاري ومسلم

من بدائع ابن القيم


رأت فأرة جملاً فأعجبها، فجرت خطامه فتبعها، فلمَّا وصلت إلى باب بيتها وقف الجمل متأملاً صغر الباب؛ فنادى الجمل قائلاً: إمَّا أن تتخذي دارًا تليق بمحبوبك، أو محبوبًا يليق بدارك؟

علَّق ابن القيم على ذلك قائلاً: «وهكذا أنت.. إمَّا أن تصلي صلاة تليق بمعبودك، وإمَّا أن تتخذ معبودًا يليق بصلاتك!».



جوجل


إن (جوجل وبعض مواقع التواصل الاجتماعي) تُحصِي أعمال المراهق وذكرياته من سنوات وتعيدهما، فكيف بالخالق -سبحانه؟! {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ}.

هل تعلم أن جوجل يحتفظ بالمواقع التي دخلتها وإن مسحتها؟ فكيف بما عند الله؟! {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ}.

إن جوجل يمكنه أن يُعيد على المراهق ذكرياته وأعماله من سنوات؛ فكيف بالخالق علام الغيوب؟! {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.



ذئب داعية



عَدَا ذئبٌ على شاةٍ فأخذها؛ فطلبه الراعي (واسمه أُهبَان بن أوْس) فانتزعها منه، فأقْعَى الذئب على ذَنَبِهِ وقال للراعي: ألا تتقي الله؟ تَنْزع مني رزقًا ساقه الله إليَّ؛ فقال أُهبان: يا عَجَبِي، ذئبٌ مُقعٍ على ذَنَبِه يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب: ألا أُخبرك بأعجب من ذلك، محمد - صلى الله عليه وسلم - بـ(يَثْرِبَ) يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، فأتى أُهبان إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر وأسلم.

تأمل.. حتى الحيوان يعبد ربَّه؛ بل ويدعو إليه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.