تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: فرقين بسيطين بين أهل السنة والجماعة و غيرهم من الفرق و الأديان

  1. #1

    افتراضي فرقين بسيطين بين أهل السنة والجماعة و غيرهم من الفرق و الأديان

    إن المتمعن في حال الفرق و الأديان المختلفة يجد أن هناك خاصيتان تميزان أهل السنة و الجماعة عن غيرهم قد يغفل عنهما أغلب الناس ألا و هما؛

    الأولى هي عدم التعلق بالأشخاص مهما علا شأنهم و في هذا تعظيم للخالق جل و علا حيث أن الإنسان مهما بلغ شأنه و علت مرتبته و خصه الله بخصائص أو مميزات مثل النبوة فإنه يظل إنسانا لا سبيل لمقارنته بالخالق فلا عالم و لا نبي و لا ملك يرقون إلى مرتبة الله تعالى الله علوا كبيرا. و قد تكلم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عن هذا و بينه أفضل بيان في كتابه مسائل الجاهلية إلى جانب ما يزيد عن مائة مسألة أخرى خالف فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية.

    الثانية هي قيام عقيدتنا على الحب بينما تقوم أغلب العقائد الأخرى على الكراهية فنحن لا نكره عيسى ولا نكره رسالته بينما يكره النصارى محمدا و ما جاء به من الحق و نحن لا نكره عليا و لا آل البيت بينما يكره جل الرافضة أبو بكرا و عمرا و غيرهما من الصحابة. كذلك أهل السنة لا يحسدون أحدا بل هم محسودون من كل الأديان و الفرق الأخرى على ما أتاهم الله من فضله، بينما هم يريدون الخير لجميع الناس بدون أي تكبر أو إستعلاء. و الحمد لله رب العالمين.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: فرقين بسيطين بين أهل السنة والجماعة و غيرهم من الفرق و الأديان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسين إبن عبد الله مشاهدة المشاركة
    قيام عقيدتنا على الحب بينما تقوم أغلب العقائد الأخرى على الكراهية
    إن الكراهية؛ تطلق ويراد بها معنيان:
    المعنى الأول: عدم الحب، من غير ظلم ولا اعتداء.
    فالكراهية، أو عدم الحب – ما دام لم يترتب عليها ظلم لأحد ، ولا عدوان على أحد ، ولا بغي على أحد - ليس جريمة، ولا خلقا سيئا؛
    فكل العقلاء متفقون على أنه لا يحق لأي شخص أن يلزم غيره بحبه؛
    لكن له الحق الكامل في أن يطالب غيره بكف ظلمه وعدوانه.
    وهذه الشعور بالكراهية الدينية – في الله ، ولأجل الله - ، والبراءة ممن كفر بالله ، وعاداه : ليست غاية في نفسها؛ وإنما شرع ذلك ،
    لما فيه من المصلحة العظيمة؛
    فهو يحقق الإيمان ويكمّله، ويظهر هذا من وجهين:
    الوجه الأول: أن في عدم حب من يعارض الحق، دليلا على استقامة التفكير، وعلى صحة الاعتقاد وعدم النفاق؛ لأن المتقرر عند العقلاء أن الشخص لا يمكن أن يحب شيئا ما حبّا صادقا، وفي الوقت ذاته يحب نقيضه، فإن أحب نقيضه؛ فسبب هذا هو عدم الصدق في حب ذلك الشيء، فالنصراني الذي يحب ويحترم مريم عليها السلام، احتراما صادقا، لا يمكن في الطبع البشري والفطرة السليمة: أن يحب من يتهم مريم عليها السلام بالفاحشة؛ ولا يحب من أراد قتل المسيح عيسى عليه السلام.
    فكذلك من صِدْق إيمان المسلم، وكماله وعدم نقصانه، وهو يقرأ قول الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ الصمد /1 - 4 :
    ألّا يجتمع مع هذا الإيمان حبّ من يكذّب هذا النص القرآني، ويزعم أن لله ولدا، أو شريكا في الخلق أو العبادة.
    والمسلم الذي يصْدُق في حبه لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ حديث: لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ رواه البخاري (15) ومسلم (44).
    لا يصح ولا يعقل أن يحب في ذات الوقت ، من يكذِّب محمدا صلى الله عليه وسلم ، وينسب إليه الكذب وغيره من التهم الشنيعة، وهكذا سائر شرائع الإسلام.
    الوجه الثاني: أن من طبع الإنسان ، إذا أحب شخصا : أن يتجاوز عن أخطائه ولا يستعظمها ، بل يبحث لها عن مسوغ، وربما مع الوقت يشاركه فيها؛ فلذا نُهِي المسلم عن حب أهل الكفر؛ حتى ينجو من ضلالهم، ويتركز في قلبه تعظيم أوامر الله ونواهيه، فيحفظ الحق في نفسه؛ وينصح الناس به.
    ومما يظهر كمال الإسلام في تشريعه لعدم حب المخالفين للحق؛ أنه حث مع عدم الحب هذا بالرحمة.
    قال الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ الأنبياء /107 .
    قال المفسر ابن كثير رحمه الله تعالى:
    " يخبر تعالى أن الله جعل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلهم، فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة، سعد في الدنيا والآخرة، ومن ردها وجحدها، خسر في الدنيا والآخرة...
    وقال مسلم في صحيحه ... عن أبي هريرة قال: ( قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: إني لم أُبعث لعانا، وإنما بُعثت رحمة ). " انتهى. "تفسير ابن كثير" (5 / 385).
    هذه الرحمة التي تدفع المسلم إلى بذل جهده في الرأفة بالناس ولو كانوا غير مسلمين.
    كما قال الله تعالى واصفا المؤمنين: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا الإنسان/5 – 9 .
    وحين نزلت هذه الآية كان أسرى المسلمين من الكفار فقط، ورغم ذلك مدح الله المسلمين الذين يطعمون هؤلاء الأسرى ، وجعل هذا الإطعام من الحسنات التي تدخل الجنة.
    ومن هذه الرأفة حب الهداية لهم.
    عن سَهْل ابْن سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَوَاللهِ! لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ رواه البخاري (3009) ومسلم (2406).

    وأما المعنى الثاني للكراهية: وهو البغض الذي يدعو إلى الاعتداء والظلم: ديننا أعظم الدين كله براءة منه ، ونهيا عنه ، وتحذيرا من الوقوع في شيء منه .

    قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ ، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ النحل (125 - 126).
    وقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النحل/90 .
    وقال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ المائدة/8 .
    قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي:
    " وفي هذه الآية دليل صريح على أن الإنسان عليه أن يعامل من عصى الله فيه؛ بأن يطيع الله فيه.
    وفي الحديث: ( أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك ).
    وهذا دليل واضح على كمال دين الإسلام، وحسن ما يدعو إليه من مكارم الأخلاق، مبين أنه دين سماوي لا شك فيه " انتهى، من "أضواء البيان" (2 / 8 – 9).
    وقال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ الممتحنة/8 .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    " الْعَدْلُ وَاجِبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ ، عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ، فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ .
    وَالظُّلْمُ لَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنْهُ بِحَالِ . حَتَّى إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، أَنْ يَعْدِلُوا عَلَى الْكُفَّارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ( كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) . وَالْمُؤْمِنُون َ كَانُوا يُعَادُونَ الْكَفَّارَ بِأَمْرِ اللَّهِ ، فَقَالَ تَعَالَى [مُبَيِّنًا] : لَا يَحْمِلُكُمْ بُغْضُكُمْ لِلْكُفَّارِ ، عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ ؛ بَلْ اعْدِلُوا عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى." انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/339) .
    ****************
    شبهة ان الاسلام يدعوا الى الكراهية- بقلم ايهاب كمال احمد
    يقول أعداء الإسلام: إن الإسلام يدعو لكراهية الآخرين وبُغضِهم، ويجعل من عداوة الآخر أساسًا من أسس العقيدة الإسلامية، وهذا يقدح في كونه دين التسامح والمحبة، ويقدح في كون الجهاد هدفه الهداية للناس. الرد على الفرية: إن هذه الفرية تراجَعَ أمامها الكثير من المنتسبين إلى الإسلام، وأسرعوا في نفيها وكأنها تهمة باطلة وإفك مفترى، فما أنصَفوا في رد هذه الفرية، ودفعوا الباطل بمثله. والصحيح أن هذه الفرية قد اشتملت على حق أريد به باطل، فمِما تمهد في كليات الشرع أن بُغْضَ الكافر ومعاداته أصل عقدي مِن أوثَقِ عُرى الإيمان؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَن َّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4]. وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [الممتحنة: 1]. وقال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]. وقال تعالى: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28]. وعن ابن مسعود قال: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا بن مسعود!))، قلت: لبيك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالها ثلاثًا: ((تدري أيُّ عرى الإيمان أوثق؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن أوثق عرى الإسلام الولاية فيه، الحب فيه والبغض))
    فبُغض الكفار وعداوتهم أصل من الأصول العقدية التي دلَّت عليه الكثير من نصوص الكتاب والسنة. ولكن حتى يتَّضح وجه الحق كاملاً في هذا الأمر؛ لا بد من التنبيه على الأمور التالية: أولاً: إن الإسلام يقوم على العدل في كل شيء، وإعطاء كل ذي حق حقه، حتى في المشاعر القلبية لا بد من العدل والإنصاف، فهل يقول منصف: إن علينا أن نحب من كفر بالله ورسوله وكتابه ودينه؟ هل من العدل أن نعطي محبتنا لمن يسبُّ مقدساتنا، ويطعن في ديننا، ويزعم أن خير البرية صلى الله عليه وسلم مُفترٍ كذَّاب؟ وهل من العدل أن يستوي المؤمنون والكفار في أصل المحبة؟ ثانيًا: إن من قواعد هذا الدين العظيم تهذيب المشاعر الإنسانية بحيث تسمو عن النزعات الشخصية، فالحب يكون في الله والبغض يكون في الله، فيجب محبة أولياء الله وتوليهم بما يستحقون، ويجب بغض أعداء الله ومعاداتهم بما يستحقون، وهذا من تمام العبودية لله ومن تمام محبته عز وجل، وإلا فكيف ندعي محبة الله ونحن نحب أعداءه، ونود الكافرين به؟! ثالثًا: إن بغض الكفار لا يعني رجاء الشر لهم وتمني وقوع العذاب الأليم بهم، بل على العكس ففي ذات الوقت الذي نكنُّ فيه مشاعر البغض للكافرين، فنحن نحب لهم الخير ونتمنى لهم الهداية، ونعدُّ هداية رجل واحد خيرًا من الدنيا وما فيها. ولذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب قبل أن يغزو قومًا فقال: ((ادعُهم إلى الإسلام، وأخبِرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يُهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم))
    فإذا تابوا إلى الله ودخلوا في دين الإسلام، فهم إخواننا، لهم من المحبة والود والموالاة ما للإخوة والأحباب؛ ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 11]. فليس البغض والعداء لهوى أو نزعة شخصية، أو غضبة للنفس؛ وإنما هو تمام الولاء لله وكمال المحبة له سبحانه. رابعًا: إن هذا البغض والعداء لا يكون مبرِّرًا أبدًا لظلم الكافرين وهضم حقهم، بل نحن مأمورون بالعدل فيهم مهما كانت مشاعر البُغض والعداء؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]. وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن رواحة إلى يهود خيبر لتقدير الخراج - وكان مُسترضَعًا فيهم - ففرحوا به وقالوا: مرحبًا بك وبمن جئت من عنده، كيف أنت وكيف صاحبك الذي تركت وراءك؟ فقال: أما أنا فصالح، وأما صاحبي فوالله لهو أحب إليَّ من نفسي التي بين جنبيَّ، ولأنتم أبغض إلي من عددكم من القردة والخنازير. قالوا: فكيف تعدل علينا؟ قال: لن يَحملني حب صاحبي على أن أجور له عليكم، ولا يحملني بغضي إياكم ألا أعدل عليكم. قالوا: بهذا قامت السموات والأرض. فطاف في النخل ونظر، فقال: إن شئتم أن أكيل لكم كذا وكذا، ولنا الحطب وسواقط النخل، قال: ففَرحوا بذلك وقَبِلوه، ثم كالوا التمرة فلم يجدوها نقصت شيئًا مما خرص ولا زادت.
    خامسًا: إن هذا البُغض والكره ليس حاجزًا للمسلم من بر الكفار من غير المُحاربين، وليس مانعًا من معاملتهم بالحسنى، والتخلق معهم بخلق الإسلام الكريم، والعمل على تأليف قلوبهم وتقريبهم من الإسلام والمسلمين؛ قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
    ********************
    قيام عقيدتنا على الحب
    عقيدتنا تقوم على الولاء والبراء
    والولاء والبراء معناه محبة المؤمنين وموالاتهم وبغض الكافرين ومعاداتهم والبراءة منهم ومن دينهم
    هذا هو الولاء والبراء
    كما قال الله سبحانه في سورة الممتحنة: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ الآية.
    وليس معنى بغضهم وعداوتهم أن تظلمهم أو تتعدى عليهم إذا لم يكونوا محاربين،
    وإنما معناه أن تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك ولا يكونوا أصحابا لك،
    لكن لا تؤذيهم ولا تضرهم ولا تظلمهم فإذا سلموا ترد عليهم السلام وتنصحهم
    وتوجههم إلى الخير كما قال الله عز وجل: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ الآية.
    وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وهكذا غيرهم من الكفار الذين لهم أمان أو عهد أو ذمة، لكن من ظلم منهم يجازى على ظلمه،
    وإلا فالمشروع للمؤمن الجدال بالتي هي أحسن مع المسلمين والكفار مع بغضهم في الله للآية الكريمة السابقة..." انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 246).

    وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما هو الولاء والبراء؟
    الجواب: البراء والولاء لله -سبحانه- أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه كما قال -سبحانه وتعالى-: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُؤا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً) (الممتحنة: من الآية4) وهذا مع القوم المشركين كما قال -سبحانه-: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (التوبة: من الآية3) ؛
    فيجب على كل مؤمن أن يتبرأ من كل مشرك وكافر. فهذا في الأشخاص.

    وكذلك يجب على المسلم أن يتبرأ من كل عمل لا يرضي الله ورسوله ،
    وإن لم يكن كفراً، كالفسوق والعصيان، كما قال - سبحانه-: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (الحجرات: من الآية7)" انتهى من "فتاوى أركان الإسلام"، ص183

    وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في "شرح نواقض الإسلام" ص158:
    "الشيخ رحمه الله تعالى أخذ نوعاً واحداً من أنواع موالاة الكفار، وهو المظاهرة، وإلا فالمولاة تشمل المحبة بالقلب، والمظاهرة على المسلمين، والثناء والمدح لهم، إلى غير ذلك، لأن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين معاداة الكفار، وبغضهم، والبراءة منهم، وهذا ما يسمى في الإسلام بباب الولاء والبراء" انتهى.
    **********
    النفس السوية تبغض الجريمة وتبغض فاعلها وكلما كانت الجريمة أفدح وأشنع كانت العداوة والبغض أشد وأعظم, ومن المعلوم أنه لا جريمة أكبر من الكفر بالله تعالى والشرك به وادعاء الند له لا سيما جريمة النصارى الذين سبوا الله تعالى مسبة ما سبها أحد من العالمين حتى قال الله تعالى عن جريمتهم: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا {مريم: 88ـ 89}. وقوله: شيئا إدا ـ أي منكراً عظيماً، قال الجوهري: الإِدّ والإِدّة الداهِية والأمر الفظيع.والأسباب الموجبة لبغض النصارى واليهود كثيرة,
    فأما النصارى فقل ما شئت في طائفة أصل عقيدتها: أن الله ثالث ثلاثة، وأن مريم صاحبته، وأن المسيح ابنه، وأنه نزَلَ عن كرسي عظمته والتحم ببطن الصاحبة، وجرى له ما جرى إلى أن قتل ومات ودُفِنَ، فدِينُها عبادة الصلبان، ودعاء الصور المنقوشة بالأحمر والأصفر في الحيطان، يقولون في دعائهم: يا والدة الإله ارزقينا واغفري لنا وارحمينا! فدينهم: شرب الخمور، وأكل الخنزير، وترك الختان، والتعبد بالنجاسات، واستباحة كل خبيث من الفيل إلى البعوضة، والحلال ما حلله القس والحرام ما حرَّمه، والدين ما شرعه، وهو الذي يغفر لهم الذنوب وينجيهم من عذاب السعير، وأما اليهود فتلك لأمة الغضبية، أهل الكذب، والبُهت، والغدر، والمكر، والحيل، قتلة الأنبياء وأكلة السُّحْت ـ وهو الرِّبا والرِّشا ـ أخبث الأمم طوية، وأرداهم سجية، وأبعدهم من الرحمة، وأقربهم من النقمة عادتهم البغضاء، وديدنهم العداوة والشحناء، بيت السِّحر، والكذب، والحيل، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم حُرْمة، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفقة، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة، بل أخبثهم: أعقلهم، وأحذقهم: أغشّهم، وسليم الناصية ـ وحاشاه أن يوجد بينهم ـ ليس بيهودي على الحقيقة، أضيق الخلق صدورا، وأظلمهم بيوتا، وأنتنهم أفنية، وأوحشهم سجية، تحيتهم: لعنة، ولقاؤهم: طيرة شعارهم الغضب، ودثارهم المقت. نقلا من الإبطال لنظرية الخلق بين الأديان للعلامة بكر أبو زيد رحمه الله بتصرف.

    ولو أن أحدا من دعاة التسامح سبه سابٌ وأقذع له في السب لأبغضه ونسي تسامحه المزعوم، فكيف يسب الله تعالى ويعصى بتلك العظائم ثم يدعو داع بعد ذلك بعدم كراهية فاعليها وأن الإسلام جاء بالتسامح ولعمر الله إن الإسلام بريء من هذا التسامح المزعوم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •